ما هي وظيفة المرحلة الانتقالية، وكيف نقيس التقدم؟
تعيش البلاد منذ يوم 8 كانون الأول 2024، مرحلة انتقالية ما تزال في بداياتها الأولى حتى الآن. ورغم التتالي العاصف للأحداث داخلياً وإقليمياً ودولياً خلال الأشهر الستة الماضية، إلا أن الوظيفة الجوهرية للمرحلة الانتقالية ينبغي ألا تغيب عن الأذهان، وينبغي أن تكون البوصلة التي تسمح بتقييم أداء السلطات أولاً بأول.
تعيش البلاد منذ يوم 8 كانون الأول 2024، مرحلة انتقالية ما تزال في بداياتها الأولى حتى الآن. ورغم التتالي العاصف للأحداث داخلياً وإقليمياً ودولياً خلال الأشهر الستة الماضية، إلا أن الوظيفة الجوهرية للمرحلة الانتقالية ينبغي ألا تغيب عن الأذهان، وينبغي أن تكون البوصلة التي تسمح بتقييم أداء السلطات أولاً بأول.
من نظام قديم إلى نظام جديد!
جوهر الانتقال المطلوب، هو انتقالٌ من نظام سابق إلى نظام جديد، وليس مجرد الانتقال من سلطة إلى سلطة أخرى. وحتى يكون قياس عملية الانتقال ممكناً، ينبغي أن نفهم إحداثيات النظام السابق، الذي ينبغي الانتقال منه نحو نظام جديد.
يمكن تكثيف المركبات الثلاثة للنظام السابق، وما ينبغي أن يكون عليه النظام الجديد، بالشكل التالي:
أولاً: الجانب السياسي/الديمقراطي
امتاز عهد الأسدين بانخفاض هائل في مستوى الحريات السياسية. هذا الانخفاض لم يكن محمولاً فقط على قوة أجهزة القمع المباشرة، أي على العنف الأمني والاعتقال والتعذيب والقتل، ولكن كان له أيضاً مركبات أخرى لا تقل أهمية بحال من الأحوال عن القمع الأمني المباشر... أهم هذه المركبات، ما يلي:
هذه النقاط السبع، بطبيعة الحال، لا تشمل كل مفردات الجانب السياسي الديمقراطي، ولكن ربما هي أهمها. وإذا أردنا أن نضيف عموداً في المنتصف بين النظام القديم والنظام الجديد المنشود، وأسميناه المرحلة الانتقالية، فإننا سنكرر في معظم البنود ما هو وارد تحت مسمى النظام القديم؛ لأن تغييراً حقيقياً لم يتم حتى الآن في معظم هذه البنود، بل وبعضها تم الرجوع فيه خطوة للوراء، مثلاً: موضوع الانتخابات، جرى التراجع فيه عن الانتخاب المباشر نحو صيغة أقرب إلى التعيين مع قدر ما من التشاور الضيق نسبياً. وبهذا المعنى يمكن تقييم ما حققناه حتى الآن من وظيفة الانتقال من وجهة النظر السياسية الديمقراطية بأنه ضئيل جداً، إذا أخذنا في الاعتبار أن حرية التعبير السياسي بالكلام والنشر تبدو حتى الآن أفضل مما كانت عليه أيام الأسدين.
ثانياً: الجانب الاقتصادي الاجتماعي
لمعالجة هذا الجانب يمكن أيضاً الاستعانة بالجدول التالي:
في البنود السابقة، وإذا حاولنا تقييم تموضعنا الحالي بين النظام القديم والنظام المنشود، فإن الواقع يقول: إننا ما نزال إلى حد بعيد ضمن فلك النظام القديم من حيث توزيع الثروة وطريقة التفكير الاقتصادية، وهنا نحاكم النظام السابق على أساس أفعاله لا على أساس شعاراته «الاشتراكية» التي لم يطبق منها شيئاً، بل طبق عكسها تماماً، والآن نرى سيراً سريعاً في الاتجاه نفسه الذي رسمه النظام تحت عباءة الدردري عام 2005.
ثالثاً: الجانب الوطني
في هذا الجانب أيضاً، يمكننا أن نلحظ أن ما جرى التخلص منه حتى الآن هو الشعارات، ولكن الاتجاه العام السابق ما يزال فعالاً دون تغيير جوهري، ودون اقتراب من التوازن المطلوب في العلاقات الخارجية للبلاد بما يضمن هوامش استقلال أعلى ضمن الصراع الدولي الطاحن.
محصلة
التقييمات المذكورة هنا، هي تقييمات أولية، ولكن الأهم هو الانتباه إلى أن تقييم عملية الانتقال، ينبغي أن يأخذ بعين الاعتبار دائماً، نقطة الانطلاق (النظام السابق)، والنقطة الهدف (النظام المنشود)، وبهذه الطريقة فقط يمكن قياس مدى التقدم الفعلي في عملية الانتقال.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1231