د.أسامة دليقان
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
أعلنت واشنطن ضربها لثلاث منشآت نووية إيرانية في 22 حزيران 2025 وسرعان ما بدأت تظهر تحليلات ومعلومات تشكك في صحة الادّعاءات الأمريكية حول شدّة الأضرار، سواء بهذه المنشآت أو بالبرنامج النووي الإيراني عموماً، ولا سيّما أن ترامب تحدث عن تدمير «كامل» أو «إنهاء» للبرنامج. وبما أنّ كثيراً من التحليلات حول الجولة الأخيرة للحرب تختلط فيها الرغبات والمواقف السياسية والذاتية المتناقضة، تجاه إيران من جهة أو تجاه الطرف الأمريكي-الصهيوني من جهة أخرى، أو لدى ما يسمّى بـ«الموقف الحيادي» تجاه الصراع، فإنّ ما له قيمة أكبر في تكوين «رأي مستنير» عِلمياً حول ما حدث هو الإضاءة على بعض التحليلات العِلمية والتقنية التي ظهرت مؤخراً، لأنها تظلّ أقرب إلى الموضوعية، وخاصةً التساؤلات حول قدرة القاذفات الأمريكية الخارقة للدروع (كقنابل GBU 57 MOP) على اختراق المنشآت النووية الإيرانية المحصَّنة عميقاً تحت الجبال، مثل فوردو.
تصاعدت الحرب السيبرانية بين إيران و«إسرائيل» بشكل كبير مؤخراً، خاصة بعد العدوان العسكري الصهيوني على إيران منذ 13 حزيران 2025، والذي استهدف منشآت نووية إيرانية وأهدافاً عسكرية ومدنية أخرى. ويشكل الصراع في الفضاء السيبراني جزءاً هامّاً من المعركة، حيث يستفيد كلا الطرفين من قدراتهما السيبرانية المتقدّمة لتعطيل البنية التحتية الحيوية للطرف الآخر، وممارسة الحرب النفسية. نقدم فيما يلي لمحة عن هذا الموضوع من بعض المصادر والتقارير المتاحة التي تناولت الهجمات الحربية الهجينة المتبادلة بين الطرفين.
يبدو أنّ قدرة «الإسرائيليين» على التحمّل تشهد انهياراً سريعاً بعد أيام قليلة من الضرباتِ المدمّرة للردّ الإيراني بالصواريخ والمسيّرات المتطوّرة، كعاقبة لقرار قيادتهم شنّ العدوان الواسع الأخير على إيران منذ 13 حزيران 2025، وخاصةً مع التفاقم غير المسبوق للأزمة الوجودية التي يعانيها هذا الكيان، والاستنزاف الطويل في غزة. فما إن دخلت المعركة المباشرة مع إيران يومها الثالث، حتى بدأ مستوطنون يفرّون من «أرض الميعاد» بحراً وبرّاً. فرصد تقرير لـ«هآرتس»، في 16/6، أكثر من 100 هارب، ما بين «إسرائيلي» وأجنبي، عبر موانئ هرتسيليا وحيفا وعسقلان، دفعوا آلاف الدولارات للهروب على يخوت وقوارب إلى قبرص. وفي 17/6 توقع تقرير للقناة 12 العبرية أن يؤدي استمرار تقييد حركة المستوطنين إلى رفع نسبة التغيّب عن العمل إلى 75%. وكشفت يدعوت أحرونوت في 18/6 أنّ عدداً كبيراً من «الإسرائيليين» يهربون إلى سيناء فالقاهرة ثم دول أجنبية، في ظل استمرار إغلاق المطارات وشلل الملاحة الجوية. كما بات نحو 100–150 ألف «إسرائيلي» عالقين في الخارج.
في الآونة الأخيرة، طالب مسؤولون صينيون بمراجعة قرارات أمريكية سابقة، بعضها يعود إلى عهد إدارة الرئيس السابق جو بايدن، والتي فرضت قيوداً على التجارة مع الصين، بما في ذلك رسوم جمركية مرتفعة وقيود على تصدير التكنولوجيا. ووفقاً لتقارير، استخدمت الصين المعادن النادرة كورقة ضغط في المفاوضات التجارية الجارية، حيث هددت بتشديد القيود على تصدير هذه المواد الحيوية إلى الولايات المتحدة.
لماذا استطاعت الصين المناورة مع قانون القيمة، والسيطرة على تأثيراته في أسواقها والاستثمار الأجنبي فيها؟ السبب الرئيسي بحسب روبرتس وكارشيدي يكمن في استثمار الصين بقطاع عام ضخم مملوك للدولة وتحكّمها باقتصادها عبر سياسة تخطيط مركزي ترسمها الدولة «الاشتراكية ذات الخصائص الصينية» بقيادة الحزب الشيوعي الصيني، حيث يتمّ تقييد الملكية الأجنبية للصناعات الجديدة وفرض ضوابط على تدفق رأس المال داخل البلاد وخارجها، ممّا مكّن الصين من توسيع الاستثمار والتكنولوجيا، وتوظيف قطاعات واسعة من العمالة، وتجنُّب سيطرة الشركات متعددة الجنسيات على الاقتصاد الوطني ومصير البلد.
في مؤتمر «المبادرة الدولية للارتقاء بالاقتصاد السياسي/IIPPE»، بدورته للعام 2023، تناول البروفيسور (ديك لو) سؤالاً تصدَّر الإعلام الغربي لفترةٍ، عقب جائحة كوفيد-19: «هل التباطؤ الاقتصادي الأخير في الصين مؤشر على زوالها الوشيك؟». ورجّحَ (لو) أنّ تباطؤ الصين ليس ناجماً عن «نقص الطلب المحلّي» كما يدّعي العديد من الخبراء البرجوازيين، بل عن انخفاض معدّل ربح رأس المال فيها، ولكن مع فارقين هامَّين: 1- ربحية القطاع الصناعي الصيني ما تزال مرتفعة بينما تراجعت ربحيّة القطاعات غير المنتجة كالعقارات وسوق الأسهم. 2- انخفاض الربحية في الصين ليس ناتجاً فقط عن ارتفاع التركيب العضوي لرأس المال (مثل الغرب)، بل وكذلك عن ارتفاع حصّة الأجور في توزيع الثروة (على عكس الغرب)، ممّا يشير إلى تحسُّنٍ في العدالة الاجتماعية.
ما زالت آلام السوريين وجراحهم الروحية والجسدية حاضرةً في الذاكرة والحياة من عواقب الاقتتال الداخلي والتدخلات الخارجية خلال سنين الأزمة السورية منذ 2011، وتجدّدت مؤخراً مع الأحداث المؤسفة في الساحل السوري. وحتّى تُعالَج حقّاً لا يمكن الاكتفاء «بالحلّ الجِنائي» رغم أهمّيته كخطوةٍ يترّقبها كلّ السوريين الحريصين على الوحدة الوطنية، واختبارٍ لمدى صدقيّة وجدّية ومسؤولية السلطات الجديدة في البلاد. لكن الحلّ الأعمق والأوسع الذي لا يمكن لغيره من حلول جزئية تأمين حماية من تفاقم هذه المخاطر وتكرارها، ولا تحقيق عدالةٍ انتقاليةٍ حقيقيةٍ دونه، هو الحلّ السياسي الشامل، الذي يجب أنْ يصحّح ضمناً الأخطاء والكوارث الناجمة عن الاستئثار بالسلطة في سورية والمستمرّة منذ أواخر خمسينيّات القرن العشرين حتى هذه اللحظة، عبر استعادة توحيدها أرضاً وشعباً وإشراك الشعب السوري إشراكاً حقيقيّاً في سلطة تقرير مصيره بنفسه.
تناولت دراسات عديدة ونقاشات أكاديمية وسياسية دورَ القطاع العام والشركات المملوكة للدولة في إعادة الإعمار بعد الحروب، وبيّنت أنه حتّى «مشروع مارشال» لإعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية كان مضطراً إلى الاعتماد بالدرجة الأولى على القطاع العام ومشاريع عملاقة مملوكة للدولة، وبهذا يختلف كثيراً عن «برامج الإصلاح الهيكلي» الحديثة الممولة من صندوق النقد (النهب) الدّولي، الذي يشجع على عكس ذلك، أيْ على الخصخصة. ومن شأن الأدلة التي سنوردها أن تكون حججاً تنقضُ التعويل المفرط (لدرجة الأوهام)، الذي تنتهجه السلطة الجديدة في سوريا ما بعد الأسد اليوم، على استثمارات خاصّة منتَظرة في البنية التحتية والقطاعات الحيوية الضخمة، مثل الطاقة والنقل والصحّة والاتصالات وحتى البناء العمراني اللائق، وغيرها من خدمات وبنى، والتي يفترض أن تكون قابلة لتحمّل تكاليفها من شريحة الـ 90% الشعبية الأوسع والأفقر في سوريا المدمِّرة والمنهكة.
في السنوات الأخيرة، شهدت الولايات المتحدة الأمريكية تحولاً ملحوظاً في سياساتها المتعلقة بالإنفاق على البحث العلمي والتطوير. هذا التحول يأتي في ظل تغيرات اقتصادية وسياسية داخلية ودولية، بالإضافة إلى تنافس عالمي متزايد في مجالات العلوم والتكنولوجيا. تُظهر البيانات والمؤشرات الحديثة أن إنفاق الدولة الأمريكية على البحث العلمي قد تراجع نسبياً، ومع تقليص الإنفاق تفقد الولايات المتحدة موقعها التنافسي أمام دول مثل الصين، التي زادت بشكل كبير من استثماراتها في البحث العلمي والتكنولوجيا. يرصد المقال الآتي بعض المؤشرات والتداعيات المرتبطة بهذا التحوّل.
بحسب تقرير حديث لإحدى الصحف الألمانية، يعمل في ألمانيا أكثر من 6000 طبيب سوري، مع تقديرات بأن «إجمالي الأطباء الذين لديهم تاريخ هجرة سوري ويعملون في ألمانيا يقارب 10 آلاف طبيب». وبعد سقوط السلطة السابقة، تعود إلى الواجهة الحاجة الماسّة لإجراءات ملموسة وخطط جدّية لإعادة الكفاءات السورية في المجالات العلمية والمهنية والتخصصية كافةً، ليس فقط لمرحلة إعادة الإعمار التي قد لا تبدأ بالسرعة المأمولة، بل حتى لما هو أقلّ وأقصر مدى حالياً: الإغاثة والإسعاف من التدهور المستمر في الخدمات والمؤسسات، والذي يتطلب تغييراً سريعاً للسياسات الخاطئة، حتى الآن، ولا سيّما الفصل التعسفي والخصخصة وتدنّي الأجور الحقيقية، فضلاً عن حالات أمنية مقلقة للعاملين وتعطي رسائل خاطئة للراغبين بالعودة، مثل الاعتداءات المتكررة على الكوادر الطبية في المشافي.