افتتاحية قاسيون 1196: كيف نحمي سورية؟

افتتاحية قاسيون 1196: كيف نحمي سورية؟

يثبت كل يومٍ إضافي في المعركة الجارية، ما أكدته قاسيون مراراً من أنها ليست معركة غزة وحدها، ولا حتى معركة فلسطين وحدها أو لبنان، بل هي معركة المنطقة كلها، وجزء من معركة عالمية كبرى، وأن الطرف الأساسي المعادي فيها هو واشنطن. وأن النار المشتعلة في فلسطين وفي لبنان، هدفها الأكبر هو إشعال المنطقة بأسرها انطلاقاً من تفجير تناقضاتها الداخلية.

بهذا المعنى، فنحن في سورية لسنا بمنأىً عن هذه الحرب بأي حالٍ من الأحوال، ليس فقط عبر الاعتداءات الصهيونية المتكررة على أراضينا، بل وأيضاً عبر مختلف الاحتمالات الخطرة التي يجري التحضير لها بشكلٍ حثيث.

التصريحات المفاجئة التي أطلقها أردوغان مؤخراً، محذراً من اجتياحٍ «إسرائيلي» باتجاه دمشق، لم تأتِ من فراغ، ونترك للأيام أن تثبت مدى دقتها، وكذلك تصريحاته التي طلب فيها عملياً تعاوناً روسياً إيرانياً لصد الاحتمالات الخطرة، وكان سابقاً قد عبر عن أن تركيا نفسها مستهدفة من «الإسرائيلي».

السيناريوهات الأكثر قرباً للواقع في هذا الإطار، هي العمل الملحوظ والواضح على إعادة إشعال جبهات متعددة في أنحاء مختلفة من سورية، بالاستناد إلى النصرة وأشباهها، وربما إلى آخرين، ضمن إطار الفوضى الهجينة الشاملة الأمريكية.

هذه التطورات، ورغم ما تحمله من مخاطر، إلّا أنها وفي الوقت نفسه تفتح الباب أمام فرصٍ كبرى للدفاع عن سورية، ولاستعادة وحدتها ووحدة شعبها؛ أولاً: عبر القطع نهائياً مع أي أوهام تتعلق بصفقات من فوق أو تحت الطاولة مع الغرب، عبر «خطوة مقابل خطوة» أو ما شابهها. ثانياً: عبر الذهاب نحو الحل السياسي وفق 2254 بالتوازي مع التسوية السورية التركية، التي من شأنها- إضافة لجملة الفوائد والضرورات التي سبق أن أشرنا إليها في افتتاحيات متعددة من قاسيون- أن تنتزع فتيل تفجير جديد يجري التحضير له بشكل حثيث وواضح، تفجيرٍ من شأنه، إضافة إلى خلخلة الوضع بشكل كبير مجدداً، وتعقيد الطريق نحو استعادة وحدة سورية، من شأنه أيضاً أن يسفك دماءً سورية جديدة، وأن يفاقم المأساة والجرح الذي لم يندمل بعد.

إن التكوّن العملي لمنظومة دولية وإقليمية جديدة في مواجهة الأمريكي والصهيوني، باتت المخرج الأساسي من مسلسل التفتيت والتخريب، ونواة هذه المنظومة بالنسبة لمنطقتنا هو ثلاثي أستانا، ومعه دول عربية أساسية مهددة هي الأخرى بالقدر نفسه بعمليات التخريب والتفتيت...

 

حول هذه الغاية، ينبغي أن يتجمع الوطنيون السوريون، سواء ممن يحسبون أنفسهم معارضة أو موالاة أو أصحاب رأي ثالث؛ لأن ما هو موضوع على الطاولة الآن هو مستقبل سورية نفسها، ومستقبل المنطقة بأسرها... التوازن الدولي الجديد في صالحنا، وإمكانيات الانتصار أكبر بكثير من إمكانيات الهزيمة، ولكن الشرط اللازم للانتصار، هو توفر العامل الذاتي لتحقيقه، وهذا يتمثل أولاً بالقوى الوطنية المنظمة القادرة على الدفع باتجاه الحل، بشكلٍ فوري، وبالتعاون مع أصحاب المصلحة في الاستقرار في منطقتنا وفي العالم.  

(English Version)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1196
آخر تعديل على الأحد, 13 تشرين1/أكتوير 2024 19:57