افتتاحية قاسيون 918: المخربون في سباق  ضد سورية الجديدة!

افتتاحية قاسيون 918: المخربون في سباق ضد سورية الجديدة!

يشهد الملف الاقتصادي السوري جملة من عمليات التخريب المكثفة و«المتكافلة» فيما بينها. ويأتي على رأسها:

أولاً: استمرار العقوبات الغربية وتصعيدها.

ثانياً: حرق قسم كبير من موسم القمح، والذي يستهدف مجموعة مركبة من الأهداف:
1- هو استمرار للعقوبات الاقتصادية عبر أدوات داخلية ويخدم الغايات السياسية نفسها التي تؤديها العقوبات.
2- هو «فلاحة» للأرض على طريقة الشركات الكبرى، والأمريكية خاصة، العاملة في حقل المبيدات والأسمدة والتعديل الوراثي، وعلى رأسها شركة مونسانتو؛ حيث يجري القضاء على البذور المحلية المتنوعة وحتى منع استخدامها، وإرغام الفلاحين على زراعة بذور الشركة المعدلة وراثياً والتي تعطي محصولاً بلا بذار، كي يضطرَّ الفلاح لشراء البذار سنوياً منها، كما أنّ هذه البذار لا تنمو إلا باستخدام مبيدات وأسمدة تنتجها الشركة أيضاً، وفوق ذلك كله فإنّ الكمية الأكبر من أنواع البذار التي تبيعها الشركة لدول منطقتنا، والعراق كمثال بيّن، تنبت قمحاً قاسياً لا يصلح لصناعة الخبز بل لصناعة منتجات المعكرونة؛ أي يصلح بقسمه الأكبر للتصدير لصالح الشركة والسماسرة الكبار، بالتوازي مع انعدام الاكتفاء الذاتي من القمح الطري، أو قمح الخبز.
3- «الفائدة» الثالثة من عمليات الحرق هذه، ورغم أنّ منفذيها المباشرين يمكن لهم أن يكونوا سوريين ينتمون إلى أطراف سورية متعددة، هو إعفاء الفاعل الأساسي وتحويل القضية إلى مكان جديد لتنمية الأحقاد وتبادل الاتهامات بين الأطراف السورية، لتعميق الهوة بينها فوق عمقها، ولتصعيب الوصول إلى تفاهمات تبعد الأمريكان عن المنطقة، ولإبعاد الحل السياسي على العموم.

ثالثاً: الاستمرار في السياسات الليبرالية التخريبية باتجاهاتها المختلفة، وبما يظهر منها حالياً من استكمال لعمليات رفع الدعم عن المحروقات وصولاً إلى تعويم سعر أنواع منه تبعاً للسوق الدولية، وكذلك استمرار انهيار قيمة الليرة السورية الشرائية، والتي يعبِّر انخفاض سعر الصرف عن أحد أوجهها.

إنّ فهم الوقائع السابقة والوقوف عند غاياتها يحتاج إلى فهم مركب لطبيعة سير الوضع الدولي من جهة، ولطبيعة التأثيرات المتوقعة على الملف السوري من الجهة الثانية.

بات من الواضح أنّ تراجع الولايات المتحدة العام قد وصل حدّاً لم يعد ممكناً معه الاستمرار في المنطقة طويلاً، وفي سورية بشكل خاص؛ فالانسحاب النهائي من سورية بات قريباً، لأنّ حجم القوى والإمكانات الأمريكية لم تعد تسمح بالبقاء في جميع نقاط التمركز، وباتت إعادة التموضع بما تعنيه من تخلٍ إجباري عن جزء من نقاط التمركز مسألة ملحة.

وفي ظل هذا الوضع، فإنّ الأمريكان، والمتخوفين من نتائج رحيلهم ضمن سورية، ونقصد قوى الفساد الكبرى في الطرفين، تمارس هذه الأيام أعلى درجات التخريب الممكنة، لعل وعسى يسمح لها ذلك بإيصال البلاد إلى وضع من الفوضى.
بكلام آخر، فإنّ الأمريكي نفسه اليوم، لم يعد في وضع يمكنه من التخريب بشكل مباشر، وبات مضطراً إلى الاعتماد بشكل شبه كامل على المخربين الداخليين من المتشددين والفاسدين الكبار.
الجانب المشرق من الموضوع، هو أنّ هؤلاء الفاسدين والمتشددين، والحال كذلك، باتوا أضعف من أي وقت مضى، وبات القضاء عليهم سياسياً، إمكانية واقعية، على الوطنيين السوريين التكاتف والتحضّر لإنجازها ضمن الآجال القريبة!

معلومات إضافية

العدد رقم:
918
آخر تعديل على الأحد, 16 حزيران/يونيو 2019 19:13