افتتاحية قاسيون 1208: نحو انتصار تيار الوطنية السورية

افتتاحية قاسيون 1208: نحو انتصار تيار الوطنية السورية

تشبه الظروف التي تمر بها البلاد اليوم، ظروف تأسيسها الأولى قبل قرن من الزمان؛ رغم أن الأوضاع العالمية والإقليمية، سياسياً واقتصادياً مختلفة اختلافاً كبيراً، إلا أن إرادة السوريين بإعادة اللُّحمة لبلادهم، وبلم شملها من جديد، هي الإرادة نفسها التي كانت لدى المؤسسين الأوائل؛ من يوسف العظمة إلى سلطان باشا الأطرش وصالح العلي وإبراهيم هنانو ومحمد الأشمر ورمضان باشا شلاش وإسماعيل الحريري ورفاقهم، وصولاً إلى مرحلة الاستقلال ورجالاتها الكبار، وبينهم عبد الرحمن الشهبندر وفارس الخوري وخالد العظم وآخرين، والذين تعالوا فوق الانتماءات الضيقة، وفوق الاتجاهات الفكرية المتعددة، وجمعهم تيار عام كبير هو تيار الوطنية السورية.

في ظروفنا التي نعيشها اليوم، نحن بحاجة لاستلهام دروس الآباء الأوائل لسورية، وبحاجة لتكرار تجربتهم بما يناسب زمننا هذا، وبما يحتاجه من إضافات وحلول إبداعية.

أول ما ينبغي تجاوزه، هو الانقسامات الحادة ذات الطابع الأيديولوجي؛ في سورية، وعبر مئة عام، وجدت دائماً ثلاثة تيارات شعبية-سياسية، تيار ديني، وتيار قومي، وتيار يساري، وهذه التيارات دخلت في تحالفات متعددة حتى نهاية الخمسينيات، حيث بدأت العلاقة بينها تنتقل من التنافس السياسي الطبيعي والمشروع، إلا التضاد والعداوة والفصل الحاد.

اليوم، وأمام المهام الملحة المطروحة أمام سورية والسوريين، فإننا مرة أخرى أمام الحاجة إلى العودة لحالة من التحالف الوطني الواسع النطاق، والذي لا مشكلة أن يتم التنافس ضمنه، على أساس ديمقراطي، ولكن أن يتم وضع أولوياته الوطنية العليا بحيث تكون قاعدة العمل المشترك وإطاره.

المهمة الملموسة المباشرة التي ينبغي لتحالف وطني واسع أن يتصدى لها، هي: استكمال عملية الانتقال نحو سورية موحدة أرضاً وشعباً، وديمقراطية، وعادلة اجتماعياً؛ وهذا يتطلب ضمناً أن تعود البلاد سوقاً واحدة متصلة، كأساس من أساسات وحدتها، وأن يتم استكمال اجتثاث الفساد الذي أوشك على إنهاء وجود الدولة، والقادر على إنهائها مجدداً، إن لم يتم القضاء عليه نهائياً... وموارد هذا الفساد التي نهبها، يمكنها أن تتحول إلى أداة في تحقيق الحد الأدنى المنطقي من العدالة الاجتماعية ضمن هذه المرحلة.

الخطوة الأولى في استكمال عملية الانتقال، والتي ينبغي أن تدار بشكل صحيح، هي: مهمة تشكيل وعقد المؤتمر الوطني الجامع الشامل، والذي ينبغي أن يقوم ليس على جمع السوريين بوصفهم «مكونات» على الطرق الطائفية والدينية والقومية والعشائرية، بل بوصفهم مواطنين سوريين متساوي الحقوق والواجبات، والتمثيل السياسي العابر للانتماءات الفرعية، هو الأداة الأساسية في عملية الجمع هذه، جنباً إلى جنب مع ممثلي مختلف أشكال المجتمع الأهلي في سورية بتكويناته العديدة.

بالتوازي، فإن مهمات الوصول إلى جيش وطني واحد، وحصر السلاح وضبط الأمن والحفاظ على السلم الأهلي، تبقى بين أكثر المهمات إلحاحاً.

المؤتمر الوطني نفسه، والتحالف الوطني الواسع الذي ندعو إليهما هنا، في حال تم العمل عليهما بشكلٍ صحيح، سيتحولان إلى مساعد أساسي في تحقيق هذه المهمات.

«الشعب السوري واحد»، و«سورية لكل أبنائها» ... هما شعاران عامّان جداً، ولكنهما مبدئيان وأساسيان في الطور الجديد الذي دخلته البلاد، وفي التأسيس للتحالف الوطني الواسع بوصفه أداةً من أدوات تحقيق: السلطة للشعب، الكرامة للوطن، الثروة للجميع!

(English Version)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1208
آخر تعديل على الإثنين, 06 كانون2/يناير 2025 17:07