لافا خالد لافا خالد

محافظة الحسكة.. العودة إلى الحطب

لا نعرف ما يحدث في محافظة الحسكة؟ هل هو نذير كارثة اقتصادية حقيقية؟ أم هي أزمة تتعلق بإنتاج الوقود أو بارتفاع أسعاره الجنونية بشكل ملحوظ؟ وأيا كانت المسألة،  فالجهات الرسمية معنية بتوضيح ما يجري من اضطرابات في سوق الغاز الطبيعي أولا والمنزلي على وجه الخصوص، حيث أن أبناء المحافظة يعيشون تحت رحمة ثلة يتاجرون بأسطوانات الغاز والكمية المحتواة فيها، وحتى التحكم في سعرها الذي  فاق حدود التصورات والمعقول.. والحل البسيط أن تقوم شركة سادكوب بتوزيع الغاز الطبيعي، وهي الجهة الأولى والمسؤولة عن توزيعها بشكل لا يضطر فيها المواطن أن يعيش تحت رحمة واستغلال تجار فاسدين، حيث المشكلة بدأت تتفاقم يوماً عن آخر ولا ترى بيتاً أو أسرة إلا تعاني وتشكو من هذه المشكلة، بل قد ترى أسراً بأكملها تبقى أياما دون أسطوانات غاز لصعوبة الحصول عليها، فتلجأ للبدائل، إما أن يحمل الواحد منهم طنجرة طعامه لتستوي في مطابخ الآخرين، أو يستعمل الحطب وهو أسهل الممكنات وأصعبها في آن معاً، في محافظة تعيش أساساً في حالة احتقان على مختلف الصعد، وأية شرارة صغيرة فيها ربما تصبح نذيراً لكارثة لن تكون أقل وطأة من كوارث عايشناها سابقاً، وكان الثمن فيها مكلفا..

سألنا السيد حسين وهو أحد تجار (بيع وتبديل أسطوانات الغاز) عن سبب تفاقم هذه المشكلة، فأكد لنا أن المسألة برمتها يتحكم بها فئة معينة، تستغل حاجات الناس. وبحكم الحاجة فالناس مضطرون لأن يحصلوا على أسطوانة الغاز، حتى ولو كانت من السوق السوداء، وحتى لو كانت بثمن أكبر من الثمن النظامي بكثير.. والمشكلة الأكبر هي سكان الأرياف والقرى البعيدة عن مراكز المدن، فالكثيرون منهم أكدوا أن البديل الوحيد لديهم هو العودة للوراء، وإشعال الحطب اتقاء للجوع والبرد وأشياء أخرى..
إلى هذه اللحظة وفي أسوأ الحالات، لم يخبرنا أحد من المسؤولين، كما لا توجد بيانات ومؤشرات حكومية  تؤكد أننا نعاني أزمة نفطية أو مشكلة غاز، خاصة أن محافظة الحسكة هي الأكثر إنتاجا لهاتين المادتين؟
إذن ما الذي يحدث ومن المسؤول عن هذه الأزمة؟ وهل نحن أمام عصر نهاية الوقود في مدينتنا الثرية؟؟
إن لم تبالغ الحسابات فإن المدينة هي الأكثر إنتاجا وتخزينا للمادتين، فهل هناك سياسات ممنهجة تسعى للعودة  بالزمن والناس إلى  الوقود الرخيص: الحطب وروث الحيوانات أو حرق القمامة (كما يفعل عادة سكان المناطق المدقعة، وأبناء المدن الفقيرة)  لنلبي متطلبات حياتنا، وبالتالي نهيئ أنفسنا لقفزة تراجعية أكثر فأكثر؟؟
 في محافظتنا الحسكة ليس هناك متسع ندم على الحياة التي  اعتدنا عيشها.. نحن مدينة نفطية نعم، ولكن  لسنا بمدينة صناعية لأسباب  خارجة عن إرادتنا، لا شيء يميزنا عن مدن العالم الثالث إننا الأكثر فقراً وتخلفاً من الناحية المعيشية، لا أحياء  مرفهة.. ولا تكنولوجية متطورة.. ولا حسابات مستقبلية.. إننا على ما يبدو ضحايا دائمون لأزمات الذروة النفطية الكونية، وبما أننا لا نمتلك أسطوانات الغاز في بيوتنا وهو الحد الأدنى للحياة الإنسانية، فكيف سنفكر بعدئذ  بكميات النفط التي استخرجت؟ وأين أنفقت؟ ومن يتحكم بها وبأسعارها وأسواقها البيضاء والسوداء؟؟ ولعل هذا هو المطلوب!!
قلما تجد في محافظتنا مواطنا أمام داره سيارة سكودا صغيرة أو سوزوكي لنقل البضائع الخفيفة الوزن اللهم إلا ما ندر من الناس! ومن يدري فقد نستفيد في قادمات الأيام والزمن الآتي من الطاقة الشمسية كما يفعل سكان اليابان، فكما يقال: الحاجة تولد الإبداع، لكن، وبالعودة لفقدان الغاز المنزلي من السوق ومؤشرات ارتفاع أسعاره  فالمشكلة ليست طارئة، ومنذ فترة طويلة يقاسيها أبناء المحافظة بشكل أو بآخر، ولكنها بلغت اليوم مراحل خطيرة.. الوضع برمته بحاجة لترتيبات ومراجعات من قبل المسئولين في الدولة والجهة المشرفة على توزيعها. المطلوب تحرير هذه المادة من أيدي الفاسدين ومحاربتهم وضرب مواقعهم..
أخيراً هل سنقول وداعا للغاز المنزلي وهو المادة الأكثر استخداماً وحاجة في منازلنا، ويتعامل معنا المسؤولون كعادتهم بمنطق: (دبروا حالكم)، أم أن الجهات المسؤولة ستبادر فوراً لحل هذه المعضلة التي باتت تؤرق الجميع؟؟
أيها السادة: لنتجنب معاً ثورة الغاز المنزلي!!!