تصفية النصرة وحماية المدنيين
تستمر وتتوسع الحملة الدعائية، المتعلقة بالتحضيرات الجارية لإعادة ادلب الى سلطة الدولة، تحت عنوان الحرص على المدنيين، وبات من الواضح إن هذه الحملة التي تشارك فيها كل قوى الإعاقة من الولايات المتحدة إلى حلفائها الإقليميين، إلى بعض قوى المعارضة السورية تهدف إلى منع الإجهاز على جبهة النصرة الإرهابية، الأمر الذي يعني استمرار الوضع الشاذ في إدلب، بما يسمح ببقاء سورية رهينة بيد الدول الغربية، وحلولهم الملغومة، ومشاريعهم في إعادة الإعمار، وصولاً إلى محاولة تثبيت الوضع الراهن بما يؤدي إلى التقسيم والتفتيت، وبما يمنع الاستفادة من المقدمات التي وفرها مسار أستانا للذهاب إلى الحل السياسي.
تحاول الدوائر الغربية، من جملة ما تحاول، الاشتغال على التباينات التي ظهرت في مواقف دول الترويكا حول موضوع إدلب، رغم إن هذه التباينات كانت وما زالت قابلة للحل مع الزمن، كما تبين التجربة الملموسة، على عكس التناقضات التي تعصف بالطرف الأمريكي وحلفائه والتي تتعمق يوماً بعد يوم، فالقوى الصاعدة على النطاق الدولي باتت في ذلك الموقع الذي يمكنها من أن تكون قاطرة تجر خلفها دولة مثل تركيا، بالرغم مما تعاني منه هذه الأخيرة، من تناقضات داخلية وخارجية، وهذه الدول جميعاً مستهدفة من المشروع الأمريكي، وتتقاطع مصالحها بشكل متزايد في ظل ابتزاز واشنطن لها جميعاً، من خلال العقوبات، وليس أمامها إلا خيار التنسيق و العمل المشترك، رداً على المشروع الأمريكي القائم على ضرب الكل بالكل.
وتسعى قوى الاعاقة الدولية والاقليمية و المحلية إلى التمترس خلف يافطة حماية المدنيين، وتمارس ضغطاً إعلامياً ودبلوماسياً واسعاً، وتلوح حتى بالخيار العسكري، بذريعة فرضية استخدام الكيمياوي، مع العلم إن حماية المدنيين بشكل فعلي تكمن في القضاء على قوى الإرهاب الموصوفة دولياً، فلا تعارض بين تصفية وجود جبهة النصرة، وحماية المدنيين، والمهمة الملموسة في هذا المجال هو تحقيق الهدفين معاً، باعتبارهما هدفين متكاملين، خصوصاً وأن أبناء تلك المناطق ضاقوا ذرعاً بممارسات «جبهة النصرة» ومن هم على شاكلتها، ويعملون على الخلاص منها.
وبغض النظر عن الشكل الذي سيأخذه انهاء الوضع المتوتر في ادلب، في ظل تنوع مبادرات الحليف الروسي الابداعية المعهودة، فإن التجربة السورية منذ معركة حلب ومروراً بالغوطة والجنوب وشمال حمص، تؤكد بان الاتجاه العام في الازمة السورية بات محسوماً، وهو الجمع بين النشاط العسكري، والسياسي - الدبلوماسي والدفع باتجاه الحل السياسي على أساس القرارات الدولية، وبالدرجة الأولى القرار 2254، والقرارات الدولية في ظل ميزان القوى الدولي الجديد - وكما أكدنا مراراً- وجدت لتنفذ، بعد أن ولى ذلك الزمن الذي هيمنت فيه الولايات المتحدة على القرار الدولي، وعملت جاهدة على استخدام المنظمة الدولية مطية لتحقيق مشاريعها.