في الرياض: بين الاستجداء والابتزاز!
امتد لقاء الرياض التشاوري بين منصات المعارضة الثلاث على يوم واحد هو الإثنين الماضي، 21 آب. ورغم قصر اللقاء وانتهائه منذ أسبوع، إلا أن الأقلام لم ترفع بعد والصحف لم تجف؛ إذ لا يزال ما جرى هناك محلاً لنقاش إعلامي وسياسي…
أولى النقاط التي تم حسمها وتوضيحها بشكل كامل -بعد أن كانت محل التباس إعلامي- هي أنّ لا علاقة نهائياً بين لقاء الرياض التشاوري بين المنصات الثلاث، وبين "مؤتمر رياض2" الذي تحضره منصة الرياض كشأن داخلي يهدف إلى إعادة ترتيب أوراقها وهياكلها.
النقطة الثانية التي توضحت، هي أن تطوراً قد طرأ على الموقف السعودي من الأزمة السورية؛ ظهر هذا التطور على لسان وكيل وزارة الخارجية السعودية السيد عادل درار الذي طلب من المعارضة مراعاة المتغيرات ووافق على طرح منصة موسكو القائل بأن 2254 هو أساس الاتفاق بين المنصات، بل ووافق أيضاً على اقتراح "الصمت الإعلامي" حول مسألة مصير الرئيس السوري وصولاً للمفاوضات المباشرة.
بدا لافتاً جداً، أن بين متشددي الهيئة العليا للتفاوض، من استخدم وضمن اللقاء مع السيد درار، منطقاً غريباً في التعاطي مع التطور في الموقف السعودي؛ حيث جرى طرح موقف محدد من إيران يؤكد أن "السوريين سيستمرون بمقاومة المشروع الطائفي الفارسي… إلخ". ولمن يقرأ بين السطور، فإنّ معنى توجيه هذا الكلام للسعوديين في هذه اللحظة، يتراوح بين حدين: الاستجداء والابتزاز!
بمقابل هذا الكلام كان موقف منصة موسكو واضحاً، بأنها مع خروج كل غير السوريين من سورية وفقاً لحل سياسي يطبق القرار 2254، وأن منصة موسكو لا تقبل نهائياً بأن تكون الأرض السورية ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية وأن يكون الدم السوري ثمناً لتلك الحسابات.
بكلام آخر، فإنّ مجموعة من المتشددين ضمن منصة الرياض لم يكتفوا بتعطيل إمكانية التوافق عبر إصرارهم على الشروط المسبقة وعلى مخالفة 2254 ضمن منطق انقلابي ليس له أي أساس واقعي، حتى مع افتراض قبول الآخرين به، بل زادوا على ذلك بالذهاب نحو الحدود القصوى في التطرف والابتزاز، وتعويلهم فيما يبدو هو على بعض الوعود الإقليمية التي لن تثمر شيئاً.
مع ذلك، فإنّ جملة التفاعلات التي تلت الحدث، بينت أن هنالك تياراً عقلانياً ضمن منصة الرياض مستعد للتكيف ويهتم جدياً لإنهاء كارثة الشعب السوري، وهذا التيار هو من سيتعزز في أي تغيير لاحق ضمن منصة الرياض. كما بينت أهمية ومركزية دور منصتي موسكو والقاهرة ضمن المعارضة السورية وفي تأريض النزعات المتشددة المخالفة للقرار 2254
ربما تكون الفكرة الأكثر أهمية التي تثبتت بعد اجتماع الرياض، هي أن ساحة جنيف هي الساحة المركزية للحل السياسي، وأي محاولات لتعميد أجسام جديدة أو إطارات جديدة ستكون بلا جدوى، فالممر الوحيد لتشكيل الوفد الواحد هو عبر جنيف، حتى وإن جرى التحضير لذلك في أماكن أخرى.
مهند دليقان
رئيس وفد منصة موسكو