وفقاً لـ«قيصر»: التعليم ليس قضية إنسانية!
مرت قرابة ستة أشهر منذ دخول ما يسمى بـ "قانون قيصر" حيز التنفيذ، وتدهورت الظروف المعيشية للسوريين العاديين إلى مستويات كارثية وبسرعة أكبر خلال الأشهر القليلة الماضية...
في الوقت نفسه، تواصل الولايات المتحدة وبعض أنصار قيصر، وأنصاره من السوريين بالطبع، الاحتفاء بالقانون والعقوبات التي يفرضها الغرب بشكل عام. يواصل هؤلاء "المعجبون" بالعقوبات، الدفاع عنها على أساس عدم وجود آثار ضارة على المدنيين، ودليلهم الوحيد هو أن الولايات المتحدة والغرب يقولان ذلك، لأن هناك "استثناءات إنسانية" من هذه العقوبات، وهي "ذكية" من حيث أنها مصممة بحيث لا يكون لها تأثير كبير على المدنيين.
لقد تطرقنا إلى هذا الموضوع في مقال سابق (هل هنالك أي معنى لما يسمى «الإعفاءات الإنسانية من العقوبات»؟)، والذي تناول بالتحديد "الإعفاءات الإنسانية" لقانون قيصر، وكيف يجري تحميل عبء إثبات إنسانية «المساعدات الإنسانية» على من يقدمونها، مما يدفع بمعظم المنظمات ومقدمي الخدمات إلى وقف المساعدة بدلاً من المخاطرة بتلقي العقوبة لـ«خرقهم» القانون.
Preply مثالاً
في ظل كورونا، فإنّ مسألة التعليم عن بعد (عبر الانترنت)، باتت اتجاهاً أساسياً تدفع نحوه مختلف الدول. وبات التعليم عن بعد بشكل أو بآخر، أحد أدوات التعامل مع الوباء، مما يعني أنّه ينبغي أن يكون مستثنى من العقوبات لسببين لا لسبب واحد، من جهة بوصفه أحد أدوات الحد من الوباء، ومن الجهة الأخرى (وقبل الوباء حتى)، فإنّ التعليم هو أحد الملفات الإنسانية الأساسية، وأحد الحقوق الإنسانية التي تثبتها مختلف الشرائع الدولية بما فيها ميثاق حقوق الإنسان وميثاق الأمم المتحدة.
رغم ذلك كلّه، ورغم مناشدات الأمم المتحدة للدول الغربية أن ترفع عقوباتها أو تخفضها في ظل كورونا، إلا أننا نستمر في رؤية أمثلة وقحة عن حقيقة «الإعفاءات الإنسانية» التي يأخذها «قيصر» بعين الاعتبار.
إحدى الشركات الأمريكية التي تقدم منصة للتعليم عن بعد، واسمها Preply، منعت مواطنة سورية تقيم في إسبانيا من استخدام منصتها، فقط لأنها سورية!
ضمن أسباب الرفض التي قدمتها الشركة، والموجودة في لائحة شروط الخدمة الخاصة بها، ما يلي:
- من أجل الامتثال لقوانين الولايات المتحدة، لا يُسمح لـ "Preply" بالشراكة مع مواطنين من البلدان التالية: إيران والسودان وشبه جزيرة القرم وكوبا وسورية وكوريا الشمالية.
الدول المذكورة أعلاه دول محظورة أو خاضعة للعقوبات، وكما هو الحال مع سورية، من المفترض أن تكون لديها بعض الإعفاءات. على الأقل في حالة سورية، علمنا وسمعنا مسؤولين أمريكيين ومشجعين سوريين للأمريكيين، يتباهون بكيفية ضمان العقوبات المفروضة على سورية لعدم تأثر المدنيين بها، وتضمنها لإعفاءات إنسانية. ومع ذلك، بناءً على الرسالة أعلاه، يمكن حرمان أي شخص سوري، حتى لو لم يكن يعيش في سورية، من إمكانية التدريس عبر الإنترنت بناءً على العقوبات المفروضة على سورية.