افتتاحية قاسيون 1012: لا بديل  لتكاتف الوطنيين السوريين

افتتاحية قاسيون 1012: لا بديل لتكاتف الوطنيين السوريين

يشكل الانهيار ذو السرعة الفلكية الذي يعيشه السوريون منذ مطلع هذا العام، بيئة مثالية لأعداء الشعب السوري التاريخيين الموجودين ضمن النظام، وضمن المعارضة، وأهم منهم العدو الصهيوني، لكي يعملوا على تكسير شتى أنواع القيم والمفاهيم، بل والحقائق التي ترسو عميقاً ضمن جذور الهوية السورية، وهو ما يعملون عليه فعلاً.

نعني بذلك أمرين واضحين بين أمور عديدة، الأمر الأول: هو التكرار اليومي للحديث عن «التطبيع» مع الصهيوني، وهو الحديث المعروف المصدر مهما تنكر تحت أسماءِ ووجوهِ قائلين آخرين، والهدف هو كسر الحاجز النفسي اتجاه المسألة ضمن لحظة «مناسبة» بتقدير هؤلاء. الأمر الثاني: هو طرح مسألة وحدة سورية نفسها لـ«النقاش»! وبغير ما مصادفة، نسمع ونرى هذه الطروحات من الجهات والمصادر نفسها.

الوصول بهذه «البيئة المثالية» إلى نهايتها المأمولة من وجهة نظر أعداء الشعب السوري تحتاج إلى عدة خطوات بالمعنى الإقليمي، وعدة خطوات ضمن مختلف مناطق سورية. ولكن العنصر الأساسي في ذلك كلّه هو استمرار عدم تطبيق القرار 2254، أي استمرار سيطرة المتشددين من كل الجهات، واستمرار تقسيم الأمر الواقع.

وفي هذا السياق، ينبغي الانتباه إلى مسألتين:

الأولى: هي أنّه إذا حدث توافق دولي في وقت قريب، فإنّ ذلك يمكنه بكل تأكيد أن يدفع جدياً باتجاه الحل، وباتجاه الحفاظ على وحدة سورية. ولكنّ ما لا يجوز نهائياً هو انتظار حدوث مثل ذلك التوافق، خاصة وأنّ الأمريكي قد انتقل وضوحاً من العمل ضمن إحداثيات «الجمود هو الاستقرار»، إلى تفجير ذلك «الاستقرار» نفسه، عبر تعزيز عزلة وتقسيم الأمر الواقع بأسلحة عديدة، بينها العقوبات، وبينها العمليات «الديمقراطية» التي بالجملة، والتي تشترك في أمر واحد هو أنها تحصل وستحصل تحت سطوة السلاح المسيطر في كل منطقة على حدة. وإذا كان انتظار توافق دولي أمراً غير مقبول من وجهة النظر الوطنية، فإنّ تسريع توافق الوطنيين السوريين سيساعد على تقريب ذلك التوافق، بل وحتى فرضه في حال كانت درجة التوافق بين السوريين عالية.

المسألة الثانية: هي أنّ إحدى الأدوات الأساسية لتعطيل تنفيذ 2254، وبالتالي لتكريس «البيئة المثالية»، هي الطريقة التي رُسمت بها التشكيلات الرسمية المعنية بالتفاوض، والتي ساهم التدخل الغربي الكثيف فيها بإبقاء محصلتها المستمرة صفرية ومعطلة للحل.

المسألتان معاً، تصبان في استنتاج واضح، هو أنّ على الوطنيين السوريين من كل الأطراف أن يسارعوا إلى التكاتف فيما بينهم تأسيساً لوصفة تخدم الحل حقاً، وتخدم إنهاء الكارثة السورية، مع الحفاظ على وحدة سورية، ومع الحفاظ على موقعها الوطني المعادي للصهيوني.

وبالملموس، فإنّه لا بديل، كخطوة في هذا الاتجاه، عن تكاتف القوى المعارضة الوطنية التي تتمسك بالتغيير الجذري الشامل، وعبر القرار 2254 كمدخل، وبما يصب في تأمين حق الشعب السوري في تقرير مصيره بنفسه...

(النسخة الإنكليزية)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1012
آخر تعديل على الأحد, 04 نيسان/أبريل 2021 21:18