افتتاحية قاسيون 986: الجولان و2254

افتتاحية قاسيون 986: الجولان و2254

تتناقل وسائل إعلام عربية وأجنبية أخباراً وتسريبات حول مفاوضات غير معلنة مع الكيان الصهيوني. وبغض النظر عن صحة هذه الأخبار من عدمها، فإنّ أولئك الذين يسرّبونها يقصدون بذلك، ووفقاً لتصوراتهم القاصرة المحكومة بمصالحهم الضيقة، القول بالتحضير لصفقة محددة في الظلام وتحت الطاولة، باتجاهات محددة لا تخدم نهائياً مصلحة الشعب السوري وشعوب المنطقة كلها..

ولكن أياً يكن الأمر، فإنّ مسألة الجولان السوري المحتل تبقى في صلب المسألة السورية بمعانيها وجوانبها المختلفة، وهو ما يتطلب تحديد موقف واضح منها كل الوضوح، ليس بالمعنى العام الشعاراتي فحسب، بل بالمعنى الملموس.

أول ما ينبغي وضعه في الاعتبار، وإضافة إلى الأدوار المخفية التي لعبها ويلعبها الصهيوني في تعميق الأزمة السورية، هو أنّ احتلال الكيان الصهيوني للجولان السوري عام 1967 هو عامل أساسي في الأزمة التي انفجرت عام 2011، حتى وإنْ لم يبدُ ذلك واضحاً على السطح.

احتلال الجولان، ووجود الكيان الصهيوني نفسه بوصفه مشروعاً استعمارياً وعنصرياً على تخوم سورية، فرض شكلاً محدداً للدولة السورية اضطرت أن تعطي ثقلاً وازناً للمؤسسات العسكرية والأمنية ضمن التركيبة العامة للدولة، وضمن الحياة السياسية نفسها، إضافة إلى الآثار الاقتصادية العميقة المرتبطة بضعف النمو والتنمية، والآثار السياسية المشتقة من حالة الطوارئ، والتي جرى استخدامها لقمع الحراك السياسي وتضييق هوامشه إلى الحدود الدنيا.

وإذا كانت هذه الظواهر قد نشأت عفوياً، وكضرورات موضوعية ابتداءً من احتلال فلسطين وتعززت بعد 1967، فإنها تحولت بعد ذلك إلى نمط استفادت منه الطبقات السائدة لتعزيز مواقعها وتكريس مصالحها الضيقة بالضد من مصالح عموم السوريين... فباتت القضية الوطنية غير المحلولة حجة يستخدمها أعداء الشعب ضد مصالحه، ابتداءً من تضييق هامش الحريات السياسية، وصولاً إلى التغاضي عن الفساد الكبير والقمع.

كل ذلك يعني أنّ احتلال الجولان السوري، ورغم أنه جرى قبل قرابة نصف قرن من انفجار الأزمة السورية عام 2011، إلا أنّه عامل عضوي أساسي في هذه الأزمة، ولا يمكن تالياً الخروج منها بشكل جذري لا رجعة فيه، دون حل جذري لهذه المسألة.

الأساس الوحيد لحل الأزمة السورية ككل، واسترجاع السيادة السورية الكاملة على الجولان السوري، هو التطبيق الكامل للقرار 2254، والذي ينص على انسحاب كل القوات الأجنبية من الأرض السورية، والتي لا ينبغي أن ينسى أحد أنّ أولها هي قوات المحتل الصهيوني، التي يجب أن تخرج من الأرض السورية قبل أي قوات أخرى لأنها الأقدم والأكثر ضرراً، على أساس هذا القرار نفسه، وعلى أساس القرارات الدولية السابقة المرتبطة بالموضوع، وعلى رأسها القراران 242، و338.

وأيّ جهة سياسية، سورية أو دولية كانت، لا يحق لها، ومن غير المسموح إطلاقاً، أن تقارب هذه المسألة من أية زاوية أخرى... الحل الشامل هو حصراً عبر 2254، وعبر 242-338 أي: بانسحاب كامل للمحتل «الإسرائيلي» من الأرض السورية... وهو ليس أمراً قابلاً للتحقيق فحسب، بل ولا بديل عن تحقيقه، وفي آجال قريبة.

لتحميل العدد 986 كاملاً بصيغة pdf

معلومات إضافية

العدد رقم:
986
آخر تعديل على الأحد, 04 تشرين1/أكتوير 2020 23:04