دروس حول العلاقة مع الولايات المتحدة!
ينسب إلى مستشار الأمن القومي الأمريكي ووزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر قوله في محادثات مغلقة عام 1968: «أن تكون عدواً لأمريكا فهو أمرٌ خطير، لكن أن تكون صديقاً لها فهو أمر قاتل»!
تحّولت هذه العبارة إلى قاعدة أساسية للتحذير من خطورة العلاقة مع الولايات المتحدة، وذلك تحديداً كون الأخيرة أقدمت في مرات كثيرة على تبديل مواقفها بحسب مصالحها، وتركت «حلفاءها» ليحصدوا واقعاً مريراً أنتجه الأمريكيون أنفسهم، هذا فضلاً عن أن الولايات المتحدة ترى نفسها دائماً في موقع أعلى في التعامل مع الآخرين، ولهذا المطلوب في نظرها من «الحلفاء» أن يقدّموا الكثير مقابل القليل الذي قد تمن عليهم به في المقابل.
حين أعلنت الولايات المتحدة أنّها تعمل على نشر الفوضى وتفتيت الشرق الأوسط لضمان مصالحها، لم يستطع أي من «حلفائها» في المنطقة ضمان أمنه بل وجدوا أنفسهم جميعاً في دوامة خطرة لا تستثني أحداً، وهذا ما دفع دولاً إقليمية كبرى مثل السعودية وتركيا لإعادة النظر في تعويلهم على واشنطن؛ ففي المثال التركي، ظهر أن الولايات المتحدة دعمت انقلاباً على النظام هناك، وهي المسؤولة الأساسية عن واقع ترى فيه تركيا نفسها تحت تهديد حقيقي لوحدتها.
بالنسبة للسعودية، أقدمت الولايات المتحدة على سلسلة من الخطوات أدّت بشكل مباشر لزيادة التهديدات على السعودية، بدءاً من غزو العراق، أو توريط السعودية في حرب اليمن ثم الانسحاب منها، هذا فضلاً عن محاولات التحكم بسوق النفط العالمي بما يعارض مصالح السعودية في كثير من الأحيان، وقضايا أخرى مثل ابتزاز السعودية في قضية مقتل الخاشقجي.
الحلفاء بالنسبة للولايات المتحدة بحسب أحد الأكاديميين هم «ميزة نسبية» يجب استخدامها بحكمة، لكن العلاقات الدولية تبنى عادة على تبادل المنفعة والمصالح، هذا ما لا يبدو واضحاً في ذهن الأمريكيين على الإطلاق، حتى عند الحديث عن علاقات مع دول كبرى وقوى إقليمية مؤثرة، أما حين يتعلق الأمر بعلاقة الولايات المتحدة مع الدول الأكثر ضعفاً، فإنه لا يمكن التعويل على أي ضمانة من أي نوع كان... خاصة الضمانات الكلامية عبر التصريحات!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 0000