جميل: كي لا «يتسلبط» أحد على سلطة الشعب

جميل: كي لا «يتسلبط» أحد على سلطة الشعب

أجرى رئيس منصة موسكو للمعارضة السورية، وأمين حزب الإرادة الشعبية المعارض، د. قدري جميل، خلال الأسبوع الفائت عدة لقاءات إعلامية، في إطار الحديث عن مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي، وفيما يلي نعرض ما حملته هذه اللقاءات من توضيحات وردود.

كيف تنظرون إلى المشاركة في مؤتمر سوتشي، هل أنتم مرتاحون حتى الآن لحجم المشاركة وتمثيلها لأطياف الشعب السوري؟
أعتقد أن الوضع مقبول، وأرجو أن نتذكر أنه لا يجب رفع سقف التوقعات كثيراً، والتمثيل جيد، لا يمكن أن أقول أن كل أطياف الشعب السوري ممثلة، ولكن أطيافاً واسعة ممثلة وهذا شيء هام.
المشكلة أن سورية بحاجة إلى حوار بين مكوناتها السياسية وغيرها، هذا الحوار مقطوع، كانت هناك محاولة يتيمة في تموز 2011 لإقامته، ولم تفلح ولم تشق طريقها، الآن استعادة هذه المحاولة، والاستمرار بها وإنجاحها ضرورة قصوى، لأن القضايا التي تتطلب الحل في سورية تحتاج مشاركة كل السوريين، ويتطلب الحوار أن يتعلموا فن تقديم التنازلات، وهذا ضعيف قليلاً في بلادنا.
أنتم كمنصة موسكو ماهي طروحاتكم لعرضها أمام مؤتمر سوتشي، هل بحثتم طروحات معينة في اللقاءات التحضيرية التي جرت؟
طروحاتنا الآن هي طروحات البارحة، الحديث يتركز بالدرجة الأولى على الدستور، وحسب ما فهمنا من المنظمين أنه من المفروض أن يجري اختيار لجنة إصلاح دستوري، والإصلاح الدستوري يجب أن يناقش الاتجاهات العامة للدستور الجديد، أو التعديلات الدستورية، حسب ما يُتفق عليه، هذه الاتجاهات ستقرر عملياً المشترك بين وجهات النظر المختلفة والوصول إلى قواسم مشتركة، تسمح للجنة صياغة الدستور أن تؤدي عملها لاحقاً في دمشق بشكل جيد.
هل لمستم اليوم خلال مشاركتكم في اللقاءات التحضيرية توجه إيجابي لدى المشاركين في مؤتمر سوتشي؟
نحن من المستحيل أن نستطيع مقابلة جميع المشاركين. قابلنا قسماً منهم، والقسم الذي قابلناه، سواء كانوا موالاة أو معارضة، هم منفتحون الواحد على الآخر، وأعتقد أن الجو العام هو جو محاولة الوصول إلى توافقات، وهذا هو الشيء المهم، العملية لم تبدأ بعد، غداً سيبدأ الحوار الحقيقي، لذلك نحن نستعد لذلك وننتظر استكمال قدوم وفد منصة موسكو من دمشق الليلة.
هناك رؤية ستغيب ربما عن سوتشي في أثناء أعماله مع غياب منصة الرياض عن المشاركة في سوتشي، بالتالي كيف سيتم استثمار أية نتائج مرتقبة في سوتشي في مسار جنيف طالما أن منصة الرياض هي مفاوض أساس هناك؟
ما أستطيع قوله هو: أن قرار مجلس الأمن تحدث عن ثلاث منصات القاهرة وموسكو والرياض، أعتقد أن هنالك منصتين حاضرتين في سوتشي، المنصة الثالثة وهي منصة الرياض إذا لم تحضر، فأعتقد أنها ستضعف نفسها سياسياً كثيراً، لأنها تكون قد فقدت ساحة يمكن فيها أن تقدم آراءها وتقنع الآخرين، وتسمع الآخرين بآن واحد، من أجل المزيد من التفاعل، الخاسر الوحيد من عدم مجيء منصة الرياض إلى سوتشي، هو منصة الرياض نفسها.
في الحديث عن الدستور اللجنة الدستورية التي تشكلت الآن للقيام بإصلاح دستوري كما تفضلت حضرتك، برؤيتكم ما الذي يجب أن يتضمنه أي تعديل دستوري؟
اللجنة لم تُشكل بعد، بمسودة البيان الختامي المشار إليها المفروض أن تُشكل في نهاية أعمال المؤتمر، الإصلاح الدستوري أعتقد أن جوهره في نهاية المطاف، هو: إعادة السلطة للشعب، ولنبحث عن الآليات الملموسة الفعلية الدقيقة التفصيلية التي تسمح للشعب السوري أن يكون سيد مقاليده، وأن يكون مسيطراً على التطور كله، وأن يكون رقيباً فعلياً على جهاز الدولة. أعتقد هذه هي النقطة المركزية التي يجب أن يتم النقاش حولها، والقصة لا يمكن اختصارها بانتخابات مجلس شعب، بل القصة أكبر من ذلك: كيف سيتم إدماج أكبر عدد من السوريين ومشاركتهم في عملية صياغة القرارات اللاحقة؟ هذا هو التحدي الذي يجب أن نجابهه وأن نحله.
روسيا قالت أنها وجهت دعوة للأكراد كأفراد كي يحضروا مؤتمر سوتشي، مع ما يجري في عفرين ووجود تركيا هنا أيضاً كدولة ضامنة، حدثنا عن مشاركة الأكراد لو سمحت.
موجودون، ووجهت دعوات لم تلبَّ بسبب وجود تعقيدات على الأرض، ونحن نأمل لاحقاً أن يكون لهم الحصة التي يستحقونها في الحوار السوري_ السوري، لأنه بصراحة دونهم لا يمكن صياغة دستور جديد، فإذا كنا نريد أن نحافظ على وحدة سورية، ينبغي أن نسمعهم ونرى ما يريدون وما هي مطالبهم، وأن نجري نقاشاً، ونصل إلى توافقات وننهي الوضع بهذا الشكل. ما استغربه من الموقف التركي من الأكراد، هو أنهم خائفون من دولة انفصالية، وبالوقت ذاته لا يريدون منهم أن يأتوا، فهل يعلمون أنهم إن لم يأتوا سيدفعون بهم لتأجيج المشاعر الانفصالية، ويدفعون المتشددين لدى الأكراد؟ أي: أنّ موقف الأتراك غريب فعلاً، كأنهم شخص يقوم بإطلاق النار على نفسه، يخاف من دولة، ولا يريد من الذين يخاف منهم أن يأتوا ويتناقشوا مع السوريين الباقين، كي يقوموا بحل موضوع سورية الجديدة، ويحافظوا على وحدتها، هنالك مفارقة فظيعة غير مفهومة، ويمكن أن تضع الكثير من التساؤلات التي تتطلب التفكير لاحقاً.
ما هي رؤيتكم للأفكار الرئيسة؟
ثلاث قضايا تحتاج حلاً، القضية الأولى: إعادة توزيع الصلاحيات- بشكل يضمن تطور سورية القادم ديمقراطياً- بين الرئاسة ومجلس الوزراء والسلطة التشريعية. القضية الثانية: كيف فعلاً توّسع المشاركة الشعبية عبر المجالس في المناطق، وفي المركز مجلس الشعب، بحيث يكون الشعب فعلاً هو صاحب السلطة وليس شكلاً، وكيفية إيجاد تلك الضمانات الدستورية كي لا يستطيع أحد أن «يتسلبط» على سلطة الشعب، ولا يستطيع أحد، مستخدماً سلطة الدولة، أن ينهب الشعب، هذا يريد من الشعب أن يُعطى الإمكانات والصلاحيات، كي تكون له إرادة في الدفاع عن نفسه، فالناس عندما ترى أنه لا توجد فائدة لا تشارك في العملية، وهذه النقطة يوجد فيها نقاش واسع بالمناسبة، لأن فيها تفاصيل كثيرة. والنقطة الثالثة: المركزية واللامركزية، البعض يتكلم عن اللامركزية وأنه يريد لا مركزية مطلقة، ومشكلتنا في سورية هي المركزية المطلقة، ذاهبون من نقيض إلى نقيض، بينما الحل هو إيجاد الشكل المتوازي والتناسب الصحيح بين المركزية واللامركزية، وهذه القضية لا يمكن لأحد أن يحلها غير السوريين بأن يجلسوا ويتناقشوا بالتفاصيل، بل بمئات التفاصيل.