الأزمة الرأسمالية: «النقد الدولي» يخفّض تقديراته للنمو العالمي والتضخم أكثر من التوقعات
أعلن صندوق النقد الدولي تخفيض تقديراته الخاصة بالنمو العالمي، مضيفاً أنه يتوقع استمرار التضخم «لمدة تفوق التوقعات».
أعلن صندوق النقد الدولي تخفيض تقديراته الخاصة بالنمو العالمي، مضيفاً أنه يتوقع استمرار التضخم «لمدة تفوق التوقعات».
يبدو من المرجّح بشكل متزايد أن يستخدم بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، والقوى العالمية السائدة، الارتفاع الدراماتيكي في مستوى التضخم كذريعة لإسقاط الأسواق المالية الأمريكية، ومعها إسقاط أكبر فقاعة مالية في التاريخ. ارتفعت معدلات التضخم بشكل هائل منذ عمليات الإغلاق، وترليونات الدولارات التي تمّ إنفاقها ضمن إطار الطوارئ من قبل كلّ من ترامب وبايدن، وذلك مصحوباً باستمرار سياسة البنك الاحتياطي الفدرالي غير المسبوقة بمنح قروض بفوائد تقارب الصفر، وشراء السندات بمليارات الدولارات لإبقاء فقاعة التضخم أكبر ممّا هي عليه حتّى. مهّد كلّ هذا الأرضية من أجل انهيار الأسواق وشيك الحدوث. وعلى عكس ما تمّ إخبارنا به، فهذا الانهيار متعمّد ومقصود ومخطط له.
ما الذي يجري في العالم اليوم؟ وكيف يمكن الخروج منه؟ كثيرون يبحثون عن أجوبة عن هذه الأسئلة الكبيرة ويصطدمون بمجموعة من الأجوبة التي تسوقها وتروجها مجموعة من النخب العالمية من أمثال الاقتصادي ورجل الأعمال الألماني كلاوس شفاب، الذي يروج لما يسميه «إعادة الضبط العظيمة»، وفي المقابل يقدم مجموعة من الباحثين قراءات أخرى متمايزة، تستند إلى إرث معرفي كبير، وفهم عميق لجوهر النظام الرأسمالي العالمي.
اجتمع الشهر الماضي مسؤولون رفيعو المستوى من البنوك والمنظمات الدولية في «إسرائيل»، للتحضّر والتدرّب على «لعبة حرب» تحاكي انهيار النظام المالي العالمي. يشبه ذلك التدريبات التحضيرية التي حملت اسم «الحدث 201» الذي أقيم قبل فترة بسيطة من انتشار الوباء، والذي كان هدفه التدرّب على الاستجابة في حال انتشار وباء عالمي، والتي سبقت انتشار كوفيد-19 بقليل في أكتوبر/تشرين الأول 2019. بعد أن كان من المقرَّر عقد مبادرة «العزم الجماعي Collective Strength» في دبي أثناء معرض إكسبو دبي، تمّ نقله إلى وزارة المالية في «إسرائيل» بسبب المخاوف من متحوّر أوميكرون
ما الذي يجري في العالم اليوم؟ وكيف يمكن الخروج منه؟ كثيرون يبحثون عن أجوبة لهذه الأسئلة الكبيرة ويصطدمون بمجموعة من الأجوبة التي تسوقها وتروجها مجموعة من النخب العالمية من أمثال الاقتصادي ورجل الأعمال الألماني كلاوس شفاب، الذي يروج لما يسميه «إعادة الضبط العظيمة»، وفي المقابل يقدم مجموعة من الباحثين قراءات أخرى متمايزة، تستند إلى إرث معرفي كبير، وفهم عميق لجوهر النظام الرأسمالي العالمي.
مرّ على حركة «احتلوا وول ستريت» أو «احتلوا» فقط عشرة أعوام في سبتمبر/ أيلول الماضي، عندما تجمّع ألف شخص للاحتجاج في حديقة زوكوتي في قطاع منهاتن المالي. انتشرت الحركة على الفور على طول الولايات المتحدة والعالم لتقف ضدّ اللامساواة الاقتصادية والفساد السياسي. حفزت الحركة بشكل واسع الكراهية الطبقية ونزع الشرعية عن الرأسمالية، وفضحها كنظام يراكم فيه عدد قليل من الناس مبلغاً باهظاً من رأس المال على حساب الغالبية العظمى الذين يعيشون في وضع هش. بعد عشرة أعوام، بات الـ 1% الأثرياء الذين أثاروا غضب المشتركين في الحركة، أكثر ثراء. رغم تبدد الحركة وزوالها، هناك الكثير ممّا يمكن تعلمه من اللحظة القصيرة لحركة احتلوا على المسرح الدولي، خاصة مع تعاظم عودة الجماهير للشارع والحاجة لتنظيمها.
تتعمق أزمات المنظومة الغربية الرأسمالية، والصفة «غربيّة» ليست «جغرافية» فقط رغم تمركز المنظومة في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، بل تعني أيضاً أنّ أتباعها جميعاً ولو وُجِدوا في «الشرق» فإنهم محكومون بالتراجع مع سفينتها الغارقة. الأزمة الاقتصادية أساس تتولّد منه، بنهاية المطاف، باقي الأزمات الاجتماعية والسياسية والثقافية والعلمية وغيرها، وتدخل معها وفيما بينها بحالة «طنين»؛ بمعنى أنها تعزز بعضها على طريقة «الحلقة المفرغة» مسببةً «أزمة حضارية شاملة» نشهد تجلياتها العديدة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: أزمة الطاقة وإخفاقات مكافحة الوباء بما فيها مؤخراً نقص فعالية اللقاحات الغربية أكثر من غيرها، وتزايد الانتحار والجريمة لدرجة إغلاق المدارس في عدة ولايات أمريكية، وليس انتهاءً بفشل تجارب صواريخ فرط صوتية، وغيرها...
من سيجدد سلاسل التوريد التي يتواصل كسرها في العالم الرأسمالي؟ هل سيجري تجديدها في ظل المنظومة الحالية؟ أم حان أوان منظومة جديدة لأداء هذه المهمة؟
في شهر تشرين الأول/أكتوبر، وصل احتياطي المياه في سدّ توكتوغول، الركيزة الداعمة الرئيسية لتوليد الكهرباء في قرغيزستان، إلى أدنى مستوى له عند 12,3 مليار متر مكعب من المياه، وهو أدنى من مستواه الاعتيادي عند 19 مليار متر مكعب. قاد هذا نائب وزير الطاقة القرغيزي إلى الاعتراف بأنّه لن تكون هناك مياه كافية العام المقبل، حتّى من أجل الزراعة، ناهيك عن توليد الطاقة الكهربائية. يؤثر هذا أيضاً بشكل مباشر في بلدان المصب، وتحديداً طاجكستان، الدولة التي تعتمد بشكل كبير على الطاقة المولدة بالمياه. يقع هذان البلدان تحت ضغوط الدخول في أزمة طاقة لا مثيل لها، حيث يتوقع ازدياد ساعات التقنين الكهربائي الموجود بالفعل، كما تنتشر المخاوف حتّى بالنسبة للتأثير على البنية التحتية ذات الأولوية، مثل المستشفيات. تقدّم الطاقة النووية نفسها كبديل ممتاز، مع وضع كازخستان نصب عينيها التحوّل إلى رائد الطاقة الإقليمية، لكن يجب أيضاً أخذ مصادر الطاقة المتجددة بالاعتبار. علاوة على ذلك، عند التفكير في الديون الثقيلة لقرغيزستان وطاجكستان، يجب وضع آلية تمويل لا تجعل من مشاريع الطاقة كثيفة التكاليف درباً لإفلاس البلدين.
5,3 ترليون دولار من حزم الدعم الحكومي الأمريكي لتعيد الاقتصاد إلى مسار ما قبل وباء كوفيد. لكنّ مسار النمو ليس بتلك القوة، سواء قبل أو بعد الأزمة المالية 2008، كما أنّ التدهور البطيء لمعدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي ليس حكراً على أمريكا، فالاقتصادات السبعة الغنية– مجموعة السبع المكونة من الولايات المتحدة، واليابان، وألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، وإيطاليا، وكندا– شهدت انزلاقاً بنمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بأكثر من النصف منذ الثمانينيات وحتّى العقد الماضي.