«الإصلاح الدستوري» فرصة جديدة

«الإصلاح الدستوري» فرصة جديدة

ما لاشك فيه أن دستور أي بلد هو مسألة سيادية، و من نافل القول، أنه كان من الأفضل ألا تصل الأزمة إلى ما وصلت إليه، وتخرج من أيدي السوريين، ولكن وبعد أن كان ما كان، وعجز السوريون عن حل أزمتهم بأنفسهم، بسبب سيادة منطق «الحسم والاسقاط» غير الواقعيين، و بعد أن أصبح تدويل الأزمة أمراً واقعاً، فإن قيام المجتمع الدولي عبر الأمم المتحدة، بدور الميسر لعملية سياسية توافقية، بات أمراً لا غنى عنه، بالنسبة لكل من يريد الحفاظ على وحدة وسيادة الدولة السورية، واستعادة السوريين لقرارهم.

على هذا الأساس، وضمن هذا المنطق، ينبغي التعاطي مع الجهد الدولي الحالي لتشكيل لجنة الإصلاح الدستوري، وبالصيغة التي تم التوافق عليها بين جميع الأطراف ذات العلاقة، بما فيها الضامنين الثلاثة، وكأحد مخرجات مؤتمر سوتشي للحوار الوطني، الذي يعتبر حلاً إبداعياً من الطرف الروسي، لإزالة العراقيل أمام عملية التفاوض المباشر، على أساس القرار 2254، وإسقاط الذرائع المختلفة، التي حالت دون الوصول إلى الحل السياسي في آجاله الزمنية المعتمدة في هذا القرار.
إن كون المبادرة روسية بالأصل، وكونها تستند أساساً على القرار 2254 ينفي عنها مسألة التدخل الخارجي المعادي، بصيغته التقليدية المعروفة، التي تعود إلى مرحلة الهيمنة الامريكية على القرار الدولي، ومصادرة إرادة الشعوب، بدلالة منطوق القرار المذكور نفسه، الذي يعتبر من أهم بنوده، تأريض التدخل الخارجي، ولجمه، إلا بما يفيد الحل السياسي التوافقي، والذي سيؤدي بدوره في النهاية، إلى إنهاء دور التدخل الخارجي المعادي.
تكمن مهمة لجنة الإصلاح الدستوري، التي تعمل الأمم المتحدة على تشكيلها، في وضع المبادىء الدستورية العامة، التي تعيد القرار إلى السوريين، وتمكّن الشعب السوري، وليس «النظام والمعارضة» فقط، من تقرير مصيرهم ومصير بلادهم، ووضع ملامح سورية الجديدة، أي أنها الممر الواقعي الوحيد، و الضروري والممكن، لاستعادة سيادة الشعب السوري، باعتبار أن غياب هذه السيادة يشكل البعد الداخلي للأزمة التي تعصف بالبلاد من جهة، و كونها أساس السيادة الوطنية بمعناها الواسع، من جهة أخرى، ومن هنا، فإنه من الضرورة بمكان، أن تؤمن لجنة الاصلاح الدستوري التي يجري تشكيلها، أوسع تمثيل للمجتمع السوري بكافة طبقاته، و فئاته الاجتماعية، خارج إطار ما يعرف بالموالاة و المعارضة بشكلها المعروف حالياً، وبما يؤمن الأجواء التي تمنع أي طرف من إمكانية الإعاقة من جديد، وإضاعة هذه الفرصة الجديدة أمام سورية والسوريين.
إن الإسراع في تشكيل لجنة الإصلاح الدستوري، يشكل اليوم المهمة المركزية والمباشرة، كونها رافعة التفاوض المباشر، والشروع بالحل السياسي، الذي يوفر المناخ، والأرضية لإنجاز جميع المهمات الوطنية، من استئصال الإرهاب، واستعادة السيادة على كامل الأراضي السورية، وإيقاف الكارثة الانسانية، وصولاً إلى التغيير الوطني الديمقراطي الجذري والشامل.

آخر تعديل على الإثنين, 19 شباط/فبراير 2018 16:56