«عملية التغيير يشارك بها الشرفاء في الموالاة والمعارضة»
استضافت وكالة «ريا نوفوستي» يوم الاثنين بتاريخ 27/11/2017، مؤتمراً صحفياً لرئيس منصة موسكو، الدكتور قدري جميل، وقف فيه عند آخر المستجدات السياسية المتعلقة بمؤتمر المعارضة السورية في الرياض، والتسوية السورية. نعرض فيما يلي بعض مما جاء في البيان الاستهلالي الذي تلاه جميل.
ثغرات اجتماع المعارضة في الرياض
نحن ذاهبون إلى جنيف بوفد واحد للمعارضة السورية، وهذا المطلب القديم الذي طالبت به منصة موسكو منذ بدء جنيف3 قد تحقق، ولكنه تحقق بصعوبة كبيرة جداً وكاد ألّا يتحقق. قرار تشكيل الوفد بقي معلقاً حتى اللحظة الأخيرة من اجتماع الرياض الموسّع الأخير. وأريد أن أثبت أنه ومع أن الخارجية السعودية قامت بجهد لإنهاء اجتماع الرياض بشكل إيجابي، إلّا أنه كانت هناك ثغرات سمحت بتعقيد الأوضاع في الرياض. أول مشكلة هي: طريقة تركيب الاجتماع، وأقصد الـ140 شخصية التي حددوها. أستطيع أن أقول لكم: إنه لم يُستشر أحد... لا حول الأعداد، ولا حول الأسماء، لذلك كان من الطبيعي أن تسود الاجتماع لغة التطرف التي باد عهدها، والتي أصبحت من الماضي. رفعوا شعارات متشددة وثورجية، وأنتم تعلمون كم من «جملة ثورية» قتلت الثورة! الشعارات الثورية غير الواقعية تحقق عكس أهداف رافعيها فعلياً، والتجربة التاريخية تؤكد ذلك.
بدأ العمل في اللجنة التحضيرية قبل عدة أيام من اجتماع الرياض. وشاركنا في هذا الاجتماع، مع أننا كنا قد حذرنا وطالبنا الخارجية السعودية أن يجري عمل اللجنة التحضيرية قبل وقتٍ كافٍ من الاجتماع، ليستطيع أن يبحث بهدوء الأمور المطروحة، ولكي تتوفر فسحة من الوقت من أجل تنفيذها. عقد اجتماع اللجنة التحضيرية عشية الاجتماع العام، وكان هذا خياراً سيئاً جداً. طالبنا (منصة موسكو) الخارجية السعودية أن يبحث الاجتماع التحضيري عدة نقاط، النقطة الأولى: جدول الأعمال نفسه، والنقطة الثانية: مسودة البيان الختامي، والثالثة: تركيبة المشاركين، وخاصةً المستقلين. كان في اجتماع الرياض الأخير حوالي سبعين مستقلاً، أي: نصف العدد الموجود. من الذي اختارهم؟ كيف جرى اختيارهم؟ وماذا يمثلون؟ في النهاية 90% من الشعب السوري مستقلون لا يتبعون لأي تنظيم سياسي ولكن أن يُمثّل جزء صغير من هؤلاء المستقلين 90% فهذا أمر غير عقلاني وغير منطقي.
خروج القوات الأجنبية كلها من سورية
نحن خلال العملية التحضيرية اختلفنا حول البيان الختامي. ومنذ ذلك الحين، اعترضنا على الشروط المسبقة «الرحيل المبكر»، واعترضنا على الإشارة إلى إيران لوحدها وقلنا لهم: إيران دولة ضامنة في أستانا، وتلعب دوراً في حل الأزمة السورية، وتخصيصها بالذكر هو أمر غير مفهوم، واقترحنا عليهم صيغة أخرى وهي: خروج القوات الأجنبية كلها من سورية خلال وبعد الحل السياسي أي: (الروسية، والأمريكية، والإيرانية، والتركية... وغيرها». رفضوا هذه الصيغة وأصرّوا على تخصيص إيران! لا يستطيع أحد القول بأن موقفنا غير منطقي، موقفنا منطقي جداً، يجب استعادة السيادة السورية، ومع الحل السياسي سيجري استعادتها، وبالتالي لن تكون هناك الحاجة إلى أية قوات أجنبية في سورية، اختلفنا على هذا الموضوع. واتصل بي في آخر اللجنة التحضيرية الأستاذ هادي البحرة مقترحاً أن نُخرج النقاط غير المتوافق عليها من جسم البيان، ونقول: إن هذه النقاط غير متوافق عليها، وبقية النقاط متوافق عليها. وقلت له: وافقت. وطلبت منه أن يرسل لي ورقة مكتوبة بالصيغة النهائية، لأني كنت في طريقي إلى المطار، وإن لم يحصل هذا الشي فلن آتي، وقبل وصولي إلى المطار اتصلت مع ممثلنا علاء عرفات في الرياض وسألته: ما الذي حصل؟ فأخبرني أنهم «غيروا عقلهم»، فقلت له أن يبلغهم بأننا لن نأتي، ووفدنا المتواجد في بيروت سنعطيه تعليمات أن يعود إلى دمشق، وأنا سأعود إلى موسكو، وابقَ أنت لوحدك بصفة مراقب، حيث قررنا تخفيض التمثيل إلى مستوى واحد ومراقب.
مخاوفنا أثبتت أنها صحيحة
استمررنا في هذه الصيغة: كانوا مئة وأربعين شخصاً، ونحن لدينا ممثل واحد، الشيء الذي وصلنا إليه في النهاية أننا سجلنا اعتراضنا على البيان الختامي مكتوباً، ووزعنا الاعتراض المكتوب، وطلبنا منهم أن يُعلن ذلك مع البيان الختامي، وفي المؤتمر الصحفي، لم يعلنوه. استطعنا أن نعلن نحن ذلك في المؤتمر الصحفي لأن الأستاذ علاء كان على طاولة المؤتمر الصحفي، وهو من قام بإعلانه، وليس هم!
هذا الشيء جيد ويلبي بهذا الشكل أو ذاك مطلبنا فيما يخص البيان الختامي، ويُظهر أننا غير موافقين على بنود معينة مفصلية. وما يؤكد أنها مفصلية تخوفنا الذي أخبرناهم به مرات عديدة: أنتم في هذه الشروط المسبقة تعطون وفد الحكومة السورية الحجة كي لا يأتوا إلى المفاوضات. وها هم يعلنون صباح اليوم عبر جريدة الوطن، أن وفد الحكومة أرجأ سفره إلى جنيف اليوم، علماً أن جنيف سيبدأ غداً، وما حذرنا منه قد حدث.
الإعلام في خدمة المتشددين
عندما نقول: أنه لا توجد شروط مسبقة، هذا لا يعني أن محتوى الشروط المسبقة لا يُبحث كفكرة حينما تبدأ المفاوضات، ولكن أن توضع كهدفٍ مسبق هذا بحد ذاته يعرقل بدء المفاوضات. لسنا الوحيدين الذين كنّا ضد هذه الفقرة، في الوفد الحالي هناك قوى عديدة وهامة تأخذ موقفنا نفسه في هذا الموضوع، وسنحاول أن نجد حلاً لهذه القضية.
وما أساء إلى هذا المؤتمر هو: دور الإعلام التضليلي، ومثال على ذلك مقابلتي على العربية وأقول لهم: الآن منصة موسكو والقاهرة أعلنوا انسحابهم، فترد القناة: لا، القرار الآن لا ينص على ذلك. فقلت: تقريركم ليس صحيحاً، لقد دخلت إلى الأستديو منذ ربع ساعة، وقد أعلنوا انسحابهم، وهو مشروط، أي: إذا عادوا نعود، ولم يعلنوه. المهم أننا استمررنا ووصلنا إلى فكرة الصوت المرجح، تشكل وفد من ستة وثلاثين، طلبنا أن تكون النسبة ثلثين، وفي النهاية اتفقنا على أقل من 75%. من أصل 36 يجب أن يوافق 26 على أي قرار وهذا في حد ذاته يحمل ضمانة ألّا تقدر أية جهة من الجهات المكونة للوفد المشترك، أن تفرض رأيها في نهاية المطاف. الوفد المشترك تكوّن بالشكل التالي: 8 أعضاء لمنصتي موسكو والقاهرة، 8 للائتلاف، 8 للمستقلين، 7 للفصائل المسلحة، و5 لهيئة التنسيق. وفي حال رفض10 من هؤلاء أي قرار لن يمر».
لتمثيل الأطراف كلها
الائتلاف عانى من أزمة قبل مجيئه، وأبعد قسماً هاماً من الهيئة العليا السابقة، الائتلاف متخبطاً بين المتطرفين والواقعيين نسبياً وهذه العملية مستمرة.
من الصعب التنبؤ الآن بما سيجري، استطعنا تشكيل الوفد الواحد، ويجب أن تستمر المفاوضات وينجح جنيف، لذلك يجب التفكير برويّة في موضوع الشروط المسبقة، وفي تمثيل أطراف المعارضة كلها. ندعو الأمم المتحدة للتفكير بآلية للحفاظ على الوفد بهذا الشكل وتحسينه، وإشراك أكبر عدد ممكن من القوى المعارضة في عملية جنيف. توجد قوى هامة غير ممثلة بالوفد، مثل: قوى سورية الديمقراطية، وتيار بناء الدولة، وتيار القمح، وهي قوى معارضة معروفة لا يجوز ألّا تلعب دوراً خلال الفترة القادمة، ونحن سنبذل جهداً في هذا الاتجاه.
عملية التغيير لا تعني عملية استلام وتسليم للسلطة، عملية التغيير هي عملية تغيير البنية السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وهي عملية طويلة ومعقدة وضرورية، ويجب أن يشارك فيها الشرفاء كلهم في الموالاة وفي المعارضة.