لماذا سمحت الولايات المتحدة بمرور غازٍ قطري لسورية؟
عماد طحان عماد طحان

لماذا سمحت الولايات المتحدة بمرور غازٍ قطري لسورية؟

تم الكشف مؤخراً عن أن دولة قطر ستبدأ بتوريد غازٍ طبيعي لسورية عبر الأراضي الأردنية «في خطوة تهدف إلى معالجة النقص الحاد في إنتاج الكهرباء وتحسين أداء البنية التحتية في سورية».

وأفادت وكالة الأنباء القطرية، بأن هذه المبادرة تأتي في إطار توقيع اتفاقية بين صندوق قطر للتنمية ووزارة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي سيتولى الإشراف على الجوانب التنفيذية للمشروع.
كمية الغاز الطبيعية التي سيتم توريدها ستسمح بتوليد 400 ميغا واط من الكهرباء، علماً أن التوليد الحالي للكهرباء في سورية هو بحدود 1600 ميغا واط، أي أن الزيادة في التوليد ستبلغ 25% الأمر الذي من الممكن أن يؤدي إلى زيادة عدد ساعات الوصل الكهربائي المنزلي بمعدل ساعة واحدة يومياً.
في الوقت نفسه، فقد كشفت وكالة رويترز نقلاً عن مسؤول أمريكي، أن الولايات المتحدة سمحت بتمرير هذه الصفقة عبر استثنائها من العقوبات، ما يطرح سؤالاً عن غايات واشنطن من هذا «السماح»...
أولاً: لا شك أن قطر وغيرها من الدول العربية، باتت لها مصلحة حقيقية بإحلال الاستقرار في سورية، الأمر الذي يجعل من تقديم الدعم الاقتصادي لسورية أمراً بديهياً وطبيعياً.
ثانياً: رغم ذلك، فإن قدرة البلدان العربية والخليجية تحديداً على دعم سورية اقتصادياً، ما تزال مقيدةً إلى حد بعيد بالعقوبات الأمريكية؛ فالمشكلة هنا ليست مشكلة موارد بالنسبة للدول العربية، ولكنها مشكلة سياسية تتعلق برفض واشنطن فتح صنابير المساعدات نحو سورية، إلا وفق ضبط محدد تتحكم هي به، ويصب في أهدافها السياسية.
ثالثاً: زيادة 400 ميغا واط كهرباء، تكاد لا تعني شيئاً في الواقع السوري؛ لا شك أن ساعة وصل كهربائي إضافية هي أمر لن يرفضه أي سوري، ولكنها لن تسمح بإطلاق عجلة الإنتاج، ولن تساعد بشكلٍ حقيقي في معالجة المشكلات الاقتصادية الكبرى التي يعيشها السوريون... فإعادة إقلاع الاقتصاد الوطني تحتاج بالحد الأدنى إلى إجمالي توليد كهربائي لا يقل عن 7000 إلى 8000 ميغا واط.

ما الهدف إذاً؟

إذا كان هذا التوريد الجديد لن يغني ولن يسمن من جوع، فإن له هدفاً سياسياً ينبغي تحديده، وهذا الهدف فيما نعتقد يتمثل بالتالي:
يواصل الأمريكان فرض عقوباتهم على سورية، ويواصلون خنقها عبر هذه العقوبات، وهم في الوقت نفسه يحاولون قطع الطريق على انفتاح سورية على أي احتمالات أخرى بعيدة عنهم، وعن الغرب بالمعنى الاقتصادي.
بكلمة بسيطة، حين تقتنع السلطات في سورية بأن الأمريكي لن يرفع العقوبات، ولن يسمح لسورية بالتعافي، فإنها ستكون مضطرة للبحث عن خيارات أخرى ودول أخرى لا تهمها العقوبات الأمريكية، بما في ذلك الصين وروسيا، وحتى إيران.
ولهذا السبب بالذات، تقوم واشنطن بتأمين «تنفيسات» صغيرة من طراز الغاز الطبيعي القطري لتوليد 400 ميغا واط، لإحياء الأمل لدى السلطات في سورية بأن رفع العقوبات ربما يحدث في وقت ما.
هذا الأسلوب في التلاعب، ينبغي أن يكون واضحاً ومكشوفاً، وينبغي علينا كسوريين، سواء كقوى سياسية أو مجتمعية أو سلطات، أن نتخلص بأسرع وقتٍ ممكن من أوهام الرفع القريب للعقوبات الأمريكية، وأن نحدد خياراتنا بناءً على مصالح سورية الفعلية، واستناداً لمواردنا الداخلية بالدرجة الأولى، ومن ثم بالاستفادة من التوازنات الدولية والصراعات الدولية لتوظيفها لمصلحتنا، دون الخضوع لأي طرف من الأطراف المتناقضة...

معلومات إضافية

العدد رقم:
1218