افتتاحية قاسيون 1240: المهمة: تغيير جذري شامل!
«تجارب الشعوب المختلفة، تثبت أن رحيل السلطة لا يعني رحيل النظام، وأن عملية تغيير النظام تغييراً جذرياً شاملاً، سياسياً واقتصادياً- اجتماعياً، هي عملية أشد تعقيداً بكثير من مجرد رحيل رئيس وقدوم رئيس.
الشعب السوري يستحق أن تكلل نضالاته بنصرٍ حقيقي مكتمل الأركان، وفي جوهر هذا النصر، منع الانتقال من مستبدٍ إلى مستبدٍ، ومن ناهبٍ إلى ناهبٍ... ولذا وبقدر ما يمكن لمساحة الفرح الراهن أن تكون واسعة، بقدر ما يمكنها أن تكون مؤقتة في حال لم ينتقل الشعب بشكلٍ فعلي من هامش التاريخ إلى متنه، عبر استلامه الفعلي للسلطة».
الكلام السابق، هو مقطع من البيان الذي أصدره حزب الإرادة الشعبية يوم 8/12/2024، والذي أثبتت الشهور التسعة الماضية أنه ما يزال صحيحاً تماماً، وأن المهمة القائمة ما تزال مهمة التغيير الجذري الشامل، الاقتصادي-الاجتماعي والسياسي.
إذا حاولنا وضع المهام الكبرى الأساسية أمام سورية والشعب السوري، فإن بينها بكل تأكيد ما يلي:
أولاً: إنهاء تقسيم الأمر الواقع، وهو أمر لم يتحقق حتى اللحظة، بل وانزلقت الأمور نتيجة انتهاج الحلول الجزئية الأمنية، ونتيجة التدخلات الخارجية إلى تكريس ذلك التقسيم بشكل أكبر، وإلى جعل تجاوزه أعقد مما كان عليه يوم 8/12.
ثانياً: توحيد الشعب السوري، وفي هذه المهمة أيضاً تم التراجع إلى الخلف، بسبب تبني مقولات «الأكثرية» و«الأقليات»، وارتفاع مستوى التحريض الديني والقومي والطائفي، إلى جانب المجازر والانتهاكات التي جرت في عدة مناطق من البلاد، وحملت أبعاداً طائفية مقيتة.
ثالثاً: إيقاف التدهور الاقتصادي، وتحسين أوضاع الناس المعيشية، وهنا أيضاً جرى العكس عملياً، حيث استمرت سياسات رفع الدعم عن الخبز والمحروقات وغيرها، ما أدى إلى تدهورٍ إضافيٍّ في أوضاع الناس، بالتوازي مع بقاء عجلة الاقتصاد متوقفة ومشلولة بشكل شبه كامل، بسبب دمار البنية التحتية من جهة، وبسبب إغراق السوق بالمنتجات الأجنبية التي دمرت ما تبقى من إنتاج محلي صغير ومتوسط.
رابعاً: إنهاء التدخلات الخارجية، وتحقيق الحل السوري-السوري. ما جرى فعلياً هو أن التدخلات الخارجية باتت أوسع وأكثر بروزاً ووضوحاً، وخاصة التدخلات «الإسرائيلية» التخريبية، إلى جانب تدخلات أخرى متعددة، والتي باتت جزءاً أساسياً من كل نشاط يجري داخل سورية، بما في ذلك من نشاطات الحوار والتفاوض بين السوريين أنفسهم؛ أي أن درجة التدويل ارتفعت ولم تنخفض.
من الصحيح أن المرأة الحامل تحتاج إلى 9 أشهر لتضع مولودها كما يقول من يحاولون تكرار شعار «أعطوهم فرصة» بطرق مبتكرة، ولكن من الصحيح أيضاً أن هنالك متابعة ضرورية للمرأة الحامل ولمؤشراتها الحيوية، وإلا فإن احتمال ولادة طفل ميت هو احتمال قائم!
إن هذه المؤشرات بمجموعها، تُعيد التأكيد على أن المهمة الأساسية أمام سورية والسوريين، ما تزال مهمة التغيير الجذري الشامل بكل أبعاده، والذي يشكل القرار 2254 خارطته الأساسية، بما في ذلك موضوع جسم الحكم الانتقالي الذي يحتاج إلى تعريف وتوافق بين السوريين. إضافة إلى أن استحقاق المؤتمر الوطني العام، ما يزال استحقاقاً أساسياً لتجميع السوريين وتوحيدهم، والوصول إلى توافقات بينهم، تسمح بتشكيل حكومة وحدة وطنية، ودستورٍ دائمٍ، وصولاً إلى انتخابات حرة ونزيهة على كل المستويات.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1240