مطبات: هواجس مشتركة
لا أستطيع كما كل المواطنين أن أشك بنيّة الحكومة بتوزيع بدل دعم الوقود، وكما كل المواطنين أنتظر أن تصل إلى الآلية الموعودة بعد تعثر الآليات السابقة، وبعد اعترافها بخروقات وقعت في توزيعها للشيكات وللقسائم.
كذلك لا أخفي كما كل المواطنين، حنقي على ضعاف النفوس الذين تقاسموا بالحيلة قيمة الدعم، وادّعوا أنهم مثلنا فقراء و(منتوفون)، ومثّلوا دور المواطن على أبواب مراكز التوزيع، واتصلوا بأصحاب سيارات توزيع الوقود، وتمنوا عليهم أن يضيفوا أسماءهم إلى قوائم المنتظرين.
ومثل كل الموعودين بالدعم، والمشمولين بالمسح الاجتماعي الذي جندت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل - من أجل أن يكون منصفاً وعادلاً- الموظفين والمكاتب والهواتف طيلة أشهر، واستطاعت من خلاله أن توصف الفقراء أرقاماً وأحوالاً، ثم قالت إن لا فقراء هنا في هذه الديار إنما (محدودي دخل).. مثل كل هؤلاء أنتظر أن يفرّج الله على الآلية الموعودة في أسرع وقت، وقبل أن يذهب البرد بنا إلى المرض أو إحالتنا إلى خانة (مادون دون خط الفقر السوري).
وإذا ما التفتنا إلى الوراء قليلاً لندرك كم من العناء والخسائر التي تكبدتها الحكومة من (تحت رأس دعمنا) ففي عام 2007 قالت الحكومة في دراسة لها (إن أكثر من 56 بالمئة من الدعم المقدم من الحكومة للمشتقات النفطية والطاقة وغيرها من المواد الغذائية لا يصل الى مستحقيه من المواطنين السوريين ودعم المحروقات يكبد الدولة يوميا خسارة 750 مليون ليرة وستصل في العام القادم)، وهنا يجب أن نعطي (وغيرها) بعض الأهمية كون هذا الدعم يتناقص أو بالأحرى يتلاشى، ويجب أن نفصل بين الأقوال والأفعال، ومشكلة السكر الحالية مثال واضح عن الأقوال، والأسعار في السوق هي التي تحسم الفكرة لمصلحة التاجر فوراً.
في عودة إلى الوراء قليلاً ما صرح به النائب الاقتصادي (الحكومة لن تتكلف المزيد من الخسائر على دعم المحروقات الذي كلف الخزينة 1350 مليارا هذا العام، وسيكون من الأولى إنفاقها في المرحلة المقبلة على الاستثمار في قطاع التعليم من حيث الجودة والبنية التحتية حيث ستخصص 95 مليار ليرة لإنهاء مشكلة الدوام الأرضي للمدارس، وهو ما يتطلب بناء 55 ألف شعبة صفية).
بين أخذ ورد يبقى الدعم أهم ملفات الحكومة، وهي تعد له السيناريوهات التي تخلصها من هذه الخسائر، وتخلصنا من البرد، وفي أقل من شهر أدلت الحكومة بوجهات نظر متعددة لدعمنا، وأحد هذه السيناريوهات واعتبر من باب التسريب (لا أعتقد بجديته) يتحدث عن الدعم على مسارات ثلاثة، ولفئات مماثلة، الأول للموظفين الذين يتقاضون أجراً اقل من 12 ألف ليرة سورية، والمتقاعدين الذين يبلغ راتبهم التقاعدي أقل من 10 آلاف ليرة سورية، بالإضافة إلى 550 ألف عائلة تم تشميلها بالمسح الاجتماعي الأخير.
السيناريو الثاني الذي جاء على لسان رئيس الحكومة أن الدعم سيكون على شكل دفعات شهرية، وأنه سيشمل حوالي 425 ألف عائلة.
وبين تأكيدات الحكومة أن دعم المواطن وحمايته من الاستغلال، وعدم تركه وحيداً في مواجهة السوق المتوحشة تبرز أمنيات حكومية فيما لو تحققت لن تترك بيننا فقيراً، أو بحاجة إلى الدعم أياً كان، فقبل أسبوعين قال وزير المالية: (كان من الممكن أن نحقق زيادة في الرواتب بنسبة 20% أو كان من الممكن أن تعطي 440 ألف أسرة فقيرة هذا المبلغ بمعدل 100 ألف ليرة لكل أسرة، أو كان من الممكن أن نعطي لـ250 ألف أسرة سورية نصف مليون ليرة سورية كإعانة مالية، وكانت حلت مشكلة الأسر الفقيرة، وأمنّا فرصة عمل لها ولأبنائها).
ريثما تتبلور الآلية الجديدة لدعمنا الذي يشكل هاجساً حكومياً.. المساءات الباردة هاجسنا؟