ما هو جوهر الصراع الطائفي؟

ما هو جوهر الصراع الطائفي؟

حين يجري ذكر الطائفية، عادةً ما يصفها الناس بأوصاف من نوع: المقيتة، الكريهة، المدمرة، إلخ. ولكن هذه التوصيفات لا تكفي لفهم المسألة وفهم أبعادها العميقة...

الصراع هو سنة من سنن الحياة الثابتة، ضمن ما نعرفه من تاريخ البشر. وهذا الصراع يأخذ أشكالاً متعددة ومتباينة؛ بينها الصراع بين الدول وداخل الدول نفسها، وبين الظُّلام والمظلومين، بين الناهبين والمنهوبين.
حين يجري جر الناس نحو الصراع على أساس طوائفهم أو قومياتهم، فإن هذا يؤمن ملاذاً للطغاة والظالمين والمجرمين؛ فحين تصنف ديناً ما أو طائفة ما أو جماعة ما بأنها شر كلها، وبأنها عدو كلها، فأنت تحمي الطالح ضمنها بتجنيد الصالح رغماً عنه وراء الطالح.
بهذه الطريقة، يمكن لأمراء الحرب والمجرمين والفاسدين الكبار من مختلف الأطراف، أن يستخدموا عامة الناس في القتال ضد بعضهم البعض، ولمصلحة المجرمين.
في الحالة السورية، فإن الحق هو أن المجرمين والفاسدين وأمراء الحرب، ينتمون إلى الطوائف والأديان والقوميات كلها، فهؤلاء من أعملوا بالشعب السوري قتلاً ونهباً، عبر الكبتاغون وعبر الحواجز والإتاوات والمعتقلات، وسلوكهم تجاه الناس يكاد يكون متطابقاً، حتى وإنْ اصطفوا ضمن مواقف سياسية متعارضة من حيث الشكل.
تقسيم السوريين على أساس طوائفهم يعني إدامة الحرب والقتل، ويعني استمرار سطوة قلة قليلة لا تنتمي لطائفة بعينها، بل تنتمي للطوائف والأديان كلها، وتستغل الصراع الطائفي لتمتص دماء السوريين الفقراء.
وما هو أخطر من ذلك، أن سيادة المنطق الطائفي تعني تشريع أبواب البلد للتدخلات الخارجية بأشكالها المختلفة، وتعني تهديد وحدتها، وإضعافها جملةً وتفصيلاً، أي إضعافها كبلد، وإضعاف كل طائفة وقومية ودين فيها.
التخلص من الطائفية، ومن التفكير الطائفي الحاقد، هو أداة أساسية للنهوض بالبلاد، لحمايتها وحماية أهلها، والعلاج المطلوب هو توجيه الأنظار نحو الصراع الحقيقي، الصراع ضد الظلم والنهب، ومن أجل مصلحة عموم الفقراء في سورية، والذين يشكلون أكثر من 90% من السوريين، وينتمون للأديان والطوائف والقوميات كلها،
هؤلاء إن استطاعوا تجميع شملهم، فهم القوة الأقدر على توحيد البلاد، وعلى النهوض بها، وعلى التصدي للظلم الداخلي والخارجي على حد سواء...
بهذا المعنى، فالطائفية هي عدو الفقراء، ونصير الناهبين والظّلام... وعلى العكس، فاجتماع كلمة الناس حول المسألة الاقتصادية الاجتماعية، هو نصير الفقراء والمظلومين والخاصرة الضعيفة للناهبين...

معلومات إضافية

العدد رقم:
1218
آخر تعديل على الأحد, 16 آذار/مارس 2025 19:56