خطوة ناجحة للسلام.. خطوة فاشلة للحرب
شهد الأسبوع الماضي حدثين هامين. الأول: هو توقيع إتفاق إدلب من قبل روسيا وتركيا استناداً لصيغة أستانا في مدينة سوتشي.
والحدث الثاني: هو العدوان الصهيوني على أهداف في محافظة اللاذقية. أدت فيما أدت إليه ولسقوط طائرة استطلاع روسية ومقتل 15 عسكرياً روسياً كانوا على متنها.
إن اتفاق سوتشي مثّل نقلة جديدة في منطقة خفض التصعيد الرابعة (إدلب) تؤدي إلى تخفيض التوتر، وتفتح الباب للسير قدماً في تصفية الإرهاب مع حماية المدنيين ومنع نزوحهم في الوقت نفسه، كما تسرع الوصول للحل السياسي عبر الإصرار على تشكيل اللجنة الدستورية. والالتزام بوحدة سورية وسيادتها. ونزعت أيضاً فتيل التوتر الذي أشعله الأمريكيون والغربيون بحجة إمكانية استخدام السلاح الكيميائي في إدلب.
ما أراده الأمريكيون وحلفاؤهم في إدلب يتلخص بمسألتين أساسيتين، الأولى: إعاقة إنهاء الإرهاب في إدلب لمنع فتح الباب للخطوة التالية، وهي حل موضوع شرق الفرات والتنف، والذي يمثل إنهاء التواجد العسكري الأمريكي غير الشرعي فيهما، النقطة الرئيسة في الحل. والمسألة الثانية: هي فرط عقد ترويكا أستانا، مستفيدة من التناقضات الناجمة عن الوضع التركي، ما يسمح بإطالة أمد الحرب في سورية.
هذا الاتفاق برهن أن قوى أستانا قادرة على حل الخلافات فيما بينها، ودفع الحل السياسي في سورية وفق القرار 2254. وهو مايرعب الأمريكيين، ومايرعبهم أكثر هو إمكانية تطور وارتقاء العلاقة بين هذه الأطراف ما يؤدي لزيادة دورها وتأثيرها بما يفتح الباب أمام نشوء منظومة إقليمية قادرة على حل المشاكل كلها في المنطقة، وتدفع بالدور الأمريكي نحو التراجع أكثر فأكثر. كتعبيرٍ عن ميزان القوى العالمي الجديد.
وجاء الاعتداء الصهيوني على اللاذقية بعد ساعات من الإعلان عن عقد الاتفاق، ليظهر رعب القوى المعادية لحل الأزمة السورية. هذا العدوان الذي نفذه الصهاينة تحت الذرائع المكررة. والذي نجم عنه تحميل روسيا للصهاينة مسؤولية سقوط الطائرة، ومقتل العسكريين الروس على متنها. رغم محاولات التنصل من قبل المسؤولين في الكيان الصهيوني.
إن العدوان من حيث التوقيت والطريقة التي نفذ بها يشير إلى جملة من الحقائق تتمثل في:
أنها طلبية أمريكية من الكيان الصهيوني بعد نزع الذريعة الأمريكية لتنفيذ ضربة عسكرية بحجة إمكانية استخدام السلاح الكيميائي من قبل الجيش السوري. على أمل أن يفضي ذلك إلى تداعيات عسكرية وسياسية تعرقل الحل السياسي كما حدث في نيسان الماضي بعد الضربة الأمريكية.
هو رسالة لرفض الأمريكيين لدور الترويكا. فما جرى توجيه النار إليه ليست الأهداف السورية أو (الإيرانية) أو الطائرة الروسية فقط. ما تم توجيه النار عليه هو: الترويكا بمجموعها ودورها.
يتضح من هذا العدوان، أن الدور الصهيوني لم يقتصر على الضربات الجوية أو غيرها مما هو معروف. إن هذا السلوك يدفع للعلن ذلك الدور الصهيوني المستتر إعداداً وتنفيذاً خلال كامل الفترة السابقة في الأزمة السورية. ما يضع على بساط البحث ضرورة وضع حدٍ لسلوك هذا الكيان.
ومن حيث النتائج الفعلية فإن الاتفاق دفع الحل السوري إلى الأمام، أما العدوان فقد دفع قوى الحرب لمأزق جديد.