افتتاحية قاسيون 941: اللجنة الدستورية و2254
تنطلق يوم الإثنين 25/11 الدورة الثانية للجنة الدستورية المصغرة في جنيف وقد اجتازت أول امتحاناتها خلال الدورة الأولى، محققة شيئاً من كسر الجليد، وفاتحة الباب نحو بدء حقيقي للعملية السياسية المتمثلة بالتطبيق الكامل للقرار 2254، وذلك على الرغم من جملة تصريحات وتصرفات استفزازية حاولت من خلالها أطراف متشددة- متناقضة شكلياً ومتفقة في الجوهر- تخريب عمل هذه اللجنة والتقليل من شأنها.
إنّ العودة إلى بيان سوتشي الختامي الذي شكّل نقطة الانطلاق العملية لتشكيل اللجنة، ومن ثم انعقادها وبدء عملها، لا يدع مجالاً للشك حول مدى ارتباط هذه اللجنة بكل من مساري أستانا وجنيف، وبالقلب منهما القرار 2254...
بدايةً، فإنّ مسار أستانا نفسه، والذي يرعاه الثلاثي الروسي التركي الإيراني، أكَّد منذ لحظة تأسيسه قبل ما يقرب من ثلاثة أعوام، وفي كل اجتماع من اجتماعاته، وفي كل أفعاله، أنه مسار داعم لمسار جنيف؛ جنيف التي تعني دائماً، ليس المكان الجغرافي، بل بالضبط القرار 2254 بتيسيرٍ وتسهيلٍ من الأمم المتحدة.
وفي سياق إطار أستانا نفسه، جرى عقد مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي مطلع عام 2018، كأداة إضافية، سياسية الطابع، هدفها انتزاع العوائق السياسية أمام المضي قدماً في تنفيذ القرار 2254.
وعليه، فإنّ سوتشي، وإلى جانب المسألة شديدة الأهمية المتمثلة بكونه جزءاً مباشراً من تطبيق القرار 2254 بما يتعلق بالمسألة الدستورية، فإنه بحكم الترابط العميق بين المسارات الثلاثة: (جنيف- أستانا- سوتشي)، هو جنيف ذاته، وليس شيئاً آخر؛ فمسار جنيف الذي كان متوقفاً ومعطلاً، ما كان له أن ينطلق من جديد بصورة اجتماعات اللجنة الدستورية، لولا الدفع الذي تلقاه من سوتشي وأستانا، وسوتشي وأستانا بالمقابل، لم يظهرا إلّا على أساس القرار 2254 نفسه، وعلى أساس تعثُّر جنيف، وبغرض دفعه من جديد. بهذا المعنى، فإنّ المسارات الثلاثة: (سوتشي، أستانا، جنيف)، هي بالمحصلة مسار واحد جوهره هو القرار 2254.
أكثر من ذلك، فإنّ النتائج العملية والوقائع الملموسة، تثبث بشكل قاطع أنّ أولئك الذين قلَّلوا طويلاً من أهمية مسار أستانا- سوتشي، بحجة تمسِّكهم بمسار جنيف، كانوا في الحقيقة يعملون ضد مسار جنيف نفسه، وضد القرار 2254. والعكس بالعكس أيضاً، فمن يستخفِّون اليوم بمسار جنيف بحجة التمسك بمسار سوتشي، إنما يفعلون الأمر عينه.
إنّ المهمة الكبرى الملقاة على عاتق الوطنيين السوريين اليوم، وبغضِّ النظر عن اصطفافاتهم السياسية، الشكلية بمعظمها، وأمام تفاقم المأساة الإنسانية السورية من الباب الاقتصادي هذه المرة، مع استمرار جوانبها القاتلة الأخرى، والتي يتعاظم ثقلها الطاحن والساحق على صدور السوريين، في الداخل والخارج، إنّ المهمة الوطنية الواضحة تتمثل بالتمسك بالمسارات الثلاثة الموحدة في جوهرها: 2254، والعمل لتسريع تطبيقها لرفع سِكِّين الفاقة المطلقة، بل والجوع المطلق، عن رقاب السوريين. والمدخل الواضح لهذه المسألة، هو رفع درجة الجدِّية في التعامل مع اللجنة الدستورية لكي تنجز عملها بأسرع وأقرب وقت ممكن.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 941