افتتاحية قاسيون 1205: الموجة الشعبية الجديدة تبدأ الآن

افتتاحية قاسيون 1205: الموجة الشعبية الجديدة تبدأ الآن

أثمرت نضالات الشعب السوري بعد ما يقرب من 14 سنة من العذاب المستمر، الطورَ الأول من الانتصار؛ انتهت الموجة الأولى التي بدأت في آذار ٢٠١١، وتبدأ الآن موجة جديدة مسلحة بخبرات الأولى ودروسها... وما يزال أمامنا شوطٌ غير قصيرٍ علينا قطعه لاستكمال الانتصار، وما تزال أمام الشعب السوري نضالاتٌ لا بد من خوضها.

علمتنا تجارب دولٍ أخرى، وفي مقدمتها تونس ومصر، أن رحيل الطغاة وهروبهم لا يعني رحيل النظام، وأن تغيير الوجوه والطرابيش لا يعني انتصار الثورة؛ علمتنا أن العملية الثورية لتغيير النظام تغييراً جذرياً شاملاً، هي عملية معقدة وشاقة، وتحتاج نضالاً عنيداً واعياً منظماً مستمراً، وإلا فإنّ الطغيان والقهر قادرٌ دائماً على التنكر بوجوه جديدة، وبطرابيش جديدة...

العملية الثورية ليست مجرد لحظة عابرة يتم فيها إبدال سلطة بسلطة، بل هي عملية مستمرة، سلاحها الأساسي: هو الشعب المنظّم الواعي لمصالحه وحقوقه، والمستعد للذود عنها في الساحات كلها، وفي الأوقات كلها، وغايتها هي استلام الشعب للسلطة قولاً وفعلاً، وسيادته على أرضه الكريمة العزيزة، وسيادته الكاملة على ثرواته وتعبه.

بهذا المعنى، فالثورة، وكما قلنا مراراً، ما تزال أمامنا وليست وراءنا؛ يحق لنا أن نفرح بانفتاح أفق الأمل، وبتسرب أشعة الشمس الدافئة لعظامنا المتعبة بعد عقودٍ من الظلام والبرد القاتل، ولكن يحق لنا أيضاً، ويجب علينا، أن يكون فرحنا فرحاً مسلحاً باليقظة والحكمة، والاستعداد العالي للنضال لاستكمال الانتصار... فأولئك الذين يذهبون بالأفراح حدّ القول: «يعطيكم العافية، تمت المهمة، عودوا إلى بيوتكم»، هم إما واهمون، أو أنهم لا يريدون للشعب السوري أن يحتل موقعه على مسرح التاريخ...

المسألة لا تتعلق بمدى الثقة بهذه أو تلك من سلطات الأمر الواقع، بل بالعقلية الجديدة التي ينبغي أن تسود بين السوريين؛ ينبغي ألا نلدغ من جحرٍ مرتين!

العقلية الجديدة التي ينبغي أن تسود، هي عقلية بعيدة كل البعد عن التسليم لـلـ «الحزب القائد»، و«القائد التاريخي الفذ»، و«القيادة الحكيمة» ... العقلية التي يجب أن تسود هي أن السلطة والقادة هم موظفون لدى الشعب، يراقبهم ويحاسبهم ويبدلهم، ولا يمكنه القيام بذلك إنْ لم يكن شعباً منظماً يمتلك أدواته في الدفاع عن حقوقه وسيادته وكرامته.

 

الفصل الأول من العملية الثورية انتهى، والآن بدأ فصل جديد عنوانه الأساسي، هو الدفع نحو التعددية السياسية الحقيقية، ونحو الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، والمدخل نحو ذلك كله هو تنفيذ خارطة الطريق الموجودة في القرار 2254 كاملةً، والمستند إلى حق الشعب السوري في تقرير مصيره بنفسه، وعبر الحوار بين السوريين، كل السوريين، مروراً بتشكيل جسم حكم انتقالي، وصياغة دستور جديد، ومن ثم انتخابات يختار فيها السوريون من يمثلهم في إدارة الدولة الجديدة وقيادتها.

خط الفصل الحقيقي بين السوريين ما يزال هو نفسه: خط الفصل الاقتصادي الاجتماعي، حيث أكثر من 90% من السوريين هم من المنتجين المفقرين المنهوبين، وهؤلاء من القوميات والطوائف والأديان كلها، بل ومن الولاءات السياسية كلها، بما فيها تلك التي عفا عليها الزمن بين «موالٍ» و«معارض».. وأقل من 10% هم الناهبون المتسلطون الفاسدون الذين ينتمون أيضاً إلى القوميات والطوائف والأديان والولاءات السياسية كلها، السابقة والحالية...

خط الفصل الاجتماعي هو أحد أهم الأسس التي ينبغي توجيه الأنظار نحوه في عملية النضال نحو ثورة مكتملة تغير النظام تغييراً جذرياً شاملاً لمصلحة الشعب السوري، أي لمصلحة حزب الـ 90 %.

وإذاً... فإلى الأمام!

تنظموا... تنظموا... تنظموا!

فالعمل الثوري الواسع قد بدأ للتو.

(English Version)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1205
آخر تعديل على الأحد, 15 كانون1/ديسمبر 2024 20:46