افتتاحية قاسيون 1050: كيف هو العالم، وسورية؟.. على بوابة 2022

افتتاحية قاسيون 1050: كيف هو العالم، وسورية؟.. على بوابة 2022

مع دخول العام الجديد، تكون قد مرت ثلاثون سنة على مأساة ولادة العالم أحادي القطبية.

وبعد هذه العقود، بما حملته من متغيرات كبرى، فإنّ من بين الملامح الأساسية التي تطفو على سطح العالم نهاية هذا العام، ما يلي:

أولاً: تواصل واشنطن خطها البياني النازل على كافة المستويات، وفي القلب منها الاقتصادي؛ من استمرار هجرة عمليات الإنتاج، إلى أزمة الدَّين العام وهشاشة أرقام النمو وتعمق التفاوت الاجتماعي وارتفاع حدة شتى أنواع التناقضات الثانوية، إلى بداية تآكل سيادة المنظومة الدولارية ضمن منظومات العلاقات الدولية.

ثانياً: انتهى شهر العسل الأوروبي، ليس بالطلاق الإنكليزي فحسب، بل وأيضاً بتعمق التناقضات، من جهة بين الدول الأكثر غنىً ودول الجنوب الأوروبي، ومن جهة ثانية بين الدول الأكثر غنىً نفسها على أساس الاستقطاب الدولي الجاري بين الصين وحلفائها وبين الأمريكان والإنكليز. وربما أهم من هذا وذاك، تعمق التناقضات الاجتماعية على مستوى كل دولة على حدة مع التراجع التراكمي لمستوى المعيشة...

ثالثاً: تواصل الصين تقديم نموذج فريد من النمو الهائل على كافة المستويات، والمبني في جوهره على سياسة «إحلال الواردات» وسياسة «إعادة توزيع الثروة من فوق إلى تحت»، واللتان أمنتا ارتفاعاً مطّرداً في مستوى معيشة القسم الأعظم من الشعب الصيني...

رابعاً: يرتفعُ باطّرادٍ وبثباتٍ وزن الدور الدولي لروسيا، وعلى ساحات عالمية مختلفة. ويترافق ذلك مع ارتفاع مستوى استحقاقات التغيير العميق الداخلية، والمتعلقة بالدرجة الأولى بإعادة توزيع الثروة من فوق إلى تحت، وهي العتبة التي لن تتمكن روسيا دونها من حماية نفسها بداية، ومن ثم من الاستمرار بلعب دورها العالمي.

خامساً: تجري على المستويات الإقليمية عمليات تفكيكٍ وتركيبٍ ضخمة لشتى أنواع التحالفات التي سادت سابقاً؛ فيفقد الغرب عموماً قدرته على فرض خياراته على الدول الإقليمية، وتنفتح واسعاً بوابات الاستقلالية النسبية لتلك الدول في اتخاذ خياراتٍ أكثر تناسباً مع مصالحها، وضمن علاقات خارجية أكثر تكافؤاً.

سادساً: الحركة الشعبية العالمية التي أدت فصلها الأول فحسب على مسرح التاريخ، وجرى التلاعب بها خلاله، تعلّمت الكثير ودفعت الكثير خلال العقد الماضي، وهي تتجهز للفصل القادم الذي نشهد الآن ترتيباً حثيثاً لمنصّته، ولن نلبث كثيراً قبل أن نرى الإضاءة وإزاحة الستار.

على مستوى الأنظمة العربية المنتمية بأسرها إلى العالم القديم، وخاصة المطبّعة منها، نرى اتجاهاً معاكساً لحركة التاريخ، يتمثل بانغماس إضافي في مستنقع استيراد الأزمات الغربية وتوطينها أملاً في الحفاظ على الكراسي ولكن باتجاه واحد هو تعميق «الفوضى» الهدامة في منطقتنا.

على المستوى السوري:
• يرتفع مستوى التأرجح مع ازدياد الميل للغرب، وللمطبّعين، على أساس يومي. ويرتفع بالتوازي العمل «غير الرسمي» للطعن بحلفاء «الأمس».
• نرى احتفاءً بمشاريع من نمط خطّ الغاز «العربي»، بالتوازي مع توظيف فكرة «العروبة» في اتجاه معاكس تماماً لجوهرها الذي ساد منذ الخمسينات كأداة أساسية في محاربة الاستعمار الغربي.
• مع الحفاظ على المستوى المتدني للحريات السياسية، نرى تخلياً تدريجياً سريعاً يتجه نحو استكمال إلغاء أي دور اجتماعي للدولة، وفي تماشٍ كاملٍ مع أسوأ وصفات النيوليبرالية ووصفات صندوق النقد والبنك الدوليين. نرى تضخماً لسوق المافيات والتجارات السوداء، وتلاشياً لعمليات الإنتاج الحقيقي، ومأساة إنسانية متكاملة الأوصاف، يوازيها «طناش» من الذين «فوق»، ويعيشون وكأنما في فقاعة معزولة.

بالنظر إلى اتجاهات التطور بين الوضع الدولي والإقليمي من جهة، وبين المحلي السوري من جهة أخرى، فإنّ أوضح الاستنتاجات هو أنّ الوضع الداخلي يسير بعكس اتجاه التطور التاريخي، وهذا السير لم يبدأ بالأمس أو قبل سنة، بل مما قبل 2011، ومن 2005 على الأقل. وفرق الكمون بين الوضعين بات كبيراً جداً، ما يستدعي ويتطلب تغييرات جذرية لصالح أكثرية الشعب الساحقة وضد الحرامية من كل شاكلة ولون.

(English version)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1050
آخر تعديل على الأحد, 26 كانون1/ديسمبر 2021 20:43