افتتاحية قاسيون 1039: واعترفوا!

افتتاحية قاسيون 1039: واعترفوا!

يوم السبت الماضي، وخلال البرنامج التلفزيوني «آخر إصدار»، على القناة 12 «الإسرائيلية»، اعترف الصحفي إيهود يعاري بأنّ: «غاز توليد الطاقة الذي سينقل من مصر إلى لبنان بالأنابيب عبر الأردن وسورية، هو غاز إسرائيلي»... وهذا هو أول اعتراف «إسرائيلي» بحقيقة أمرٍ لم يكن صعباً على الباحثين الجديين أنْ يصلوا إليه بأنفسهم.

طرحت قاسيون المسألة عبر سلسلة مقالات ابتداءً من يوم 8 أيلول الماضي، ودرستها من جوانب عديدة: سياسية واقتصادية وجيوسياسية، (بما في ذلك مادة ضمن هذا العدد من قاسيون). وهذه المقالات جميعها خلصت إلى الاستنتاج بأنّ الأصابع الصهيونية ممتدة وطويلة ضمن المشروع المسمى خط الغاز «العربي».

من عادة الصهيوني أن يطبخ مشاريعه التطبيعية على نارٍ هادئة عبر سنوات عديدة، وخاصة تلك ذات الحامل الاقتصادي والتي ينفذها بشكلٍ كامل تحت واجهات مصطنعة، ولا تعلن عنها إلا بعد أن تكون قد استُكملت وتحولت إلى أمر واقع. ومن الواضح أن مشروع الغاز «العربي» لم ينضج بعد، بل ويتعرض أيضاً لإعاقات معظمها غير معلن؛ حتى أنّ الصحفي «الإسرائيلي» نفسه تحدث عن أنّ المشروع إنْ سار على ما يرام فإنّه لن يبدأ بالعمل قبل سنة على الأقل.

أول حديث علني عن المشروع بدأ مع السفيرة الأمريكية في لبنان دورثي شيا التي وعدت بتقديم تسهيلات أمريكية لتمرير المشروع. قبل ذلك بأسابيع قليلة، قام الملك الأردني بزيارة إلى واشنطن قيل إنه طرح خلالها المشروع على بايدن. أي إنّ الفارق الزمني بين بداية الحديث عن «مشروع خط الغاز العربي» بنسخته الجديدة، وبين افتضاح أمره وجوهره لم يتجاوز ثلاثة أشهر!
كل ذلك يؤكد أنّ هنالك شيئاً ما قد جرى، هو ما دفع الصهيوني إلى كشف الأوراق بشكل مبكرٍ جداً، خلافاً لمنطق العمل التطبيعي المعمول به منذ عقودٍ طويلة.

في هذا الإطار، نعتقد أن هنالك احتمالين أساسيين يفسران هذا الاضطرار الصهيوني للقفز سريعاً نحو الفضيحة:

الاحتمال الأول: هو أنّ المشروع قد اصطدم بحائط لا يمكن تجاوزه، وبات من الواضح للصهيوني أنه غير قابل للتنفيذ، ولذا فإنّه يريد أن يتربح منه سياسياً قبل دفنه، عبر تسجيله كنقطة إضافية في حصيلة المسار التطبيعي.
الاحتمال الثاني: هو أنّ المشروع أمام خطرٍ كبيرٍ وأمام تهديدات فعلية، ولذا فإنّ الهدف من افتضاح أمره هو محاولة فرضه كأمر واقعٍ على من لا يريد الاعتراف بحقيقة المشروع سواء خجلاً أو خوفاً.

يضاف إلى ذلك أنّ هذين الاحتمالين يدوران ضمن ظرفٍ من الركض الدولي والإقليمي نحو شكل وطبيعة الترتيبات الجديدة في كامل منطقتنا، بما في ذلك الاستعدادات الأمريكية للانسحاب وإعادة التموضع، ما يضاعف من حاجة الصهيوني للركض بسرعة أكبر.

على الضفة المضادة تماماً، تقف مصالح سورية والشعب السوري، الذي باتت عملية التغيير الجذري الشامل ابتداءً بالتنفيذ الكامل للقرار 2254، ترياقه الشافي من السم الغربي والصهيوني، ومن سموم تجّار الحرب والفاسدين الكبار والمتشددين من كل الأطراف، والذين تسيّر مصالحهم الأنانية، ومصالحهم فقط، قراراتهم وتوجهاتهم.

 

(النسخة الإنكليزية)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1039