في ذكرى الجلاء... الاستقلال الأكبر ينتظر رجالاته

في ذكرى الجلاء... الاستقلال الأكبر ينتظر رجالاته

من جوف الأزمة المظلم، وبقلوبهم المثخنة بآلام وجراح الواقع الكارثي الذي يعيشونه وتعيشه بلادهم الحبيبة، ينظر السوريون إلى ذكرى الجلاء العظيم، بقلوب تملؤها آمال كبيرة وعزائم صلبة تستلهم صبر وشجاعة وزهد وحكمة الآباء الأوائل الذين لم تكن ظروفهم أقل صعوبة وقسوة: يوسف العظمة، سلطان باشا الأطرش، صالح العلي، عبد الرحمن الشهبندر، محمد الأشمر، ابراهيم هنانو، حسن الخراط، رمضان باشا شلاش، فوزي القاوقجي...

كثيرة هي الدروس التي يمكن استخلاصها من الجلاء العظيم والتي يمكن أن نتعلمها من صانعيه، وهي دروس نحتاجها أشد الحاجة ضمن الأوضاع التي تعيشها البلاد من «تقسيم أمر واقع»، ومن تسلط الناهبين المحليين والخارجيين عبر القمع والعقوبات والتنكيل بالسوريين، وعبر سيطرة السلاح وسطوته فوق إرادة عامة السوريين. الأكيد أن بين تلك الدروس درسان أساسيان:

أولاً: إنّ استقلال سورية لم ينجز بشكل كامل حتى هذه اللحظة، وحتى مما قبل 2011؛ فالاستقلال بمعناه السياسي لا يكتمل دون استقلال اقتصادي حقيقي، وهذا الأخير لا يمكن إنجازه في الظروف المعاصرة إلا حين تكون السلطة بيد الشعب حقاً، وتعمل لمصلحة الشعب.

ثانياً: إنّ وحدة سورية أرضاً وشعباً باتت وصفة مضادة لمصالح كل أنواع الفاسدين الكبار والمتشددين وتجار الحروب من الأطراف المختلفة، ولمصالح الغرب الاستعماري بنسخه الحديثة المتنوعة، لأنّ هذه الوحدة تنهي الحالة التي يتم بها وضع المنهوبين في خنادق متقابلة ليقتل بعضهم بعضاً ولتصب دماؤهم وعذاباتهم في أرصدة «الأمراء»؛ ولذا فإنّ استمرار تقسيم الأمر الواقع ليس الوصفة التي فضلها المستعمر الفرنسي فحسب للتعامل مع أجدادنا، بل هي أيضاً وصفة المتشددين وقوى الفساد الكبير في التعامل معنا... وعلينا أن نوحّد صفوفنا، كما فعل أجدادنا، وأمامنا مهمة مركبة وأكثر تعقيداً من تلك التي أنجزوها، وهي تحقيق الاستقلال السياسي بإخراج كل القوات الأجنبية من البلاد وفي مقدمتها القوات الصهيونية من الجولان السوري المحتل، وبالتطبيق الكامل للقرار 2254 الذي لم يعد مجرد أداة لحل الأزمة السورية، بل وبات أداة في الدفاع عن وحدة سورية الجغرافية، وعن حق السوريين في تقرير مصيرهم بأنفسهم... فوق ذلك، فإنّ علينا تحقيق مهمة الاستقلال الاقتصادي الذي يبدأ بوضع عامة السوريين لأيديهم على موارد بلادهم وإيقاف نهبها، ومن ثم ببناء اقتصاد إنتاج حقيقي يحكمه توزيع ثروة عادل لمصلحة المنتجين...

وإنّ الشعب السوري بمناضليه الوطنيين، لقادر على فعل ذلك!

التحية الأهم لذكرى الجلاء العظيم هي بالعمل الوطني على استكماله عبر استعادة البلاد وافتكاكها من يد الناهبين المحليين والخارجيين، وهي المهمة التي على الوطنيين السوريين من كل الأطراف التجمع والتمركز حولها...

عاشت سورية موحدة وحرة وكريمة

عاش الشعب السوري العظيم

حزب الإرادة الشعبية

دمشق 17 نيسان 2021

تحميل المرفقات :

معلومات إضافية

العدد رقم:
000