عين «أودين»: تطوير أسلحة الجبهة الفكرية كحاجة ملحّة للعالم الجديد
في مقدمة كتابه «تطور الفكر الفلسفي» الصادر بالعربية عن دار الطليعة بيروت (1988)، ترجمة سمير كرم عن الكتاب الصادر عن دار التقدم موسكو 1978 (والمترجم إلى عدة لغات)، يحاول ثيودور أوزيرمان أن يوضّح ضرورة البحث في تاريخ الفلسفة ضمن ما يسميه العلم الفلسفي التاريخي. وموضوع هذا العلم هو الفلسفة نفسها، والمشكلات التي هي ليست جزءاً من الفلسفة بوصفها هكذا، كالمشكلات التاريخية لبزوغ وتطور الفلسفة، والظروف الاجتماعية التي ترتكز عليها الفلسفة موضوعياً، والجذور المعرفية للفلسفة. وأويزرمان الذي عاش أكثر من قرن من الزمن (1914-2017) بقي مدافعاً عن المادية التاريخية والماركسية بشكل عام حتى بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، ما جعل فضاء الأكاديميا والسياسة يعتبره من «الحرس القديم». هو عامل المصنع قبل دراسته، ومتطوعاً في الجيش الأحمر خلال الحرب، ولاحقاً مساهماً أساسياً في تطور الفكر الفلسفي ومنهجياته وبحوثه في الاتحاد السوفياتي، وشخصية أساسية في الثقافة السوفياتية. ويقول أوزيرمان إن هدف العلم الفلسفي التاريخي هو التقدير النقدي لعملية تطور المعرفة الفلسفية كعملية مشروطة تاريخياً، وإدراكها لذاتها. هو يسميها فلسفة الفلسفة أو- بتعبير أدق- ما وراء الفلسفة Metaphilosophy، كمكافئ لما يسمى «فلسفة العلم» أو «علم علم» الذي يعالج التطور التاريخي للعلم وقوانينه.