الاتجاه الذي لا عودة عنه: التوحيد لا التقسيم

الاتجاه الذي لا عودة عنه: التوحيد لا التقسيم

بنتيجة الأحداث الدموية الفظيعة في السويداء، وقبلها في الساحل وفي أماكن أخرى من الأرض السورية، ومع استمرار تدفق الدم السوري وارتفاع خطابات التخوين والتحريض الطائفي والكراهية بمختلف أشكالها، بدأ سؤالٌ مرٌّ محبوسٌ في الصدور المتألمة للسوريين، بالتفلت من رقابة إيمانهم العميق بسورية، ليصل إلى ألسنتهم، فينطقونه خائفين وكل أملهم أن تكون الإجابة هي لا واضحة وثخينة وصارمة، علها تعيد إليهم أملاً بدأ بالانطفاء...

السؤال المر يقول: «هل وصلنا إلى نقطة اللاعودة بما يخص وحدة سورية أرضاً وشعباً؟».

وأما الجواب فهو كالتالي: نقطة اللاعودة سنبلغها فقط عبر اتجاه واحد؛ هو عكس اتجاه التقسيم: أي اتجاه توحيد شعوب المنطقة وتعاون وتكافل دولها، وبالضد من المصلحة الأمريكية «الإسرائيلية»... وأما الاتجاه الآخر السلبي الذي يتخوف منه سوريون كثر، فهو اتجاه قابل للعكس، ويمكن العودة عنه مهما بلغ من السوء، وذلك تحت تأثير ثلاثة عوامل مجتمعة:

أولاً: ليست المرة الأولى في التاريخ التي تحاول قوى خارجية فيها تقسيم سورية على أسس طائفية، وتنجح جزئياً، (وهي لم تنجح في حالتنا المعاصرة حتى الآن) كما جرى أيام الانتداب الفرنسي، ومع ذلك، استطاع السوريون أن يحولوا ما بدا نقطة لا عودة إلى نقطة انطلاق نحو وحدة أكثر شمولاً وتجذراً مما كانت عليه قبل محاولات التقسيم.

ثانياً: تقسيم دولة من الدول، ابتداء من القرن العشرين وصاعداً، لم تعد مسألة إقليمية بحال من الأحوال، بل هي مسألة ميزان قوى دولي بالدرجة الأولى، وأولئك الذين لهم مصلحة في تقسيم سورية، وعلى رأسهم الولايات المتحدة و«إسرائيل»، ورغم كل ما يبدون عليه من جبروت وقوة وتحكم، هم في الحقيقة في طور التراجع والانحدار السريع، وأي مشاريع يسعون لتثبيتها ستزول بزوال سيطرتهم، وهو أمر لم يعد بعيداً البتة، ويمكن قياسه بالسنوات والأشهر.

ثالثاً: من طبيعة الأزمات العميقة والدموية عبر التاريخ، أنها تدفع إلى الواجهة المشكلات والأوساخ المتراكمة. ولكنها مع ذلك، وبالتوازي معه، تصقل أفضل ما في الشعوب من أخلاق وقيم وتقاليد وتراث وتاريخ... هذا ما يحصل في سورية أيضاً، والزبد الذي يطغى على سطح الصورة، سرعان ما سينجلي ليظهر المعدن الحقيقي للشعب السوري ببعده الإنساني العريق والعميق والباقي مستمراً ومتصلاً وعابراً للحكومات والأنظمة والاحتلالات...

معلومات إضافية

العدد رقم:
0000