صرخة الشعوب التي لا يطيق الغرب سماعها
ليلى نصر ليلى نصر

صرخة الشعوب التي لا يطيق الغرب سماعها

الجوعى، والعاطلون عن العمل، والمتآكلة دخولهم، وكل من تقف منظومة العلاقات الاقتصادية الاجتماعية السياسية في وجه تقدمهم إلى الأمام وملامستهم لطموحاتهم وفتح أفقهم... كل هؤلاء غاضبون ولا يملكون ما يخسرونه وسط استعصاء التغيير دون قلب الموازين الاجتماعية.

وهؤلاء تحديداً كُثُر في منطقتنا، التي يمثل الشباب الشريحة الأوسع عمرياً فيها، والتي توقّف تقدمها الفعلي منذ سبعينيات القرن الماضي، بينما استمرت النخب بالانتفاخ والتغوّل والثراء الذي يربطها حكماً بالمنظومة الاقتصادية العالمية في الغرب... وكل هذا وسط «صفر ديمقراطية» لأغلب الأنظمة، أو ديمقراطية الطوائف لأنظمة سحقها الغرب وأعاد تكوينها، أو ما بينها من نُظم سياسية تترك مساحات للحركة الاجتماعية كانت تضيق كلما ازداد الثراء في الأعلى.
إن هذا الغضب مستحق وعميق ويتفاعل في شوارع المنطقة من المغرب إلى إيران، ومن السودان واليمن وحتى تركيا، آخذاً أشكالاً مختلفة دون أن يستثني بلداً. وهو جزء من الغضب العالمي الذي يشكل وجه المرحلة القادمة لعالمنا عبر الصراع...
يتباين الموقف من هذه الحركات الشعبية الناشئة، ونرى اليوم انقسامات بين الشرائح الشعبية، التي تقف موقفاً سلبياً من هذه الحراكات، وتنظر إليها بعين الريبة، وتبحث عن أصابع الغرب، مترصدة المؤامرة التي تحرك الآلاف وتستهدف الاستقرار، متجاهلة بهذا الأسباب الموضوعية التي لا تغيب عن أعين أي مُدقق موضوعي، والتي تكون مسبباً أساسياً لهذه الحراكات.
فهل فعلاً يرى الغرب في الغضب الشعبي فرصة للفوضى، ينبغي تسلقها؟! وهل ينشد الغرب «الثورات الشعبية»؟!
فالغضب الشعبي ما هو إلا استحقاق موضوعي يحاول الغرب أن يستفيد منه، بعد أن انتهت محاولات إثارة الفوضى عبر الثنائيات الوهمية التي كان شكلها الأبرز في منطقتنا، الانقسام الطائفي.
تعتمد هذه المحاولة الغربية على تضييق الخناق عبر العقوبات الاقتصادية على سبيل المثال، وذلك عبر التعويل على ردود فعل الأنظمة التي لا تستطيع ببنيتها التابعة وبمصالح أثرياء السلطة أن تقوم بالإجراءات الجذرية المطلوبة لتلبية المصالح العامة التي تقتضي القطع مع الغرب.
فلن تستطيع البنية السياسية في لبنان مثلاً أن تقوم بالإجراءات الجذرية المطلوبة التي تمثل اليوم الحل الوحيد بالامتناع عن سداد الدَّين ومصادرة أموال المصارف لإدارة أزمة البلاد التي توشك على الإفلاس.
هذا التعويل الغربي يكتنف على مخاطرة، لأن الصرخة الشعبية الموحدة ضد الفقر ونحو الأمام، هي الصرخة التي لا يطيق الغرب سماعها، كما لا تطيق ذلك الأنظمة المحلية المركبة على مصالح ونفوذ قوى المال المحلية المرتبطة غرباً.
الغضب الشعبي الذي تشهده المنطقة هو استحقاق موضوعي ناتج عن كَبح أفق التقدم ولن توقفه محاولة الغرب ركوبه تلك المحاولة التي تعّول على عدم تحول هذا الغضب إلى قوة سياسية شعبية تدفع إلى الأمام، لذلك فإن مواجهة التدخل الغربي تتطلب وحدة الشارع المنتفض، وتطوير أدواته السياسية، وأهمها: عزل القوى الموجودة في الحراك ومرتبطة بالغرب.

معلومات إضافية

العدد رقم:
941
آخر تعديل على الإثنين, 25 تشرين2/نوفمبر 2019 13:03