افتتاحية قاسيون 1255: عام على سقوط الأسد...

افتتاحية قاسيون 1255: عام على سقوط الأسد...

«طُويتْ اليوم صفحة سوداء في تاريخ سورية والشعب السوري؛ صفحةٌ كان شعبٌ بأكمله محشوراً في هامشها الضيق، يعاني شتى صنوف العذاب والقهر والحرمان والآلام والتهجير والفقر والمعتقلات، بينما كان يحتل متنها بأكمله، الاستبداد والفساد والنهب والتغول على حقوق الناس وكراماتهم.

 

قطع الشعب السوري خلال السنوات والعقود السابقة، درب آلامٍ طويلة ... وآن لتلك الدرب أن تنتهي، وآن للسوري أن ينظر إلى المستقبل عيناً بعين، بثقة وبرأس مرفوع، وبآمال عريضة بإعادة بناء البلاد العزيزة على أهلها وإنْ جارت، وما هي بجائرةٍ ولكن أولئك الذين تسلطوا عليها هم الجائرون».

«تجارب الشعوب المختلفة تثبت أن رحيل السلطة لا يعني رحيل النظام، وأن عملية تغيير النظام تغييراً جذرياً شاملاً، سياسياً واقتصادياً-اجتماعياً، هي عملية أشد تعقيداً بكثير من مجرد رحيل رئيس وقدوم رئيس.

الشعب السوري يستحق أن تكلل نضالاته بنصرٍ حقيقي مكتمل الأركان، وفي جوهر هذا النصر منع الانتقال من مستبد إلى مستبد ومن ناهب إلى ناهب... ولذا وبقدر ما يمكن لمساحة الفرح الراهن أن تكون واسعة، بقدر ما يمكنها أن تكون مؤقتة في حال لم ينتقل الشعب بشكلٍ فعلي من هامش التاريخ إلى متنه عبر استلامه الفعلي للسلطة».

الاقتباسان أعلاه، هما من البيان الذي أصدره حزب الإرادة الشعبية يوم سقوط الأسد، 8 كانون الأول 2024. اليوم، وبعد مرور عامٍ كامل على فرار الأسد، تعيد الأحداث الكبرى التي حفل بها هذا العام على مختلف المستويات، تأكيد صحة هذه الكلمات؛ فما سقط حتى اللحظة هو السلطة، وما تزال أمام السوريين مهمة بناء النظام الجديد، والنهوض بالاقتصاد السوري وبالشعب السوري من تحت خط الفقر، بل وأضيفت إليها مهام وجودية تتعلق باستعادة الوحدة الكاملة الجغرافية والسياسية والسكانية للبلاد، وحفظ سلمها الأهلي ونبذ التدمير الطائفي الشامل لمقدرات البلاد وأهلها وروحها وتاريخها، ووضع حد للتدخلات الخارجية المختلفة وعلى رأسها الاعتداءات الصهيونية بمختلف أشكالها، العسكرية والسياسية والإعلامية، والتي وصلت حد الإعلان عن هدف تقسيم سورية على أسس طائفية ودينية وقومية. أمامنا أيضاً مهمة بناء جيش وطني يكون حامياً لكل السوريين بغض النظر عن أي انتماء آخر، ويكون محايداً تجاه السياسة...

إن مختلف الأحداث التي مرت خلال هذا العام، من الساحل إلى السويداء إلى مؤتمر الحوار الوطني والإعلان الدستوري و«انتخابات» مجلس الشعب، وصولاً إلى صدور القرار 2799، وغيرها الكثير، تعيد التأكيد على الحقائق التالية:

أولاً: إن الأزمة السورية ما تزال مستمرة، بل وتزداد عمقاً وهولاً، على مختلف الصعد.

ثانياً: إن التدخلات الخارجية في الوضع السوري تزداد باستمرار، وتستند إلى الانقسام السياسي المفروض على السوريين، وإلى الفوالق الطائفية والدينية والقومية، وتعمل على تغذيتها.

ثالثاً: إن الحل الوحيد، والمخرج الوحيد، كان وما يزال متمثلاً في توحيد السوريين بغض النظر عن دين أو طائفة أو قومية، وتجميعهم حول برنامج حقيقي لإعادة بناء بلادهم ولتقرير مصيرهم بأنفسهم عبر مشاركة سياسية حقيقية في كل المجالات.

رابعاً: المدخل نحو توحيد السوريين، كان وما يزال حلاً سياسياً شاملاً عبر تحقيق الأهداف والتوجهات الأساسية للقرار 2254، والذي يقوم جوهره على حق الشعب السوري في تقرير مصيره بنفسه، عبر جسم حكم انتقالي غير طائفي، ودستور دائم وانتخابات حرة ونزيهة على كل المستويات.

خامساً: واحدة من أهم الأدوات في إنفاذ هذا الحل، هي المؤتمر الوطني العام الجامع والشامل لكل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وصاحب الصلاحيات الكاملة، والذي يمكن للسوريين عبره وضع كل المشكلات الكبرى التي تواجههم على طاولته، للنقاش والتوافق حولها، وصولاً إلى رؤية وطنية جامعة، وإلى إحياء حقيقي للهوية الوطنية السورية، وبالاستناد إلى إرث الآباء المؤسسين، أبطال الثورة السورية الكبرى ضد المستعمر الفرنسي... 

(English Version)

معلومات إضافية

المصدر:
1255
آخر تعديل على الأحد, 07 كانون1/ديسمبر 2025 18:06