اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب تشرح «آليات التعيين والاختيار»
عقدت اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، أول جلسات النقاش العلني لآلية عملها، يوم السبت 21/6/2025 في القاعة الرئيسة في دار الأوبرا في دمشق، وسط حضور كثيف حيث امتلأت مدرجات القاعة ومقصوراتها العلوية.
تم تشكيل اللجنة بموجب مرسوم رئاسي حمل الرقم 66 لعام 2025، وصدر بتاريخ 2 حزيران الجاري. وضمت اللجنة عشرة أعضاء، وتم تحديد وظيفتها بالإشراف على تشكيل «هيئات فرعية ناخبة» التي من المفترض أن تختار 100 عضو للمجلس إلى جانب 50 عضواً يختارهم رئيس الجمهورية، كما نص المرسوم على طريقة توزيع المقاعد بين المحافظات.
مع بدء جلسة النقاش، شرحت اللجنة بقدر لا بأس به من التفصيل، الآلية التي تعتزم العمل وفقها، تاركة الباب مفتوحاً لنقاشها، ومؤكدة على أن ما تقوله ليس نهائياً، ولكنه قابل للتعديل والتصويب.
خلاصة الآلية
يمكن تلخيص المسألة بالقول: إن الآلية ستعمل بالشكل التالي:
* رئيس الجمهورية عيّن الأعضاء العشرة للجنة العليا.
* أعضاء اللجنة العليا، وبالتشاور، يقومون بتعيين أعضاء اللجان الناخبة الفرعية على مستوى المحافظات.
* اللجان الفرعية، وبالتشاور مع المناطق، تقوم بانتقاء الهيئات الناخبة على مستوى المناطق (تقسم البلد إدارياً إلى حوالي 67 منطقة).
* عدد أعضاء الهيئات الناخبة في كل منطقة يتناسب مع عدد سكانها، بحيث تكون نسبة التمثيل هي بين 30-50 ناخباً لكل عضو في مجلس الشعب.
* يتم توزيع المقاعد على المناطق وفقاً لعدد سكانها من جهة، ووفقاً للعدد الكلي المتاح ضمن كل محافظة، وعلى هذا الأساس يمكن أن يكون للمنطقة الواحدة ممثل واحد في مجلس الشعب أو اثنان أو ثلاثة، ويمكن لأكثر من منطقة (بعدد سكان قليل نسبياً) أن تتمثل بممثل واحد.
* عدد أعضاء الهيئة الناخبة مشتق من عدد الممثلين في مجلس الشعب لكل منطقة، فإذا كان للمنطقة مثلاً ممثلان، تكون هيئتها الناخبة مكونة من 100 شخص، وإذا كانت مكونة من 3 فـ150 شخصاً وهكذا...
* تم الحديث عن فئتين في ضمن الهيئات الناخبة، وتمت تسميتهما بالأعيان والمثقفين.
* يجتمع أعضاء الهيئات الناخبة، ويختارون من يمثل مناطقهم.
* ينبغي أن يحقق العضو المرشح للهيئات الناخبة وللمجلس عدة شروط عامة، ولكن بينها شروطاً تفصيلية، هي أن يكون قيد نفوسه ضمن المنطقة التي يترشح عنها.
* أي أن المراحل باختصار هي بالشكل التالي: الرئيس يعين 50 عضواً من أصل 150، ويعين اللجنة العليا للانتخابات التي تعين اللجان الفرعية في المحافظات، التي تختار الهيئات الناخبة في المناطق، والهيئات الناخبة تختار الأعضاء المئة المتبقين... ويمكن على هذا الأساس القول: إن الآلية بمجملها هي آلية تعيين على مراحل.
مداخلات الحضور
تفاوتت مداخلات الحضور بين مرحب ومنتقد، ولكن غلب عليها جو عام من الانتقاد عالي الصوت، بدأه النائب السابق والمعتقل السياسي مأمون الحمصي الذي قال: إن هذه الآلية هي خطوة إلى الوراء، لأنها تتراجع عن الانتخاب المباشر باتجاه عمليات التعيين من فوق، واعتبر أن الشعب السوري يستحق بعد عقود من تغييب صوته أن يقول ما يريد عبر صندوق الاقتراع العام.
كذلك فقد أثارت حفيظة قسم من الحضور مسألة تفصيلية تتعلق بقيد النفوس، وقالوا: إنها غير منصفة إطلاقاً لأن أناساً كثيرين يعيشون ويقيمون ويعملون منذ سنوات طويلة حتى ما قبل 2011 خارج الأماكن التي فيها قيد نفوسهم، ولا يمكن حرمان هؤلاء من حق تمثيل المناطق التي يعيشون فيها فقط على أساس موضوع قيد النفوس.
الرفيق مهند دليقان الذي حضر ممثلاً حزب الإرادة الشعبية، أدلى بالمداخلة التالية: «المسلمة الأكيدة المتفق عليها هي أنه علينا ألا نسمح بتكرار النموذج الانتخابي للنظام السابق، ويجب أن نسير إلى الأمام لا إلى الخلف. النموذج الانتخابي للنظام السابق كان قائماً على ثلاث ركائز:
تدخل جهاز الدولة في الانتخابات، وخاصة عبر الأجهزة الأمنية.
تدخل قوى المال في العملية الانتخابية.
القانون الانتخابي الأكثري والدائرة هي المحافظة، وهو القانون نفسه الذي كان معمولاً به أيام الاحتلال الفرنسي، وبقي مستمراً لدينا لثمانية عقود تقريباً دون تعديل حقيقي.
هذا النموذج سمح للنظام بتغييب صوت السوريين، وبتحويل مجلس الشعب إلى ما يشبه مجلس أعيان. إذا أردنا السير إلى الأمام، ورغم عدم وجود ظروف مثالية، فإننا أمام أحد خيارين، إما الآلية التي تطرحونها وهي آلية تعيين إلى حد بعيد، أو الانتخابات المباشرة، وهذه لها شكلان،
الأول: المحافظة دائرة وأكثري (أي طريقة النظام السابق) وهذا يضيف تعقيدات لوجستية هائلة.
الثاني: الذي نقترحه، هو أكثر تطوراً بكثير هو البلاد دائرة واحدة، وانتخابات نسبية على أساس قوائم وبرامج. بهذه الطريقة يمكن حل مشكلتين معاً، هما مشكلتان كبيرتان اليوم وبعد خمس سنوات.
أولاً: لدينا ملايين السوريين خارج البلاد لا يمكن ضمان تمثيلهم بالآلية التي تقترحونها ويمكن عبر الدائرة الواحدة النسبية.
ثانياً: هنالك تغيّر هائل بالتوزع الديمغرافي للسوريين ضمن سورية، وظهر من مداخلات الحضور أن هنالك مشكلات كبرى بمواضيع قيد النفوس والإقامة وإلخ، هؤلاء أيضاً لا يمكن تمثيلهم بالآلية التي تقترحونها، ولكن يمكن تمثيلهم بالدائرة الواحدة النسبية.
لذلك دعونا نفكر بأن نخطو خطوة حقيقية إلى الأمام، عبر انتخابات دائرة واحدة نسبية، تسمح باشتراك ملايين السوريين الموجودين خارج سورية، وتسمح بتنشيط الحياة السياسية في البلاد، لا أن تقتصر المسألة على ما يشبه مجلس الأعيان، مع أهمية فكرة مجلس الأعيان، ربما تنفع الآلية التي تقترحونها جزئياً له، ولكن شرط أن يكون إحدى غرفتي البرلمان.
والآلية العملية لتنفيذ انتخابات دائرة واحدة نسبية، هي أن نعتمد مجموعة من وثائق التعريف، تكون أي منها كافية لاشتراك السوري في الانتخابات. لا أدعي أن هذه الآلية مثالية، ولكنها بالتأكيد أكثر تمثيلية للشعب السوري ورأيه بكثير من الآلية التي تقترحونها».
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1231