التصريحات تنتج نِفطاً وفيراً..
حيث تبقى أزمة استيراد المحروقات دون تفسيرات حكومية واضحة، بل هي تقتصر المسألةُ على التصريحات، التي تنادي بين الحين والآخر المواطنين ليركنوا للاطمئنان، وترسل لهم وعوداً بحل أزمات قطاع الطاقة.
حيث تبقى أزمة استيراد المحروقات دون تفسيرات حكومية واضحة، بل هي تقتصر المسألةُ على التصريحات، التي تنادي بين الحين والآخر المواطنين ليركنوا للاطمئنان، وترسل لهم وعوداً بحل أزمات قطاع الطاقة.
عندما امتلأت وسائل الإعلام في مطلع العام بصور الفيضانات في معظم أنحاء العالم في مطلع هذا العام أعلنت وسائل الإعلام أن شهر شباط حطّم الأرقام القياسية المسجلة لدرجات الحرارة بصورة صادمة. وكذلك شهر آذار حطم أيضاً الأرقام كلها. وفي حزيران، امتلأت الشاشات أيضاً بصور الفيضانات. ومع زيادة انتشار هذه الظواهر المتطرفة، لم يعد هناك من ينكر التغير المناخي الملحوظ. فتم الإجماع حول حقيقة واحدة مهمة: الوقود الأحفوري يقتلنا، يجب أن نتحول إلى الطاقة النظيفة، وبسرعة.
لا نعرف ما يحدث في محافظة الحسكة؟ هل هو نذير كارثة اقتصادية حقيقية؟ أم هي أزمة تتعلق بإنتاج الوقود أو بارتفاع أسعاره الجنونية بشكل ملحوظ؟ وأيا كانت المسألة، فالجهات الرسمية معنية بتوضيح ما يجري من اضطرابات في سوق الغاز الطبيعي أولا والمنزلي على وجه الخصوص، حيث أن أبناء المحافظة يعيشون تحت رحمة ثلة يتاجرون بأسطوانات الغاز والكمية المحتواة فيها، وحتى التحكم في سعرها الذي فاق حدود التصورات والمعقول.. والحل البسيط أن تقوم شركة سادكوب بتوزيع الغاز الطبيعي، وهي الجهة الأولى والمسؤولة عن توزيعها بشكل لا يضطر فيها المواطن أن يعيش تحت رحمة واستغلال تجار فاسدين، حيث المشكلة بدأت تتفاقم يوماً عن آخر ولا ترى بيتاً أو أسرة إلا تعاني وتشكو من هذه المشكلة، بل قد ترى أسراً بأكملها تبقى أياما دون أسطوانات غاز لصعوبة الحصول عليها، فتلجأ للبدائل، إما أن يحمل الواحد منهم طنجرة طعامه لتستوي في مطابخ الآخرين، أو يستعمل الحطب وهو أسهل الممكنات وأصعبها في آن معاً، في محافظة تعيش أساساً في حالة احتقان على مختلف الصعد، وأية شرارة صغيرة فيها ربما تصبح نذيراً لكارثة لن تكون أقل وطأة من كوارث عايشناها سابقاً، وكان الثمن فيها مكلفا..
قررت الحكومة في اجتماعها الأخير زيادة أسعار شراء المحاصيل الزراعية الأساسية والمتنوعة، خبر ساقه الشريط الإخباري في القناتين المحليتين. التفاصيل في الصحافة الرسمية تحدثت عن رغبة الحكومة أيضاً في ردع الاتجار بالحبوب، وحماية الموارد المائية.
وجاء في التفاصيل (بغية تحقيق الاكتفاء الذاتي، والأمن الغذائي، وبهدف تشجيع الإخوة الفلاحين على زيادة إنتاجهم وتحسين أوضاعهم المعيشية، قرر مجلس الوزراء رفع أسعار المحاصيل الزراعية الإستراتيجية للموسم الزراعي 2008 وفق الآتي:
القمح القاسي 16.5 ل.س
القمح الطري 16 ل.س
الشعير 15ل.س
الذرة الصفراء 15 ل.س
القطن 36 ل.س
الشوندر السكري 3.5 ل.س
الأمر الأكثر أهمية في الجزء الثاني من الخبر: (وكلف وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي والجهات المعنية اتخاذ أشد الإجراءات لمنع وقمع أية ظاهرة للاتجار بالحبوب أو تهريبها، ووضع الآلية المناسبة لاستلام وتسليم الإخوة الفلاحين كامل إنتاجهم من محصول القمح إلى المؤسسة العامة للحبوب).
أكثر من عشرة أيام جامدة مرت، موجة الصقيع التي قسمت ظهور العباد، كهدية لرأس السنة الجديدة وفأل نحس لأيامهم القادمة، شمس باردة وأطراف صغار ترتجف.
حال الاقتصاد السوري في التعاطي مع الأزمات، أصبح يشبه إلى حد بعيد حال رجل مسن في التعاطي مع المرض. فكما يسبب أي تغير مناخي أو نفسي مرضاً جديداً لرجل تسعيني، فإن أي تغير مناخي أو اقتصادي أو اجتماعي محيط بنا أو بعيد عنا يتسبب بأزمة لاقتصادنا، والأمثلة كثيرة، فزيادة وارداتنا من السيارات تسبب لنا بأزمة خانقة في المرور، وتحرير التجارة تسبب بأزمة في الاقتصاد، وارتفاع درجات الحرارة قليلاً سبب لنا أزمة في قطاع الكهرباء، وعندما ارتفع سعر الدولار تعرضنا لأزمة، وكذلك الأمر عندما هبط سعره، وعندما ارتفع سعر برميل النفط حدثت أزمة، وعندما هبط سعره حدثت أزمة.. الحرب في أفغانستان تسببت لنا بأزمة، والمصالحة في نيجيريا تسببت لنا بأزمة.
عزيزتي قاسيون كلّي ثقة أن قلبك الكبير سيتسع لمشاكلي المهنية التي لا تنتهي في دائرتي الحكومية، وأنت يا عزيزي القارئ لا تضجر مني لأنني كالآخرين في هذا الوطن العزيز في جعبتي ما يكفيني ويكفي البلد من هموم..
بدعوة من منظمة النقل البري الأوربية تظاهر سائقو شاحنات ومزارعون فرنسيون مجدداً الأربعاء احتجاجاً على ارتفاع أسعار الوقود ما أدى بعد تجمع قرابة ستين شاحنة إلى عرقلة حركة السير في مدينة تولوز جنوب غرب البلاد. وأعرب فيليب شاتروس المتحدث باسم المنظمة عن أمله في أن تتحرك الحكومة لصالح سائقي الشاحنات قبل أيام من تولي فرنسا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوربي مطلع تموز المقبل.
وفى مصرف سورية المركزي بوعده بإصدار تقرير شهري حول أرقام التضخم في سورية، وهذا يعد نقطة تحول إيجابية عنده، وخطوة على طريق أخذ دوره في التقييم الفعلي للسياسة النقدية والاقتصادية، في غياب شبه تام للمكتب المركزي للإحصاء الذي تناط به هذه المهام، وتعد من صلب أولوياته..
لا أستطيع كما كل المواطنين أن أشك بنيّة الحكومة بتوزيع بدل دعم الوقود، وكما كل المواطنين أنتظر أن تصل إلى الآلية الموعودة بعد تعثر الآليات السابقة، وبعد اعترافها بخروقات وقعت في توزيعها للشيكات وللقسائم.
كذلك لا أخفي كما كل المواطنين، حنقي على ضعاف النفوس الذين تقاسموا بالحيلة قيمة الدعم، وادّعوا أنهم مثلنا فقراء و(منتوفون)، ومثّلوا دور المواطن على أبواب مراكز التوزيع، واتصلوا بأصحاب سيارات توزيع الوقود، وتمنوا عليهم أن يضيفوا أسماءهم إلى قوائم المنتظرين.