افتتاحية قاسيون 1188: الحل السياسي و«السياسة الأوروبية الجديدة»!
تتكثف السياسة الأوروبية، التي يقال عنها: إنها جديدة حيال سورية، بجملة واضحة جاءت ضمن اللاورقة التي أرسلتها ثماني دول أوروبية منتصف الشهر الماضي لمسؤول الخارجية والأمن ضمن الاتحاد؛ تقول الجملة: «إن الحل السياسي المتوافق مع القرار 2254، يبدو بعيد المنال».
وعلى أساس هذه الجملة، ومعها سرد توصيفي للوقائع، تدعو هذه الدول الثماني لجملة إجراءات، هي في جوهرها إطارٌ تنفيذي لمشروع «خطوة مقابل خطوة»، يتضمن تطبيعاً مع النظام، ورفعاً تدريجياً للعقوبات، وإعادة للنظر بـ«فاعلية المعارضة المعتدلة التي دعمناها» وصولاً إلى التخلي النهائي عنها؛ وبكلمة مختصرة، فإن السياسات المقترحة ضمن الورقة، هي الاستكمال العملي لسياسة «تغيير سلوك النظام» التي تبناها الغرب ابتداء من بريطانيا والولايات المتحدة منذ أواسط عام 2016، والتي كانت وما تزال تهدف إلى تمديد الأزمة إلى ما لا نهاية، وإلى تعميقها وتكريس تقسيم الأمر الواقع، بالضبط عبر الاستناد إلى المصالح الضيقة لقوى الأمر الواقع وتجار الحرب.
واهمٌ من يتعامل مع «المقترح الجديد»، بوصفه مقترحاً مقصوراً على الدول الثماني التي قدمته، وهي دول من الدرجة الثانية والثالثة من حيث الوزن ضمن الاتحاد الأوروبي، وواهمٌ كذلك من يعتقد أن المقترح هو أوروبي بحت؛ وإنما هو بالجوهر خطة عمل أمريكية بريطانية، يجري توزيع الأدوار بين اللاعبين ضمنها بين ضغطٍ من جانبٍ وتسهيلات من جانب، في إطار استكمال عملية تطويع النظام أو وفق تعبيرهم «تغيير سلوكه».
ما يكشف هذه الحقيقة هو الانسجام الكامل بين ما تقوله هذه الدول في مقترحاتها، وبين السياسة الفعلية لواشنطن، بل وحتى تصريحاتها الرسمية، التي -كما هو معروف- نادراً ما تنسجم مع الأفعال الحقيقية التي تصب كلها في العمل ضد 2254.
ما يكشفه المقترح القديم-الجديد، هو أن الخطوات العملية باتجاه نسفٍ كاملٍ للحل السياسي، قد بدأت فعلاً، وسارت شوطاً لا بأس به. وأن استكمالها يمر ضمناً بالتخلي التدريجي عن القسم من المعارضة المدعوم غربياً، والذي يشكل هذا المقترح نفسه، إعلاناً لبداية نهاية دوره وصلاحيته.
النتيجتان الواضحتان المترتبان على ما سبق، هما:
أولاً: الغرب لم ولن يعمل على الحل السياسي وعلى تطبيق 2254، ولم ينطق يوماً برقم هذا القرار إلا كذباً ونفاقاً وتغطية لمخططه الفعلي المتمثل في «خطوة مقابل خطوة»، و«تغيير سلوك النظام»، بما يخدم أهدافه ضمن المنطقة، وعلى رأسها أهداف الصهيوني. واليوم إذ ينتقل بالتدريج السريع صوب الإعلان عن رفضه 2254، كما سبق أن فعل مع اتفاقات مينسك، فإنه قد بات في المراحل النهائية من تنفيذ مخططه.
ثانياً: أن ذلك القسم من المعارضة الذي استند طوال 13 سنة إلى الغرب، معتبراً إياه حليفه ومخلّصه، وإضافة لما تسبب به هذا القسم من هلاك وكوارث، وما ارتكبه من خطايا سياسية ووطنية، فإن مصيره هو نفسه الآن بات مهدداً بحكم انتهاء الوظيفة الموكلة إليه.
أمام هاتين النتيجتين، فإن على هذا القسم من المعارضة أن يكتفي بما اقترفت يداه، ويعتزل العمل السياسي، أو أن يضع نفسه بلا قيد أو شرط تحت تصرف المعارضة الوطنية الديمقراطية المؤهَّلة لإنجاز التفاوض المباشر، والحل وفقاً لـ 2254 وفقط 2254، كاملاً والآن... وبتقاطع المصالح الحقيقية في الاستقرار والخروج من الأزمة، مع ثلاثي أستانا والصين ودول عربية أساسية على رأسها مصر والسعودية...
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1188