عصام حوج
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
التاريخ بما فيه من تجارب مرت بها البشرية هو«أم العلوم»، ويحدث أن يصبح حدث ما في التاريخ تحولاً، وقفزة، تختصر الزمن إذا توافقت مع التطور الموضوعي، مع رغبة البشر، ومصالحهم.
ولكن يحدث أن تُدفن الحقيقة التاريخية، أو تُوأد، أو تذبح، ويسفك دمها، خاصة عندما يتم التوثيق والتأريخ على يد الدجالين، والمشعوذيين الليبراليين، عندما يكون «فقه رأس المال» هو السائد، أي عندما تسود «ثقافة الدراكولا»!؟
بغض النظر عن تعدد المقاربات، واختلاف المواقف والمواقع، يكاد الجميع أن يكون متفقاً بأن ملحمة «عين العرب» هي فعل استثنائي، بعد أن أعادت الاعتبار لحقائق حاول كثيرون وأدها، بعد أن وضعت الجميع أمام خيارين لاثالث لهما: إما أن تكون مع الحياة أو مع الموت، مع الإنسانية أو مع التوحش، مع الجمال أو القبح؟؟
قبل تسعين عاماً كان ذكرى تأسيس الحزب الشوعي السوري، قبل تسعين صباحاً أشرقوا على هذه الأرض، جاء حُداة قافلة الضوء، يلوحون بالرايات، يمضون نحو المدى المفتوح، تقمصّوا روح سنبلة القمح، وأخضر الزيتون، و«بياض» البازلت، وعذوبة بردى والفرات، قالوا ما لم يقلهُ أحد، بشّروا بعالم بديل، عالم الإنسان المتحرر من كل قيد، قال عنهم حرّاس الظلام، وأبواق الظلّام، مجانين وكفرة، وملاحدة، ولكنّ بوحهم أصبح من المسلّمات، وما قالوه منذ الأربعينات والخمسينات باتت حقائق غير قابلة للجدل، وجزءاً
كل ما ما هو قائم على مملكة الأرض يتزعزع، يضطرب، آيل إلى السقوط، طالما أنه لا يستجيب لحاجات البشر الحقيقية، قد يطيل عمره ردحاً من الزمن، قد تكون لدية القدرة على المناورة والتكيّف، قد «يخيف» ويرعب بما لديه من توحش وسادية، قد.. وقد .. وقد.. ولكن اللحظة التاريخية الراهنة حبلى بجديد ما، فليست المرة الأولى في التاريخ التي
كتيرا ما تتداول فكرة أن السياسة عبارة عن لعبة مصالح، لا مكان للأخلاق والقيم فيها ويتم تعميم هذه الفكرة على مجمل النشاط السياسي وكل القوى السياسية، ليصل البعض الى فكرة مفادها أن السياسة عبارة عن كذبة يطلقها «الكبار» أو «الخاصة» ويصدقها ليرددها «الصغار» أو «العامة»..
عام 1961 يضرب الرئيس السوفيتي نيكيتا خروتشوف طاولة مجلس الأمن بحذائه، ليفرض الصمت بعد الفوضى التي أحدثها ممثلو الدول الغربية في القاعة للتشويش على كلمة الرجل، لتصبح كلمته حديث الساعة في حينها.
على خريطة الفوضى، حيث فوضى المواقف، وفوضى السلاح، وفوضى الانتماءات، وحيث الحالة المأزقية، تصبح البيئة مناسبة لتسويق أي موقف، وتمرير أي رأي، وقول الشيء ونقيضه في الوقت ذاته، وارتكاب أي اثم، دون أن يُسمع صوت من يقول لا، ولماذا، وكيف؟
ليس على الشاشة سوى صور الدم، وأخبار الحروب.. مجزرة ... قصف... تدمير..نزوح.. يستعرض شريط الذاكرة المتعبة يستحضر أسماء أصدقاء وأتراب، وإذا بهذا تائهاً في عواصم اللجوء، وذاك استشهد، وآخر معتقل. يحاول الاتصال مع قريب أو صديق لعله يستحضر شيئاً آخر غير الأخبار السوداء، لكن الشبكة اللعينة هي الأخرى باتت خرساء في الحرب، يمضي إلى عمله صباحاً يستعرض الوجوه و على كل وجه حكاية عن مخطوف أو شهيد أو مهاجرأو... الخيارات تبدو ضيقة، كل الأبواب تبدو مغلقة...؟!!
الخبر الأول في نشرة الأنباء عن الحرب، صورة الغلاف التي تتصدر أية صحيفة عن الحرب، وعنها تكون الكلمة الأولى التي ينطق بها الساسة، وهي البند الأول على جدول أعمال المؤتمرات، الأساطيل تعبر من بحر إلى بحر، أنواع جديدة من الأسلحة تدخل حلبة الجنون، صواريخ تلوث زرقة السماء، موجات نزوح وهجرات جماعية، طوائف قوميات مذاهب أديان، دول تنهار.. مؤتمرات، اجتماعات، تكتلات جديدة، الاسعار ترتفع، ينخفض مستوى النمو، يفلس من يفلس، ويغتني من يغتني.. ما الذي يحدث؟ وأي حصان شموس هذا الذي يقود العربة؟
يعتبر أي مصطلح تكثيفاً لرؤية معينة حول هذه الظاهرة أو تلك في سياق تطور الفكر الإنساني. وفي فترة الأزمات والصراعات تصبح المصطلحات إحدى أدوات الحرب، لما تكثفه من رؤى ومواقف تجاه هذه القضية أو تلك، ولما لها من تأثير في الوعي الاجتماعي.