أحمد الرز

أحمد الرز

email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

التطبيع ومطالب الناس.. ولعنة التحاصص اللبناني

خلال الأسابيع الماضية، تصدَّر الساحة اللبنانية حدثان بارزان، تجسَّد أولهما في «الزيارة الكنسية» التي قام بها البطريرك بشارة الراعي إلى فلسطين المحتلة، وما حملته الزيارة من تطبيعٍ معلن مع العدو، فيما تمثَّل الثاني بحراك «هيئة التنسيق النقابية»، الذي لم ينتهِ بعد.

أطوار الأزمة السورية

يحاول العديد من الباحثين والمنظرين السياسيين إطلاق مواقفهم من انتخابات الرئاسة السورية، عبر عزل تلك الانتخابات عن السياق الموضوعي للأزمة في سورية، ومحاكمة فكرة الانتخابات كما لو كانت استحقاقاً مفصولاً عما سواه. غير أن سبيلاً صحيحاً لتقييمها لا بد له من وقوفٍ سريع على أبرز مراحل تلك الأزمة.

عن الصراع القادم...

فرض التوجه نحو الحوار نفسه بقوة نضوج الظرف الموضوعي المتمثل باستحالة تحقيق التدخل العسكري الخارجي المباشر من جهة، وبالفشل الذريع الذي أصيب به الحل الأمني والعسكري من جهة أخرى. هذا ما سيحتِّم على جميع القوى السياسية السورية، على اختلافها وتنوعها، التوجه نحو الحوار السياسي، بعضها سيتجه بخطواتٍ متثاقلة، والبعضُ الآخر سيتجه بنفسٍ ثابت متيقن من امتلاكه أدوات الصراع الجديد. وهنا لا بد من محاولة استنباط سلوك قوى التشدد في النظام والمعارضة في مرحلة الحوار، انطلاقاً من دراسة واقع بنيتها الحقيقي. ولعلَّ دراسة هذا السلوك إزاء قضيتين رئيستين يفي بالغرض، أولاهما تتعلق بالجانب الديمقراطي الشعبي ومفهوم التعددية السياسية، وثانيهما مرتبط بالتناقض الطبقي في المجتمع والموقف من تحقيق العدالة الاجتماعية..

قوى التطرف والديمقراطية:

لعبت القوى المتطرفة، في النظام والمعارضة، الدور الأبرز في تأجيج نيران المعركة العسكرية على الأرض. فانطلقت من إيمانها وتعويلها على مدى قدرتها الكفيلة بتحقيق هدفها المنشود، المتجسد بالاستئثار بالسلطة، والسيطرة على مراكز صنع القرار، دون منازعٍ أو منافس، فترجمت ذلك على أرض المعركة في قتالٍ لم تراعِ فيه قدرة البلاد على تحمل عواقبه.

وانطلاقاً من بنيتها المتشددة، واستماتتها في الدفاع عن مطامعها، ستذهب قوى التشدد هذه إلى الحوار السياسي محكومةً بعقلية  المعركة العسكرية، وستحاول تحقيق ما ثبت استحالة تحقيقه في المعركة العسكرية عبر الحوار، مستخدمةً سطوتها العسكرية على الأرض كورقة ضاغطة على طاولة الحوار، محاولةً فرض ما لن يتم التوافق عليه، مما سيعرقل سير عملية الحل السياسي بشكلٍ سليم، ويؤدي بالتالي لصدامٍ من نوع جديد..

ستحاول فرض «ديمقراطيتها التوافقية» على الديمقراطية الشعبية ومنطق التعددية السياسية، هذا ما سيجعلها في صدامٍ مباشر مع القوى الشعبية الوطنية المطالبة بتحقيق ديمقراطية الأكثرية المنهوبة، على حساب الأقلية الناهبة. مما سيسهل عملية الفرز بين القوى الداخلة إلى الحوار بهدف تحقيق الخروج الآمن والناجز من الأزمة، والقوى التي ستدخله في سبيل جر الحوار لإنتاج «مخارج» توافقية مرفوضة شعبياً.

المتشددون والتناقض الطبقي:

شكَّل التناقض الطبقي ما بين الأقلية المستغِلّة والأكثرية المستغَلّة، إحدى أهم الدوافع التي أدت لخروج الحراك الشعبي السلمي إلى الشارع السوري في بادئ الأمر. هذا ما يدلّل على أن التداول فيما يخص المسألة الطبقية، سوف يفرض نفسه كمهمة أساسية يجب التوافق حولها على طاولة الحوار المرتقبة. والتوافق هنا، لن يقوى على الاستمرار إذا لم يأخذ في الحسبان مصالح الأكثرية المُهمَّشة المتعطشة لانفراجات اقتصادية حقيقية تصبُّ في مصلحتها المشروعة..

إذا ما نظرنا إلى البنية الطبقية التي تتسم بها قوى التشدد في طرفي الصراع، لوجدنا أنها في غالبيتها ممن تندرج في خانة المستغِل لا المستغَل. من هنا، ستعاند قوى التشدد بشراسة تطلعات القوى الوطنية لبناء سورية دولة العدالة الاجتماعية، ما سيضعها وجهاً لوجه مع المصالح الشعبية، في صدامٍ آخر أكثر شراسة، محركه الرئيسي رغيف الخبز، ولقمة عيش المواطن السوري..

كل هذا، بمعزل عن تناقض مصالحها الطبقية مع الحقيقة القائلة بأن الدولة المقاومة لا يمكن أن تأخذ شكلها الأمثل، دون الاستناد إلى اقتصادٍ مقاومٍ بدوره. فكما عارضت هذه القوى خطوة الاتجاه شرقاً، بسبب ما حققته لها سنوات الانفتاح على الغرب الماضية من قدرة أكبر على النهب والسرقة، وصعوبة تأقلمها مع متغيرٍ اقتصادي بهذا الحجم، ستعارض أيضاً أي خطوة اقتصادية مثيلة تعزز المكانة المقاومة لسورية. هذا ما سيعريها ويدخلها في المواجهة الأشد على الإطلاق، وهي الصراع على هوية سورية الجديدة.

مما سبق يمكن الاستنتاج، أن مصالح قوى التشدد تتناقض تماماً ومصالح الأكثرية الشعبية، سواء فيما يخص الجانب السياسي المتمثل في طريقة حكم سورية، أو فيما هو مرتبط بالمصالح الطبقية لهذه الأكثرية، أو حتى في الجانب الوطني الذي حدّد الشعب السوري، عبر تاريخه، موقفه الحازم منه. إلى هنا يمكن التكهن بصراعٍ قادم، تقف فيه قوى التشدد موقفاً واضحاً في جوهره بعدائه للشعب السوري، تكون الكلمة الفصل فيه للأكثرية المُهمشة إذا ما تضافرت جهودها..

التجمعات وأزمة التمثيل السياسي

لم تقتصر النتائج السلبية التي خلفتها الأزمة السورية حتى تاريخ اليوم على الأضرار المادية والبشرية، بل نالت فوق ذلك من منظومة كاملة من العلاقات السياسية السورية بكل ما تحتويه هذه المنظومة من أسس دراسة وتقييم أداء الأحزاب والتكتلات والمجموعات الضاغطة في المجتمع، وكذلك أسس التمثيل السياسي السليم للفرد والجماعة، وتكاد تكون الطامة الكبرى هي تفشي ظاهرة التقييم السياسي لبعض التكتلات بالنظر إلى مدى توافق تصريحاتها (المتقلبة في كثير من الأحيان) مع الثوابت الوطنية للشعب السوري.

حيادية أم ارتهان سياسي؟

بات الحديث عن مكونات الأزمة العميقة التي تعصف بالبلاد وتفنيدها ومناقشة سُبل حلها ممراً أساسياً لا بد من سلوكه في سبيل البدء بخطوات من شأنها طي صفحة الأزمة بلا عودة، إحدى أهم هذه المكونات هي عملية الانقسام السياسي العمودي للمجتمع على أساس الثنائية الوهمية (معارض/ موالي)، وقد استغل دعاة التطرف لدى النظام والمعارضة جميع أدواتهم من أجل إتمام مهمة تعميق هذا الانقسام وزيادة حدته ورفع خصوبته لتوليد المزيد من العنف والاقتتال الطائفي على حساب وحدة وتماسك الصف الوطني السوري.

خصوصية التدخل الخارجي في الحالة السورية..

ما برحت الساحة السورية، على طول شهور الأزمة، مسرحاً استثمره الساعون للعمل، بشتى السبل والوسائل، على إجهاض فاعلية الدور الإقليمي الذي لعبته سورية في المنطقة.

أي إصلاح؟

سنة ونصف من عمر الأزمة السورية مضت تاركةً خلفها منظومة كاملة من المتغيرات التي أصابت بنية العلاقات السياسية في نسيج المجتمع السوري، ولعل أولها هو الانفتاح الشعبي العام على تداول المواقف السياسية،هذا الانفتاح الذي كان عُرضة للتشويه والانحراف المقصود بواسطة «أدوات المواجهة» لدى طرفي الأزمة السورية.

الهجوم على نواة الحل السياسي

باتت الحقيقة المتمثلة في أن قوى التشدد في الطرفين «الموالي والمعارض» تقبع في الموقع الطبقي نفسه، وتتقاسم المصالح اللاوطنية ذاتها، والمتجسدة في البحث عن وسائل أفضل لنهب المواطن السوري.

قصف صهيوني على الحل السياسي!

انقسمت التعليقات والتحليلات السياسية والعسكرية، التي جاءت كنتيجة طبيعية للاعتداء الصهيوني السافر على أحد مراكز البحث العلمي في منطقة جمرايا بريف العاصمة السورية دمشق.

الهدنات والتسويات.. أهميتها ودلالاتها!

منذ بداية الصراع المسلَّح في سورية، وتفاقم الأزمة السورية على إثره، وضعت القوى الوطنية السورية مهمة المصالحة الوطنية، كإحدى المهام العاجلة التي من شأنها لجم بعض تأثيرات الحرب، وضمان وحدة البلاد عبر ترسيخ الحل السياسي، على حساب أوهام «الحسم العسكري»