خطّ الصدام الأساسي
تعتبر حرب العملات الحرب الأساسية الدائرة في عالم اليوم، أحد جوانب الصراع الدولي الراهن، وبغض النظر عن تمظهرات هذا الصراع في هذه المنطقة أو تلك من مناطق العالم، فإن احتدام الصراع اليوم يعود إلى رغبة دول كثيرة في العالم للتخلص من «الاستعمار الدولاري» الذي يهيمن على السوق العالمية، ومحاولة الولايات المتحدة إلى عرقلة ذلك، كون الدولار أحد أدوات الهيمنة الأساسية لها على النطاق العالمي، وبالتالي فإن هذا المعيار «وضع الدولار» هو المعيار الأساس للتنبؤ الصحيح باتجاه تطور الوضع الدولي ككل، سواء من جهة مآلاته النهائية، أو من جهة ما يتمخّض عن الصراع حول هذه المسألة من توتر في العلاقات الدولية... آخر ما سجل من مواقف في هذا السياق:
تحدث تقرير لوكالة «نوفوستي» الروسية عن عزم روسيا والاتحاد الأوروبي والصين وغيرهم على تقليص الدولار في التجارة البينية، للحد من هيمنة العملة الأمريكية على التجارة العالمية.
ويعتبر المراقبون أن سياسة ترامب التجارية العدوانية تجعل من العملة الأمريكية أقل ملاءمة للتجارة الدولية، لذلك كثر الحديث والتفكير في كيفية تقليل الاعتماد على الدولار كعملة رئيسة.
فمن الحروب التجارية التي أطلقها الرئيس الأمريكي، يخسر الاتحاد الأوروبي مئات الملايين من الدولارات، وأشار رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر في كلمته للبرلمان الأوروبي، إلى ضرورة تجريد العملة الأمريكية من صفة العملة العالمية الرئيسة.
كما اشتكى المسؤول الأوروبي من أنّ أوروبا تسدد 80% من واردات الطاقة بالعملة الأمريكية، مؤكداً أن العملة الأوروبية اليورو يجب أن تصبح «الوجه والأداة لأوروبا الجديدة ذات السيادة».
من جهتها حذرت روسيا من مخاطر حصر الحسابات التجارية بعملة واحدة هي الدولار، ودعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي إلى تنويع استخدام العملات الأجنبية في التجارة العالمية، والحد من مخاطر التجارة بالعملة الأمريكية.
وطرح المصرفي الروسي المخضرم أندريه كوستين، والذي يترأس مجموعة «في تي بي» ثاني أكبر المصارف في روسيا، جملة من الخطوات للتخلي التام عن الدولار في التعاملات التجارية.
والخطوات التي اقترحها المصرفي الروسي عبارة عن خارطة طريق تقوم على 3 نقاط أساسية، الأولى: تدعو لتحول روسيا السريع في عمليات التصدير والاستيراد نحو استخدام العملات الأجنبية الأخرى غير الدولار.
أما النقطة الثانية: فتتضمن إعادة كبرى الشركات الروسية تسجيلها داخل الأراضي الروسية، تجنباً للعقوبات الأمريكية التي قد تستهدفها، فيما تتضمن النقطة الثالثة طرح السندات الروسية المقومة بعملات أجنبية في السوق المحلية.
وتوقع كوستين، أن تتخلى دول العالم عن الدولار كأداة للتسويات التجارية، وذلك في ظل سياسية واشنطن العدائية.
وقال في حديث لـ «بلومبرغ»: «أعتقد أنه لا مفر من التخلي عن الدولار في ظل الوضع الحالي، حيث إن الولايات المتحدة تستخدم الدولار سلاحاً في يدها، وإذا استمرت في اتباع النهج نفسه، فليست روسيا وحدها التي ستبتعد عن الدولار، بل ودول أخرى ستختار ذلك أيضاً».
وعن الشركات الروسية التي بدأت بتنفيذ صفقات خارجية بعيداً على العملة الأمريكية، أشار كوستين إلى عملاق الألماس الروسي «ألروسا»، وقال: إن المجموعة أبرمت مؤخراً صفقاتها باليوان الصيني عوضاً عن الدولار.
وقبل ذلك أعلنت روسيا أنها شرعت في استخدام العملات الوطنية في تجارتها مع الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا، أما تركيا فقد دعت دول مجلس تعاون البلدان الناطقة بالتركية إلى استخدام عملاتها الوطنية في التجارة بينها.
كما أعلن العراق وإيران انتقالهما إلى عملات أخرى مثل: اليورو في التجارة البينية، بعد إعادة واشنطن عقوباتها على طهران، التي تتجه نحو المقايضة في تعاملاتها مع عدد من شركائها التجاريين.
كما أطلقت الصين بورصة عالمية في شنغهاي للطاقة، يتم تداول عقود النفط فيها بالعملة الصينية، في خطوة وصفت بضربة قوية للـ«بترودولار».