التسوية السورية- التركية... إلى الواجهة مجدداً
للوهلة الأولى، بدا أنّ كارثة زلزال 6 شباط الذي ضرب كلاً من تركيا وسورية، قد أرجأت إلى أجلٍ غير مسمى، كل الملفات السياسية الموضوعة على جدول الأعمال. وعلى الخصوص، بدا أنه أجّلت موضوع التسوية السورية- التركية، ولكّن وقائع الأيام القليلة الماضية تشير إلى أنّ «التأجيل» لم تتجاوز مدته شهراً واحداً.
الأمر الذي لا يمكن إخفاؤه، هو أنّ الدول الغربية وعلى رأسها واشنطن قد حاولت-وما تزال- واستناداً إلى الزلزال، أنْ تقوم بنشاطٍ عالٍ هدفه تخريب احتمالات هذه التسوية.
بين النشاطات التي قام بها الأمريكان ومعهم متشددون من الأطراف السورية، وأنظمة في المنطقة تؤدي خدمات علنية للأمريكان وللصهاينة، ما يلي:
تخفيف العقوبات لمدة 6 أشهر، والذي بدأه الأمريكان والتحق به كل من البريطانيين والأوروبيين ومؤخراً السويسريين.
محاولة إحياء ما يسمى «المبادرة العربية» والتي لم يتبناها أحد سوى الأردن، ولم يتم التحدث فيها إلى أحدٍ بشكلٍ علني سوى وزير الخارجية البريطاني، وضمن إطار «خطوة مقابل خطوة»!
الإيحاء الأمريكي بأنّ الوجود العسكري الأمريكي باقٍ ومستمرٍ وطويل الأمد، من خلال زيارة مارك ميلي يوم السبت الماضي إلى الشمال الشرقي السوري.
محاولة تجميع أطيافٍ من «المعارضة» في الداخل والخارج، المشترك بينها هو معاداتها لمسار أستانا، وتبعيتها المباشرة، إما للغرب أو لأقسامٍ محددة متشددة ضمن النظام السوري، بوصفها الحامل المادي لاتفاقٍ ما.. سيتم عقده مع النظام خارج 2254.
العجلة تعود للدوران
أولى الإشارات التي ظهرت بعد الزلزال عن أن ثلاثي أستانا لن يؤخر العمل على التسوية السورية التركية، هي تصريح أصدره الأسبوع الماضي الممثل الخاص للرئيس الروسي لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، ميخائيل بوغدانوف، وقال فيه: إنّ العمل مستمر لتحقيق التسوية، وإنّ اللقاء الرباعي لوزراء الخارجية يجري العمل على عقده قريباً.
في اليوم التالي مباشرة، صرح ناطق رسمي باسم الخارجية الإيرانية أنّ التسوية يجب أن تتم قريباً. ويوم السبت 4/آذار، أجرى وزيرا الخارجية الروسي والتركي اتصالاً هاتفياً لمناقشة موضوع التسوية السورية التركية، وهنالك معلومات أنّ الوفود التقنية من الدول الثلاث قد اجتمعت في موسكو خلال الأيام الماضية للتحضير للقاء.
كل ذلك، يعني أنّ الأمور تسير على قدمٍ وساق، وأنّ أية أوهام أو أحلام باستغلال كارثة الزلزال لإحداث تعطيلٍ طويل الأمد لمسار الحل، ستتبخر سريعاً.
تعودنا في الأزمة السورية على أنّ أي مسارٍ يجري فتحه، أو أية مشكلة عالقة تجري محاولة حلها، دائماً ما تأخذ سنوات وسنوات، ودائماً ما تحيطها العراقيل من كل جانب، وتخضع للتأجيل وراء التأجيل. ولذلك، فإنّ هذه العودة السريعة والجادة بعد حدثٍ ضخمٍ بحجم الزلزال، وبعد محاولات مستميتة غربية في العمل ضد هذا المسار، تشير إلى أنّ المسألة أكثر جدية من أي وقت مضى، وأنّ ثلاثي أستانا ليس متفقاً على الخط العام والخطوات التفصيلية فحسب، بل وأيضاً على تزمين تلك الخطوات والمدى الزمني المسموح به لتنفيذها...
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1112