افتتاحية قاسيون 1207: ثلاث مهام ملحة أمام الدولة والشعب!

افتتاحية قاسيون 1207: ثلاث مهام ملحة أمام الدولة والشعب!

ينتصب أمام الحركة الشعبية السورية في طورها الثاني، وبعد أن أتمت في طورها الأول إسقاط السلطة الهاربة، عددٌ من المهام الكبرى، وعلى رأسها استعادة وحدة البلاد، ووحدة الشعب السوري، وحفظ كرامة البلد وسيادتها على أرضها، بالتوازي مع ضبط الأمن والسلم الأهلي، والعمل على بناء جيش وطني يتم حصر السلاح به وحده.

ضمن هذه الخطوط العامة، تبرز اليوم ثلاث مهمات ملحة هي التالية:

 أولاً: ينبغي اتخاذ موقفٍ واضح يضع حداً للتغوّل «الإسرائيلي» على الأرض السورية وعلى كرامة السوريين، كخطوة أولى يتبعها عمل متواصل لاستعادة كامل التراب السوري المحتل. التغوّل «الإسرائيلي» يعمل على اغتيال آمال السوريين وفرحهم وتفخيخ مستقبلهم، وتفجيره إن استطاع إلى ذلك سبيلاً، واتخاذ موقف عملي واضح منه ينبغي أن يتضمن استخدام الوسائل السياسية المتاحة كلها بين يدينا كسوريين، بما في ذلك الاستناد إلى القوانين والقرارات الدولية، والاستفادة من الدول التي لا مصلحة لها بتمدد العدو ضمن أرضنا، والاستناد إلى الموقف الوطني الواضح للشعب السوري، والذي عبر عن نفسه أبهى تعبير في ريف درعا، حين وقف أبناؤها بصدورٍ عارية في وجه المحتل، دفاعاً عن كرامتهم وكرامة شعبهم وبلدهم... ولا يجوز أمام هذه المهمة، التذرع بالضعف والتعب لتمرير إهانة كرامة السوريين، وتمرير أجندات الانبطاح والاستسلام تحت مسمى «السلام».

 ثانياً: لا يمكن محاصرة الفلتان الأمني المتكرر والمسمى «حالات فردية» بطريقة رجال الإطفاء؛ فمهما كانت الرغبة قوية لدى السلطة المركزية في ضبط الأمن، فإنها لن تكون قادرة على حل الموضوع دون الاعتماد مباشرة على الشارع السوري. وهذا يتطلب انفراجاً سياسياً وطمأنة السوريين عبر توضيح أمور هامة بشكل شفاف، مثل: آلية تكوين مؤتمر الحوار الوطني والحكومة الانتقالية، وهي أمور ما تزال غامضة حتى اللحظة، مما لا يسمح بتعزيز الوحدة الوطنية لمواجهة التحديات الجديدة، ومنها الانفلات المرشح للتكرار والتوسع بفعل الطابور الخامس، وبفعل أعداء الخارج غير المسرورين مما يجري حتى الآن.

إن موضوع ضبط الأمن والحفاظ على السلم الأهلي، لا يمكن تحقيقه بشكلٍ فعالٍ عبر ما يسمى «حلولاً أمنية»، بل يتم عبر الاستناد إلى الشعب السوري نفسه، وخبرته وقدراته ورغبته في الاستقرار، وفي فتح صفحة جديدة. وهذا الأمر لا يمكن أن يتم دون نشاط واسع للناس في إطار السلم الأهلي، وهو ما يجري فعلاً، ويحتاج إلى مزيد من التعزيز والتنظيم، وذلك بالتوازي مع تجهيز حقيقي لمؤتمر حوار وطني جامع للتجهيز للمرحلة الانتقالية، مؤتمرٌ يستند إلى التعددية السياسية في سورية بالدرجة الأولى، ويضمن عدم تكرار حالة «الحزب القائد»؛ فسورية أعقد بكثير وأكبر بكثير من أن تستطيع جهة أياً تكن أن تستأثر بها.

 ثالثاً: أوضاع الناس المعيشية مزرية إلى أقصى الحدود، وكذا وضع الاقتصاد السوري عموماً. وهذا يحتاج إلى تدوير سريع لعجلة الاقتصاد بالجهود الوطنية بالدرجة الأولى، دون ملاحقة الأوهام حول رفع عقوبات قريب؛ فالغرب وعلى رأسه أمريكا قد وضح أنه لن يرفع العقوبات في أي وقت قريب، وأنه يريد فرض شروطه السياسية والاقتصادية، وإدخال موظفيه الأوفياء، عبر إنزال مظلي على السلطة في سورية، ليكمل مسيرة السلطة السابقة في ضرب الإنتاج الوطني تحت مسميات «الليبرالية» و«اقتصاد السوق الحر» و«اقتصاد السوق الاجتماعي»... إن حل المشكلات الكبرى في الاقتصاد السوري أمر ممكن، وضمن آجال متوسطة لا تتجاوز 5 أعوام، في حال تم الاعتماد بالدرجة الأولى على الموارد المحلية، وعلى رأسها موارد الفساد الكبير، عبر إعادة توزيع عادل للثروة، وتحت الرقابة الشعبية الواعية المنظمة الصارمة. وبالدرجة الثانية يمكن الاعتماد على مساعدات غير مشروطة سياسياً من دول عديدة لها مصلحة في استقرار سورية وبقائها موحدة، وبالاستفادة من التوازن الدولي الجديد.

إن هذه المهام الملحة الثلاث، هي الترجمة الحالية للترابط بين القضايا الوطنية، والديمقراطية، والاقتصادية-الاجتماعية، والتي لا يمكن فصل أي منها عن الأخرى ضمن نضال الشعب السوري لاستعادة بلاده... لتكون السلطة للشعب، والكرامة للوطن، والثروة للجميع!

(English version)

 
https://soundcloud.com/kassioun-938551396/1207a?si=a86803b99c694aa28d60900d6147695e&utm_source=clipboard&utm_medium=text&utm_campaign=social_sharing

معلومات إضافية

العدد رقم:
1207
آخر تعديل على الأحد, 29 كانون1/ديسمبر 2024 20:23