ماذا يحمل لنا أيلول ؟
حسب العديد من المؤشرات والوقائع، فإن الوضع في سورية وما حولها، ينطوي على تطورات هامة في شهر أيلول المقبل.
فمن المزمع أن تنعقد قمة طهران لرؤساء ترويكا استانا، وأن تبدأ عملية إنهاء الوضع الشاذ في إدلب، والسعي إلى إعادتها الى سلطة الدولة السورية سواء بعمليات عسكرية ضد جبهة النصرة، أو من خلال الهدن والمصالحات مع بعض الجماعات المسلحة، وبالإضافة الى ذلك من المفترض أن تتشكل لجنة الإصلاح الدستوري، بعد المخاض العسير التي مرت به العملية.
إن هذه الأحداث الثلاثة، كوقائع متكاملة ومتخادمة ومتزامنة من شأنها أن تحدث نقلة نوعية جديدة في الواقع السوري، باتجاه الحل السياسي، الذي طال انتظاره، واستمراراً لتلك التحولات والاصطفافات الجديدة التي تجري على النطاق الدولي، حيث تشكل انعطافةً ملموسةً في إظهار ميزان القوى الدولي الجديد، وإظهار الضعف الأمريكي أكثر فأكثر.
تحاول قوى الحرب في الإدارة الامريكية، وأتباعها في الدول الإقليمية، وبعض الموهومين في المعارضة من جهتها، إعاقة هذا المسار، عبر اللجوء الى خطوات استباقية، فكما تشير التقارير الإعلامية، هناك محاولات لفبركة «كيماوية» جديدة، تستخدم كذريعة للتدخل العسكري، وتجري محاولات محمومة لمنع عمليات الفرز الجارية بين المسلحين في إدلب بما يسمح بتعويم جبهة النصرة وخلط الأوراق مجدداً.. ورغم الحرب الإعلامية النفسية التي تتمظهر بالقوة، إلا أن مظاهر الضعف الامريكي وحلفه تفند جميع الادعاءات التي تتحدث عن سياسة حازمة جديدة، فالانقسام الأمريكي يتعمق أكثر فأكثر، وبشكل يومي ومتسارع، ووصل إلى طريق اللاعودة حسب بعض المراقبين، وانفضاض حلفاء واشنطن المقربين من حولها بات ظاهرة يومية، وسمة أساسية من سمات علاقات أمريكا الدولية.
إن لعبة عض الاصابع بين أنصار الحل السياسي، وبين خصومه تكاد أن تصل الى نهايتها، سواء كان من خلال الوقائع الملموسة في الميدان السوري، والتراجع المستمر في مساحة الأعمال العسكرية، أو من خلال السعي إلى إعادة اللاجئين السوريين داخل وخارج البلاد إلى مناطق سكنهم، أوالخطوات الدبلوماسية والسياسية التي يدير الحليف الروسي دفتها بحكمة ومسؤولية وصلابة، والتي تعتبر بهذا الشكل أو ذاك امتداداً للصراع حول ملفات دولية اقتصادية وسياسية وعسكرية، تعاني واشنطن فيها المزيد من التردد والتخبط، فعملية طرد الدولار كأحد أهم أدوات الهيمنة الأمريكية من الأسواق الدولية بدأت، وبات البحث عن نظام مالي دولي بديل مطلباً عالمياً، وباتت دعوة موسكو للمساهمة في حل الأزمات المختلفة ظاهرة عالمية، بعبارة أخرى باتت قوى الحرب والعدوان والتيارات الفاشية تتلقى الضربة تلو الضربة، ومحكومة بالتراجع بما يعنيه من التفكك وفقدان الدور، مما يشكل فرصة ذهبية للسوريين لتجاوز الوضع الراهن، والسير بخطى حثيثة إلى حل سياسي حقيقي على أساس القرار الدولي 2254 بكل ما يعنيه من القضاء التام على الإرهاب، وإنهاء الكارثة الإنسانية، وصولاً إلى التغيير الوطني الديمقراطي الجذري والشامل.