ضريبة الكربون مبالغ بقيمتها
 تشوهوري وسوندارام تشوهوري وسوندارام

ضريبة الكربون مبالغ بقيمتها

وفقاً للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، يجب تخفيض الانبعاثات بمقدار 45% مقارنة بمستويات ما قبل 2010، وذلك بحلول 2030 لتحديد درجة ارتفاع الحرارة بـ 1.5 درجة مئوية مقارنة بـ 2.7 درجة المتوقعة.

ترجمة : قاسيون

الدول اليوم تحت الضغط للالتزام بانبعاثات صفرية للكربون بحلول 2050. لكنّ الانبعاثات من حرق الفحم والغاز هي في أعظم مستوى لها منذ 2019، واستخدام النفط العالمي يتوقع أن يزداد لتلبية حاجة النقل بعد الإغلاقات. باختصار، نحن أبعد ما يكون عن الوصول إلى صفر انبعاثات بحلول 2050.

في مؤتمر المناخ في غلاسكو يتم الترويج لتسعير الكربون باعتباره الوسيلة الرئيسية لخفض انبعاثات الكربون وغيره من غازات الاحتباس الحراري. السياسيون والأعمال يضغطون تجاه تسعير الكربون، مدعين بأنّ ذلك «فاعل وعادل». لكنّ النقاشات حول كيفية توزيع الإيرادات التي يتم جمعها على هذا النحو بين البلدان نادرة، ناهيك عن دعم جهود التكيف والتلطيف في البلدان الفقيرة.

يفترض بتسعير الكربون أن يعاقب ملوثي البيئة بتحميلهم أعباء اقتصادية. لكن لا أحد يتحدث عن التعويض الذي سيحصل عليه الفقراء الذين سيتحملون العبء المادي لتغيّر المناخ، مثل الطقس المتطرف، والجفاف، وارتفاع مستوى المحيطات. ولهذا فالدول الفقيرة متشككة، وهي محقّة بذلك بالنظر إلى أنّ الدول الغنية فشلت بالوفاء بوعودها بتقديم 100 مليار دولار سنوياً لدعم وسائل تخفيف تغير المناخ واستعادة البيئة.

 

وعود كاذبة

 إذا وضعنا تعويض الفقراء جانباً، فلن يساهم التسعير بتخفيف الانبعاثات إلا بنسبة أقلّ من 2% سنوياً. وحتّى هذه النسبة الضئيلة لن ترهق الأعمال وتدفعهم لاعتماد وسائل صديقة للبيئة أكثر، حيث إنّ الكثير من هذه الأعمال غير قادر ولا راغب بتغيير الاعتماد على الطاقة الأحفورية، وهم قادرون بسهولة على تمرير عبء ضرائب الكربون على غيرهم.

كما أنّ نسبة 22% من الانبعاثات الملوثة سيغطيها تسعير الكربون، بوسطي 3 دولار للطن! فقد ضمنت شركات الوقود الأحفوري القوية عدم محاولة فرض تسعير كربون مرتفع كفاية للابتعاد عن الطاقة الأحفورية. يقوض هذا، وبضعة عوامل متممة مشابهة، أيّ أثر لتسعير الكربون، حتّى لو كانت آثاراً هامشية.

مشكلة تسعير الكربون الأخرى أنّها تغطي على فشل النظام القائم، وتحاول الإيحاء بأنّ هناك حلول سوقية للمسألة المناخية، ولا تتعامل مع الأمر بوصفه تهديداً طارئاً للبشرية. يحاول نخب الأعمال والسياسيون المرتبطون بهم الإيهام بأنّهم عبر التسعير يقدمون حلاً عملياً، وذلك بدلاً من نهج سياسي يضع مصلحة البشر قبل مصلحة الربح.

 

لنعد للفقراء

أظهر تقرير استطلاعي للأمم المتحدة بأنّ ضريبة كربون موحدة ستؤدي لإرهاق الدول النامية أكثر من تأثيرها على الدول المتقدمة بكثير. وأنّ ضعف الأنظمة الضريبية في الدول الفقيرة، وعدم قدرتها على المساومة في متطلبات التلويث مع المستثمرين الأجانب، وقدرة الدول الثرية على التهرّب من مسؤولياتها، ستعني في التطبيق العملي أنّ أيّ وعود بترميم البيئة لن تكون أكثر من خطط غير منفذة.

كما أنّ الاستثمار في وسائل الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والمائية والرياح في الدول الفقيرة سيحتاج إلى دعم هائل من الدولة، الأمر الذي لن تتمكن معظم الدول الفقيرة ذات القدرات المالية الضعيفة على تحمله، ولن تكون ضريبة الكربون إلّا زيادة في إرهاق هذه الدول التي تعتمد على الدول المتقدمة في تنشيط اقتصاداتها دون خطط ناجحة للتحوّل عن هذا النمط، هذا عدا عن الجدال العلمي والشكوك حول مدى «نظافة» و«استدامة» التكنولوجيات الحالية للطاقة الشمسية والريحية.

ربما يمكن لضريبة الكربون أنت تساهم بنسبة ما من تخفيف تلوث البيئة والشق البشري المنشأ من تغيّر المناخ، إذا تم تغيير التعامل الحالي معها، بحيث يجب اعتبارها شيئاً متمماً للحلول الرئيسية، لا أن تعتبر كأنها «الحل الوحيد». علاوة على أنّ الاقتراحات الحالية يجب استبدالها بتفاصيل ضريبة كربون ذات أثر أكبر. من المقترحات مثلاً أن تكون الضريبة بمقدار 75 دولار للطن، وأن يتم تخصيص إيراداتها، إضافة لـ 500 مليار دولار سنوية، لترميم البيئة ودعم الحلول المستدامة.

لكن حتّى هذه الإجراءات ستؤدي فقط لتقليص الانبعاثات بحيث تبقى درجة حرارة الكوكب أدنى من 2 درجة مئوية، ولكنّها لن تكون كافية للوصول إلى 1.5 درجة التي هي الهدف المُعلَن لمؤتمر باريس للمناخ. لهذا فضريبة الكربون مبالغ بقيمتها وجدواها كـ«حلّ» للمسألة.

 

بتصرّف عن: Carbon tax over-rated