عرفات: الأمريكي  يستدرج الأتراك لعمل عسكري بهدف تعطيل الحل

عرفات: الأمريكي يستدرج الأتراك لعمل عسكري بهدف تعطيل الحل

أجرت إذاعة «ميلودي إف إم» حواراً مع أمين حزب الإرادة الشعبية، والقيادي في جبهة التغيير والتحرير، علاء عرفات، بتاريخ 9/12/2018، تناول آخر المستجدات السياسية المتعلقة بالحل السياسي للأزمة السورية. فيما يلي، تعرض «قاسيون» جزءاً من الأسئلة وإجاباتها على أن تنشر الحوار كاملاً على موقع قاسيون الإلكتروني.

قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى سورية جيمس جيفري: إن العلاقة مع «قوات سورية الديمقراطية » ومع الأكراد في سورية هي علاقة مؤقتة، كيف تقرأ هذا التصريح؟
أي شيء يرتبط بالولايات المتحدة الأمريكية ينبغي التعامل معه بحذر، حيث غالباً- إن لم يكن دائماً- التصريحات الأمريكية ملغَّمة، وهي في الغالب تناقض منطوقها، وكثيراً من الأحيان تعني عكسها، ولا أقصد هذا التصريح فقط بل بشكل عام.
تمارس الولايات المتحدة الأمريكية اليوم سياسة منافقة مع الأطراف جميعها، النفاق الأمريكي نراه في العلاقة بين أمريكا وتركيا، ونراه في العلاقة بين أمريكا والأكراد، سواء في سورية أو في العراق، ونراه في العلاقة بين الولايات المتحدة والروس. هذا النفاق الأمريكي والطروحات الأمريكية الكاذبة تتضمن ضجيجاً كثيراً. هذه هي السياسة الأمريكية الثابتة مع الأطراف جميعها، وعلى ما يبدو فإن ترامب بينه وبين نفسه ينافق على نفسه أيضاً، لأن من يرصد التصريحات الأمريكية يجد أشياء متناقضة كثيرة.
بالنسبة للتصريح المذكور، حول: أن العلاقة مع قوات سورية الديمقراطية علاقة مؤقتة، فيقصد بهذا الكلام الأتراك، لأن الأتراك محتجون منذ زمن على الدعم الأمريكي لقوات سورية الديمقراطية، لأنهم يصنفون هذه القوات كطرفٍ إرهابي... وبالتالي، يصفون الأمريكيين بأنهم يدعمون الإرهابيين. والأمريكيون يقولون: إنّ قوات سورية الديمقراطية تقاتل الإرهاب، وأنهم يدعمون قوى تقاتل الإرهاب... إلخ. هذا الحدي ث الذي قاله جيمس جيفري المقصود منه هو إعطاء تطمينات للأتراك، لأن من بين مهام جيفري استعادة العلاقة الجيدة بين الأمريكان والأتراك التي تخربت بعد انقلاب 15 تموز 2016، حيث العلاقات الأمريكية- التركية بدأت تسوء وتتدهور بشكل كبير وصولاً للصيف الماضي عندما كانت العلاقة في منتهى السوء، ولم تعد فقط العلاقات الدبلوماسية- السياسية سيئة، بل انتقلت إلى أن أصبح لها جوانب اقتصادية سيئة، وذهبت إلى الجانب العسكري.
عندما حصل الاحتلال التركي في منطقة عفرين وحولها، ما كان السبب في ذلك الحين؟ وكيف كان وضع الأمريكي؟
الأمريكيون كانوا يتكلمون عن جيش حرس حدود كان عدد أفراده 30 ألفاً، يريدون أن يضعوهم على الحدود التركية، وبالتالي، فإن الأتراك بحجة هذا الموضوع دخلوا الأراضي السورية في عملية سموها «غصن الزيتون»، ولا تزال الممارسة الأمريكية في الاتجاه ذاته، حيث وضعوا الآن مخافر مراقبة على الحدود السورية- التركية، وما زالوا يتحدثون عن جيش لحماية هذه الحدود من قوات سورية الديمقراطية، أي: أنهم يريدون تدريبه وتمويله ويقوموا بتسليحه.. إلخ، وبالتالي، فإن المقصود من هذا النمط بالعمق هو «تهديد الأتراك»، أي: أن الأمريكان يشتغلون مع الأتراك بطريقة «العصا والجزرة»: تمشون كما نريد فليكن، وإن لم تمشوا كما نريد فنحن، سنخلق لكم مشاكل على الطرف الثاني من الحدود- الطرف السوري، هذه هي الفكرة العامة للسياسة الأمريكية مع الأتراك بما يتعلق في سورية.
إذاً هو تهديد ضمني للأتراك على اعتبار أن تركيا اليوم تسعى للدخول إلى شرق الفرات؟
ليس لأن تركيا تسعى، هم يجرّون تركيا لأن تسعى لهذا السعي. إذا نظرنا إلى سياسة الأمريكيين فهي تعطيل الحل ومحاولة إيجاد واقع جديد شرقي الفرات، واقع سياسي- اقتصادي- عسكري جديد يثير استياء التركي ويعطي ذريعة (وليس سبباً) للأتراك من أجل القيام بعملٍ عسكري تجاه الأراضي السورية، وبالتالي، هم يستدرجونهم للعمل العسكري، لأن مثل هذا العمل العسكري يعني: عدم وقف الحرب السورية من خلال دخول اللاعب التركي دخولاً جديداً إلى مناطق جديدة، يمكن أن يؤدي إلى اصطدامات بين الكرد والأتراك. وهذا الكلام يمكن أن يكون له تفاعلات وتداعيات حتى في الداخل التركي، لأن الأكراد أيضاً كقوة سياسية وعسكرية موجودة في الداخل التركي، وبالتالي فإن الأمريكان يفعلون كل ما يمكن- طول الوقت- من أجل عدم وقف الحرب في سورية.
هل يسعى الأمريكي اليوم إلى تشكيل كردستان أخرى في سورية؟
لا أعتقد ذلك، الأمريكي نعم يحاول، ويوحي بذلك، لكن السؤال: هل الأمريكي مقتنع على أنه قادر على تنفيذ ذلك أم لا؟ أنا أقول: إن الأمريكي مقتنع أنه غير قادر، لأن التواجد الكردي في سورية لا يشبه التواجد الكردي في العراق، والقوى السياسية التي تتحرك في شمال سورية ليس لها أية علاقة ولا تشبه أية قوى سياسية موجودة في العراق. والوضع الديمغرافي- السكاني في تلك المنطقة لا يشبه شمال العراق لا بقليل ولا بكثير، وكمثال على ذلك: في هذه المنطقة العرب أكثرية واضحة في شمال سورية، بينما في شمال العراق هناك منطقة صافية بالمعنى الكردي، وبالتالي، ليس هنالك مجال للمقارنة بين المسألتين. أما الأمريكيون، فيحاولون إيجاد وضع من هذا النوع، أو الإيحاء به، أو التهديد به من أجل توتير الوضع، أو تفجيره إن أمكن، وبالتالي، محاولة التقسيم في ذهن الأمريكان هي محاولة يجري السعي لتنفيذها، ولكن الوضع على الأرض لا يسمح بمثل هذه النتيجة.
أنت تتكلم عن الخروج الأمريكي من المنطقة رغم حضوره ومحاولة توتير الأوضاع، كيف تفسر ذلك؟
موضوع خروج الأمريكي من المنطقة ومناطق كثيرة في العالم هو قضاء لا ردَّ له، سببه بشكل أساس: إن الأمريكان لم يعودوا قادرين على أن يمارسوا سياساتهم السابقة، ولا يستطيعون دفع كلفة سياسات من هذا النوع. عندما نتكلم عن خروج أمريكي نتكلم عن لوحة عالمية كاملة، هذا الخروج لم يقل أحد أنه خروج ميكانيكي أي: (كبسنا الزر فخرج الأمريكان)، هذه العملية «بدها تاخد وتعطي» أي سنرى دخولاً وسنرى خروجاً. الأمريكيون في العراق خرجوا في عام 2011 وعادوا في عام 2015، لكن لم يعودوا بنفس القوى. كانوا في العراق قد وضعوا 60- 70 ألف جنديٍّ، بينما الآن لا توجد هذه الأرقام، ولا حتى في المنطقة كلها.
وبالتالي، إذا رصدنا الاتجاه العام، فإن الخط العام للتواجد الأمريكي- إذا تكلمنا عسكرياً- فإنه يسير باتجاه الانخفاض، لكن الخروج الأمريكي ليس فقط عسكرياً، بل خروجاً عسكرياً- سياسياً- اقتصادياً من المنطقة كلها. هذا الموضوع إذا رصدناه نجد أن هنالك انكفاءً عاماً عند الأمريكان. إذا حسبت سؤالك حول الموضوع السوري، وأن الأمريكان سيخرجون من سورية أو لن يخرجوا من سورية؟ أؤكد لك أنهم سيخرجون، الآن هم يحاولون تأخير الحل السوري، فالأمور لا تزال عالقة في موضوع إدلب، الذي حتى الآن توجد مشاكل في تنفيذه من قبل الأتراك.
هل يحاول الأمريكيون شل مسارات آستانا وسوتشي؟ يقولون: إن هذه المنصات يجب أن تنتهي...
نعم، هذا الذي يريدونه، لأن سوتشي والترويكا فعلت الكثير: مثل: مناطق خفض التصعيد، وأنهت الموضوع في المنطقة الجنوبية والغوطة وحمص وحماة، وأعطت مثلما يقال نفساً للجيش السوري بأن يحرر البادية ويصل لدير الزور. فهذا المحور خدم الوضع بشكل جيد، لذلك الأمريكيون يبذلون الجهد لنسفه، الآن الأداة لنسفه مرتبطة بموضوع إدلب، فاتفاق إدلب إذا نفذ كما تعلمون أن في إدلب كان يفترض أن الإرهابيين سيخرجون من المنطقة العازلة أو منزوعة السلاح، أولاً. ثانياً: ينبغي فتح طريق حلب- دمشق، حلب- اللاذقية قبل نهاية العام.
هذا الكلام بجوهره حتى يُطبق، يعني: أن جبهة النصرة جرى نسفها وتفكيكها أي: أنها انتهت، وجبهة النصرة هي أداة أساسية عند الأمريكيين لنسف أي اتفاق، ليس الآن بل منذ زمن، فعندما كنا نبدأ بالمباحثات كانت جبهة النصرة دائماً هي الأداة الأساسية من أجل نسف أية مباحثات سياسية. وبالتالي، تأخير الأمريكي ومحاولة تعطيل اتفاق إدلب المقصود منه نسف محور آستانا. وإذا نسف محور أستانا لم تعد لدينا أدوات للسير للأمام، ومسار جنيف واقف، جنيف أفرز أستانا واللجنة الدستورية وسوتشي، الآن الأمريكيون يسعون لنسف هذا المحور، لنعود من الصفر، هذه هي الفكرة الأمريكية واضحة.
هل يمكن أن يحصل ما يريده الأمريكيون نسف آستانا وسوتشي؟
لا أعتقد أن هذا ممكنٌ، سار الموضوع بشكل جدّي، والدول الثلاث أصبحت ترى وزنها وتأثيرها ليس فقط في الوضع السوري، بل وزنها وتأثيرها في المنطقة ككل، ولا أعتقد أن أحداً منهم سيتخلى عن هذا الوزن والتأثير من أجل الولايات المتحدة الأمريكية.
اليوم ما هو مستقبل ملف إدلب سياسياً وعسكرياً؟
حسب ما يُحكى، الاتفاق يُنفذ ولكن ببطء، هذا التقييم العملي، ببطء أي: لا يُنفَّذ كما يجب، وهذه الملاحظات قد وجهها الروس للأتراك أكثر من مرة، حيث التقى بوتين بأردوغان في الأرجنتين وقال له: يجب اتخاذ إجراءات أكثر حزماً حول موضوع إدلب، وقبله وزير الدفاع الروسي صرح أيضاً.
الآن الفرص والمُهل الزمنية المُعطاة لتركيا لها حدود في طبيعة الحال. من ناحية موازيةٍ، الأمريكان والمجموعة المُصغرة كانوا يفعلون شيئاً يتعلق باللجنة الدستورية بقصد نسفها، بحجة تشكيلها يقصدون نسفها.
دي ميستورا قال- مستنداً لما قِيل جزئياً في رباعية إسطنبول- أنه ينبغي أن تتشكل لجنة دستورية قبل نهاية العام «حسب الظروف»، لكنه أسقط هذه الجملة، لأن «حسب الظروف» قد يترجمها البعض: «إذا أمكن ذلك». ماذا يعني هذا الكلام؟ يعني: أن اتفاق إدلب الذي لم يُنفذ بعد، بالمقابل، الأمريكيون يقومون بالضغط عبر الأمم المتحدة ودي ميستورا والمجموعة المُصغرة بتشكيل اللجنة الدستورية كما يريدونها. ماذا يعني كما يريدونها؟ أي: أن دي ميستورا يقوم بتعيين الثلث الثالث، وهذا يعني تفخيخ اللجنة الدستورية، وإن لم تسر كما يريدون فالأمريكان يقولون: بإغلاق مسار آستانا، وننادي بمبعوث جديد، بحيث يبحث الموضوع من البداية، أي: إعادة النقطة للصفر. الأطراف الأخرى وخاصةً الروس لم يعطوا الأمريكيين هذه الفرصة نهائياً، وما زالوا يعملون على تشكيل اللجنة الدستورية، ولكن ما زالت في بالهم مسألتان: أولاً: انتهاء مهمة دي ميستورا لأنه أفصح وأوضح وكشف عن وجهه بأنه يعمل مباشرةً مع الأمريكيين. ثانياً: ليس هنالك لجنة دستورية قبل تنفيذ اتفاق إدلب.
أما أن يتم تحت ضغط موضوع إدلب تشكيل لجنة دستورية بالطريقة التي يريدها الأمريكيون، أو نسف مسار آستانا، هذا لن يحصل. يُحكى أن هنالك إحاطة لدي ميستورا في 14 أو 20 الشهر، ويبدو أن الأمريكيين يدفعون دي ميستورا والأمم المتحدة لإعلان اللجنة الدستورية من طرفٍ واحد، مثل هذا الكلام يكون قد أخرج الأمم المتحدة من الموضوع لأن الأطراف الأخرى (الترويكا) ستسير في منحى آخر (أي تشكيل اللجنة الدستورية بالطريقة التي تراها مناسبة استناداً للقرار الدولي 2254، دون السؤال عن الأمم المتحدة)، لأنه في النهاية، يمكن دفع المسار في هذا الاتجاه، ولكن أرجح أن الأمم المتحدة لن تجرؤ على السير في هذا الاتجاه.
أنتم كمنصة موسكو وجزء من هيئة التفاوض كان لكم اجتماع مع المجموعة المصغرة في واشنطن في الرابع من الشهر...
لم نكن في الاجتماع.
لكنكم جزء من هيئة التفاوض، المفترض أنّ الذين ذهبوا يمثلونكم...
لا أحد يمثلنا. نحن نمثل أنفسنا، ولا نمثل هيئة التفاوض، نحن جزء منها.
إذاً لماذا هذا الاجتماع؟ أي: هل الولايات المتحدة الأمريكية هي من دعت الوفد؟ أم هم من ذهبوا للتشاور؟
الأمريكيون دعوا جميع الدول، وهيئة التفاوض، للاجتماع مع المجموعة المصغرة، لأنه بعد كل اجتماع لسوتشي، وكل اجتماع الترويكا، تذهب المصغرة وتقول باجتماع، الفكرة أنَّ دي ميستورا بدءاً من الشهر التاسع الماضي بدأ يطلب الدعم من الغربيين (من حيث الشكل دعم من المصغرة) كي يوازن كفة الترويكا، ويخرج «بحل متوازن»، وهذا عملياً وقوف من قبل المبعوث الدولي إلى جانب الغربيين من أجل تحقيق ما يريده الغربيون.
لماذا ترى أنه لن يمر موضوع اللجنة الدستورية من طرف واحد أو بمن حضر كما تريد أو ترغب الولايات المتحدة الأمريكية؟
أولاً: لأنه صعب. وثانياً: يخرج الأمم المتحدة والأطراف الغربية (الأمريكان والأوروبيين) من الموضوع السوري، أي: يدفع الأطراف الأخرى للسير بالحل بعيداً عنه.
بالمحصلة اليوم، هذه التهديدات الأمريكية هي تهديدات غير قوية على اعتبار أن العنصر الأمريكي غير قوي في هذا الملف والأقوى هو الترويكا؟
ألا يريد الأمريكيون تأخير الحل؟ هذا التهديد يدخل في هذا السياق، ولكن هنالك بعض الأفعال إذا فعلها أحد يمكن أن تكون نتائجها سلبية، أي: يمكن أن يكون يريد نتيجة محددة فيأتي عكسها. أعتقد إذا سلك الأمريكان هذا السلوك ستكون هكذا النتيجة، أي: عكس ما يريدون تماماً، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تسريع الحل في سورية والضغط على الأمريكيين.
إمكانية الحل العسكري على الأرض؟ هل ما زالت متاحة للجيش السوري؟ لا أتكلم قانونياً لأنه بالقانون الدولي بالتأكيد متاحة بما يجري حالياً بالداخل السوري، ولكن سياسياً هل ما زال متاحاً التدخل العسكري من قبل الجيش السوري والحلفاء بما فيهم روسيا في ملف إدلب؟
هذا الكلام نوقش كثيراً عندما تُكلم عنه بإدلب من أشهر طويلة، وطوال الوقت كنا نقول أن عملية إدلب ستكون عملية هجينة عسكرية- سياسية- استخبارية.. إلخ. وما زال الوضع كذلك. أي: بوضع إدلب الحالي لا يمكن حل هذه المشكلة بطريقة الجيوش، لأن لدينا مدنيين بكميات كبيرة وهؤلاء المدنيون لا يوجد لديهم مكان ليذهبوا إليه.
إذا نظرنا إلى الغوطة عندما كانت المعارك هناك، جرى فتح معابر لإخراج المدنيين. في إدلب هذا الموضوع غير متيسر، مثلما كان الوضع في الغوطة، وإذا كان متيسراً فمتيسر جزئياً. لذلك هنا العملية أعقد بكثير، ولكن من حيث النتيجة، نعم يمكن إنجازها ولا بد من إنجازها