التقرير الأسبوعي لمراكز الأبحاث الاميركية
ارخت قسوة البرد ثلوجها على واشنطن ومؤسساتها العاملة، وتراجع حجم النشاطات المعتادة لدى مراكز الابحاث الاميركية نتيجة تعثر الحياة العادية.
ارخت قسوة البرد ثلوجها على واشنطن ومؤسساتها العاملة، وتراجع حجم النشاطات المعتادة لدى مراكز الابحاث الاميركية نتيجة تعثر الحياة العادية.
برز الى العلن مؤخرا تباين في وجهات النظر داخل فريق اوباما الرئاسي على خلفية وجهة السياسة الخارجية الاميركية نحو مصر، اعتبرها البعض انها تشكل انعطافا في السياسة الرسمية ليمضي ويبني عليها فرضيات مفرطة في التفاؤل، سيما وان وزير الخارجية وصف تنظيم الاخوان المسلمين بانه “سرق الثورة المصرية” من اصحابها الحقيقيين.
الولايات المتحدة منغمسة في اعادة تموقعها على المستوى الدولي وضمان ديمومة شبكة مصالحها الكونية بعدما ادركت انكفائها عن بعض الساحات والملفات، وتراجعها جزئيا عن قيادة القطب الواحد للعالم. واحتارت في استنباط سويّة السبل لاعادة ترميم عاجلة لعلاقاتها مع مصر، التي ما لبثت قيادتها الجديدة ان استدارت لفتح وتنشيط خطوط تقليدية باتجاه الشرق، اثمرت زيارة رفيعة المستوى لوفد روسي ذو حجم معتبر ويملك صلاحية اتخاذ القرار على الفور، على الصعد السياسية والاقتصادية والعسكرية.
الاخفاقات الداخلية وتدحرج فضيحة التجسس على المواطنين منغصات تلاحق الادارة الاميركية التي اتجهت بالاستدارة للخارج والقفز للامام هربا من تداعياتها الداخلية، وسعيا لحرف مسار شعاع الضوء المسلط عليها. وتمت المراهنة على جولة وزير الخارجية جون كيري لتشكل منعطفا محوريا ورافعة لترميم ما اصابها من تدهور وضرر. ادارة الرئيس اوباما تشكل امتدادا وليس استثناءاً لسياسة او منظومة الهروب اسوة بكل من سبقها من رؤساء.
لم تفلح تطمينات الرئيس اوباما بالإيحاء تارة والمداراة تارة اخرى بتعرضه لخذلان المؤسسة الأمنية ومسؤوليها لتفادي الانتقادات المتزايدة، واستبق التحرك قبل بدء تدحرج كرة الثلج لتهدئة مخاوف الحلفاء الاوروبيين والداخل الاميركي. وسارعت وزارة الخارجية الاميركية (31/10) للإعلان عن جولة واسعة عاجلة يقوم بها جون كيري تشمل دولا اوروبية وعدد من الدول العربية و"اسرائيل،" بغية استيعاب تداعيات التجسس على عدد من الزعماء، وعلى رأسهم المستشارة الالمانية انغيلا ميركل.
اتفاق اللحظة الاخيرة بين قطبي المؤسسة الحاكمة افضى لتأجيل اندلاع الصراع بحدة أشد، تحت وطأة الضغط الشعبي وتنامي قلق الاوساط المالية العالمية. القراءة السطحية لحصيلة جولة الصراع توحي بخسارة صافية للحزب الجمهوري في اعقاب انكشاف دوره المعطل وتشبثه بموقف ايديولوجي متشدد. بينما تقودنا القراءة الفاحصة الى القول ان "معادلة التسوية – الصفقة" تمت على ارضية ووفق الشروط المعلنة للقطب المتشدد، سيما وان المرحلة المقبلة من المفاوضات حول الميزانية الحكومية ستجري وفق الاخذ بعين الاعتبار عدد هام من القضايا "المقدسة" للحزب الجمهوري، على راسها تثبيت المستوى الراهن لخفض حجم الانفاقات الحكومية كقاعدة نقاش بنود الميزانية تراعي "ميل" الحزب الديموقراطي لاقتطاع بعض التمويل المخصص "لبرامج بقرته المقدسة،" الرعاية الاجتماعية والرعاية الصحية ونظام التقاعد.
تدخل المواجهة السياسية بين الرئيس اوباما والحزب الجمهوري اسبوعها الثاني، وتيرة اللقاءات المتسارعة بينهما تنعش الآمال رويدا لتخبو سريعا بتمترس الطرفين، وتستمر حالة الشلل في اداء الاجهزة الحكومية المختلفة. مع قدوم الاسبوع المقبل تدخل الأزمة مرحلة حاسمة بعيدة عن الاستقطابات والتحالفات، اذ سيبلغ حجم الانفاقات الحكومية اعلى سقف له في ظل عدم توفر تشريع يخول الحكومة الاقتراض مجددا. عرض الحزب الجمهوري مبادرة للالتفاف حول الازمة تتلخص في سن تشريع مؤقت يخول السلطة التنفيذية رفع سقف الاقتراض المالي، يستمر لعشية عيد الشكر الشهر المقبل. تشبث الطرفين، حتى اللحظة، ينذر باخفاق الولايات المتحدة عن الوفاء بالتزاماتها العالمية وما سيرافقه من تداعيات على المستوى الدولي.
"استدارة" السياسة الاميركية نحو آسيا، كهدف استراتيجي رسمته لمواجهة النفوذ الصاعد لكل من الصين وروسيا، فرض عليها استدارة معاكسة في الآونة الاخيرة نتيجة انكفاء داخلي على خلفية اقرار الميزانية السنوية.
اعتلاء الرئيس اوباما منصة هيئة الامم الدولية لم يسعفه من ملاحقة الملفات الداخلية الضاغطة بانتظار اجتراح حلول لها، سيما وهو مدرك لما قد يترتب عليها من انعكاسات على ارثه ورصيده الرئاسي. الخلاف المتصاعد راهنا بينه وبين السلطة التشريعية يتمحور حول مصادقة الكونغرس على مشروع الميزانية السنوية للدولة، قبل نهاية السنة المالية يوم 30 أيلول الجاري، اذ ان اخفاقه في المصادقة على مشروع قرار مؤقت لتمويل الدولة او بالمصادقة على الميزانية المقترحة المقدمة من قبل السلطة التنفيذية سيؤدي الى تعطيل عمل مؤسسات الدولة، وتسريح موظفيها والمتعاقدين.