المرأة وقضيتها... ضحية أيضاً لأجندة «LGBT»
سبق أن نشر مركز دراسات قاسيون دراسة بعنوان: (في الأبعاد السياسية والأيديولوجية والهيمنيّة لمتاجرة الغرب بمسائل «المثلية الجنسية»). وإذ أتفق مع معظم ما جاء في هذه الدراسة إلا أنني أعتقد أنّ هنالك عنصراً مهماً قد غاب عنها، وهو العلاقة بين أجندة المثلية النيوليبرالية وبين قضية المرأة وموقعها في الصراع السياسي والاجتماعي.
لا شك أنّ الشغل الشاغل للنخب المالية العالمية، هو حرف نضالات الشعوب وأنظارها عن مركز المشكلة؛ عن الطبيعة المتوحشة للنظام الرأسمالي السائد الذي يطحن البشر والحجر بغرض مراكمة الثروات في أيدي القلة. هذه القلة، التي ومع الوقت، تتحول الثروات المتراكمة بين أيديها من غاية بذاتها، إلى أداة لغاية أعلى؛ هي السيطرة المطلقة على البشر والطبيعة، بل قل هي الإجابة المشوهة لهذه القلة عن سؤال الخلود عبر سعيها إلى تحويل نفسها إلى ما يشبه آلهة العصور القديمة.
ومن الصحيح أيضاً أنّ التناقض الطبقي بين العمل ورأس المال لا يزال محركاً أساسياً للتاريخ المعاصر. ولكن هذا لا يقلل بحالٍ من الأحوال من أهمية قضية المرأة كجزءٍ متصل ومنفصل في الوقت نفسه من قضية النضال الطبقي، والنضال ضد الظلم على العموم.
فقضية المرأة، وإنْ كانت جذورها اقتصادية- اجتماعية، فإنها لم تظهر بظهور المجتمع الرأسمالي، بل ظهرت علائمها وبداياتها مع أول ظهور للملكية الخاصة قبل آلاف السنين. ما أضافه المجتمع الرأسمالي هو المزيد من القهر والتسليع للمرأة ولكنه أضاف أيضاً الفرصة التاريخية الأولى لحل هذه القضية شأنها في ذلك شأن القضية الطبقية بصورتها العامة، وليس بشكلها الرأسمالي فحسب. المقصود طبعاً هو عملية الانتقال التاريخي الكبرى ليس من رأسمالية نحو اشتراكية-شيوعية فحسب، بل ومن المجتمع الطبقي إلى المجتمع اللاطبقي.
والأمر كذلك، فالحق أنّ نضالاً صادقاً في قضية المرأة، (وليس على نمط نضال قسم عريض من منظمات المجتمع المدني)، هو نضالٌ جذريٌ يشترك في جذره مع النضال الطبقي على العموم، ويفترق عنه أو يمتاز عنه بطبيعة موضوعه.
عودٌ على بدء، فإنّ الإقرار بالأجندة النيوليبرالية حيث يوجد أكثر من 70 «نوعاً جندرياً»، بدلاً عن القول برجالٍ ونساء، سيخفض بشكلٍ آلي وزن قضية المرأة مجتمعياً من كونها واحداً من اثنين، إلى كونها واحداً من سبعين أو أكثر! أي «رياضياً»، فإنّ هذه الأجندة تعمل لتخفيض وزن قضية المرأة حد التلاشي والإهمال، وهذا الأمر ليس مصادفة على الإطلاق... فقضية المرأة ونضالاتها لا تناسب القيم النيوليبرالية بحالٍ من الأحوال...
على سبيل المثال لا الحصر؛ فإنّ نضال المرأة نحو مساواة في الحقوق والواجبات داخل وخارج المنزل، تفترض ضمناً وجود العائلة ووجود الأطفال وطرح السؤال عن كيفية تربيتهم وتنشئتهم وإلخ... أي إنها تفترض ضمناً وجوداً للعائلة، وتعريفاً للعائلة... وهذا وذاك مناقض للأجندة النيوليبرالية التي تريد تحطيم كل مؤسسات المجتمع القائم، بغض النظر عن مدى صلاحية هذه المؤسسات وعن مدى كونها مؤسسات «للتضامن الاجتماعي.
بكلامٍ آخر، فإنّ الوقوف في وجه أجندات التفتيت والتذرير الاجتماعي الغربي لا يمكن أن يتم بالاستناد إلى شكل العائلة القائم بوصفه «حالة مثلى»، بل ينبغي أن ينطلق منه نحو شكل أمثل مأمول لا يمكن الوصول إليه دون الاندماج الكامل بين القضية الطبقية بشكلها العام، وقضية المرأة كجزء متصل، منفصل عنها...
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1119