«من الجاني»
مع «الأحداث الأمنية» التي يشهدها الشارع السوري، يقفز إلى الواجهة بشكل متكرر سؤال: من الجاني؟ ففي كل يوم جديد ومع كل تقرير صادر من وسائل الإعلام الغربية والمحلية يحتل منطق «التحليل الجنائي» المشهد، ويختلف السوريون كلٌ من موقعه في تفسير ما جرى ويوجهون أصابع الاتهام يميناً ويساراً انطلاقاً في معظم الأحيان من مواقف مسبقة!
تكمن المشكلة في أن هذا النمط من الأحداث سواء كانت جرائم قتل أو تفجيرات أو اعتداءات، هي في الواقع مسألة ذات أبعاد سياسية قبل كلّ شيء، وعلى عكس القضايا الجنائية، في السياسية تتداخل الخيوط والمخططون والفاعلون وتتبدل مواقعهم، ويظل جوهر المسألة مرتبطاً بالمصلحة من خلف كل هذه الأحداث التي قد تبدو ظاهرياً متفرقة لكنّها في الواقع سلسلة شديدة الاتصال حتى وإن بدت متناقضة. صاحب المصلحة في توتير الأجواء في سورية ودفعها نحو الاقتتال هو «إسرائيل» بالدرجة الأولى، أياً تكن أداة التنفيذ المباشرة، وأولئك الذين يراقبون الأحداث من بعيد هم أنفسهم المستهدفون وليس من سقط في مسرح الجريمة؛ فعندما ينفذ طرفٌ ما جريمة وتسقط فيها ضحية أو عشر ضحايا أو حتى مئة، فإن المستهدف هو ليس هؤلاء الضحايا بل مواقف وسلوك ملايين السوريين الذين ظنوا مخطئين أنّهم من الناجين؛ فهدف تفجير إرهابي ذي طابع طائفي يقتل 50 شخصاً، ليس الـ50 شخصاً هؤلاء فحسب، بل محاولة دفع بقية السوريين، ملايين السوريين، لقتل بعضهم بعضاً وبالألوف وبعشرات الألوف وحتى بمئات الألوف. وهدف التفجير هو الدفع نحو تموضع سياسي يضر بالسوريين ككل وببلدهم وبمستقبله...
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 0000