شرط مسبق وعدم جدية
لاشك أن الشروط المسبقة في مفاوضات الحل السياسي كانت وما زالت مرفوضة، كونها تخالف القرار الدولي، وتعرقل العملية السياسية، ولكن في المقابل، فإن الرد على تلك الشروط، يجب ألا يكون عدم جدية تجاه أهمية الإسراع بالحل السياسي، كما تجلى في طريقة تعاطي الوفد الحكومي، مع الجولة الثامنة من مفاوضات جنيف الحالية، حيث التأخر عن التوقيت، والتردد في الموافقة على التمديد، و الإصرار على عدم خوض المفاوضات المباشرة.
إن الرد الفعلي على أي شرط مسبق، هو العمل على إزالة الشرط المسبق نفسه، وليس اتخاذ هذا الشرط ذريعة، لعرقلة التفاوض المباشر، على مبدأ «اجت والله جابها»، أما الطريق الوحيد لإزالة الشروط المسبقة، فهو الإصرار على الحل السياسي التوافقي، والتسلح بالقرار الدولي، وبما يعزل القوى المتشددة أكثر فأكثر، لاسيما، بعد تراجع دور القوى الدولية والإقليمية، والسورية الداعمة لمتشددي الرياض، وفي ظل التشكيلة الجديدة للوفد المفاوض، وبعد زيادة دور قوى المعارضة الجادة في دفع العملية السياسية إلى الأمام، وبالتالي من مصلحة سورية، التعاطي بأقصى درجات الجدية، مع هذا المنبر الدولي – منبر جنيف- لأنه ملك الشعب السوري، وأداته الأساسية، وربما الوحيدة في إنقاذ بلاده، وعلى هذا الأساس، وبهذه الروح يجب التعامل مع العملية، حتى لا تتحول إلى فرصة ضائعة من جديد.
إن جوهر الحل السياسي المنشود، وجذره يعني تمكين الشعب السوري من تقرير مصيره بنفسه، بما فيها اختيار نظامه السياسي، وذلك عبر انتخابات حرة وشفافة ونزيهة، يشارك فيها السوريون كلهم، وضمن مهلة زمنية محددة، وهو بهذا المعنى يتجاوز عملية تبديل سلطة بسلطة، وشرعنة النفوذ الإقليمي والدولي، كما يسعى متشددو الإئتلاف المهزومين، ضمن فهم ملتبس للحل السياسي، وتفسير مشوه للقرار 2254، وكذلك، هو لا يعني استمرار تحكم النظام بالسلطة، كما يسعى متشددو النظام.
تشرف المعركة العسكرية، ضد الإرهاب على نهايتها، بعد سلسلة الضربات المتلاحقة ضده، واستعادة مناطق واسعة إلى سيادة الدولة السورية، وتشكل جولة جنيف الحالية بوابة استكمال هذه المعركة سياسياً، وتوحيد السوريين ضد هذه الظاهرة الطارئة في سورية، لاسيما، وأن العديد من التقارير الإعلامية، تشير إلى استعداد الحليف الروسي لسحب قواه العسكرية، ليقدم بذلك، وبما سبق هذا الإعلان من مناطق خفض التصعيد، ودوره الحيادي والنزيه فيها، نموذجاً جديداً في التعاطي مع الأزمات الدولية، نموذجاً يتوافق مع استعادة السيادة الوطنية، ويضرب به المثل في الحفاظ على وحدة واستقلال البلدان، وليؤكد للمرة الألف، على نواياه وهدفه من الدخول العسكري إلى الساحة السورية، باعتباره أداة مساعدة للسوريين في الوصول إلى حل سياسي توافقي، وتقرير مصير بلادهم بأنفسهم، وليس أداة هيمنة، كما كان وما زال سلوك قوى الهيمنة الغربية.