بين قوسين: الضفّة الأخرى..
قد لا يوجد مشرقي واحد لم تدغدغ أحلامه في فترة ما من حياته فكرة الهجرة الدائمة، أو السفر إلى الغرب للعمل أو للدراسة أو للتميز الإبداعي، دفعت تاريخياً إلى ذلك، وتدفع الكثيرين منهم اليوم، رغبة صامتة ومكبوتة بالهرب من بطش وجور واستبداد حكام الشرق ومن تخلف مجتمعاته وتزمتّها وقلّة الفرص والحريات فيها، والتهميش الممنهج للكفاءات غير المنضوية تحت عباءة السلطة الذي ما فتئت مؤسساتها تتبعه حفاظاً على وجودها واستمرارها، وكثيراً ما تكبر هذه الأحلام عند البعض وخصوصاً الشباب المتعلمين، وتتضخم بشكل مرضي، حتى تصبح هاجساً دائماً لديهم، فتقلّ فاعليتهم الذاتية وتتعطّل حياتهم، وقد يستقيلون من الواقع بشكل شبه كلّيّ تماهياً مع الحلم الكبير العصي عن التحقيق غالباً، الذي رهنوا أنفسهم وطموحاتهم ومشاريعهم وانتماءهم له.