اجتماع المعارضة الموسَّع... هذا ما حدث
انطلقت أعمال اللجنة التحضيرية لمؤتمر المعارضة الموسَّع الذي أُطلق عليه تسمية «الرياض2» في صباح الحادي والعشرين من الشهر الجاري، بغية التوصل إلى اتفاقٍ حول الأسس والمبادئ التي يجب أن يستند إليها الوفد التفاوضي الواحد، الذي من المفترض أن يُشكَّل نتيجة اللقاء الموسَّع في الرياض بتاريخ ٢٢-٢٤. فيما يلي، نعرض مجريات الاجتماع وفق التتالي الزمني لتطوره، مرفقاً بالتصريحات والأحاديث الإعلامية لمنصة موسكو، حتى تاريخ إغلاق هذا العدد من «قاسيون» مساء يوم الجمعة 24/11/2017.
إعداد: قاسيون
طالبت منصة موسكو أثناء أعمال اللجنة التحضيرية أن تكون مخرجات الاجتماع متوافقة مع قرارات الأمم المتحدة_ وخاصة قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤_ دون تفسيرٍ أو اجتهادٍ، كأساسٍ تستند إليه العملية التفاوضية، ويتم خلالها تنفيذ القرار ٢٢٥٤ بحذافيره، للبدء بعملية الانتقال السياسي في سورية، من خلال الحوار السوري- السوري، بين ممثلي المعارضة ووفد النظام، ودون أية شروط مسبقة، وعلى أن تطرح المواقف والآراء كلها خلال سير المفاوضات، وعلى أن تكون الأولوية لتطبيق هذا القرار (٢٢٥٤) على أرض الواقع.
خلافات في اللجنة التحضيرية
لم يجرِ التوافق على ذلك خلال مناقشات اللجنة التحضيرية. وعليه، أبلغت منصة موسكو في ليلِ اليوم نفسه 21/11/2017، وزارة الخارجية السعودية اعتذارها عن حضور اللقاء الموسَّع للمعارضة السورية، وجاء في تصريح لرئيس منصة موسكو، د.قدري جميل: «مع الأسف، أصرَّت بعض الأطراف المشاركة في اللجنة التحضيرية على فرض مسودة بيان ختامي، تعتبره منصة موسكو خروجاً عن نص قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤، ويوتر الأجواء التي هيأها المجتمع الدولي من خلال ما أنجز حتى الآن من توافقٍ دولي، وكذلك ما أنجز من خلال مسار آستانا من تخفيضٍ للتوتر ووقفٍ لإطلاق النار في مناطق شاسعة من الأراضي السورية بعد تطهيرها من «داعش» و«جبهة النصرة» مضيفاً في حوارٍ مع قناة روسيا اليوم يوم 22/11/2017: «اتفقنا بنسبة 90%، بقيت نقطتان، موضوع الرئيس، ومسألة وجود إيران وحزب الله. موقفنا هو: القول أنه مع الحل السياسي ستخرج القوى الأجنبية كلها من سورية بما فيها الأميركية والروسية والإيرانية إلخ..، لا نريد تخصيص جهة معينة لأننا نريد الذهاب إلى حل. وفي موضوع الرئيس السوري نحن ضد الشروط المسبقة، بقاءً ورحيلاً لأن ذلك يخالف منطق وروح القرار 2254».
وأكّد جميل في تصريحه: أن منصة موسكو تعتبر السقف السياسي الذي يجب أن يستند إليه الوفد المعارض الواحد في المفاوضات يجب أن يكون «التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن ٢٢٥٤، والذي ينصُّ على أنه خلال المرحلة الانتقالية، يتم صياغة دستور جديد وإقراره، كما تتم انتخابات نيابية ورئاسية نزيهة بإشراف الأمم المتحدة ورقابة دولية، يقرِّر الشعب السوري من خلالها شكل نظامه السياسي ومَن يحكمه» معلناً تمسك منصة موسكو بهذه المبادئ، واستمرارها بالنضال من أجل تحقيقها، وإنهاء معاناة الشعب السوري.
ولدى سؤاله حول الانسحاب من المؤتمر، ومدى الالتزام بمخرجاته، أجاب بأنه: «من غير الصحيح القول بأننا انسحبنا، لأننا لم نشارك أصلاً، مَنْ ينسحب هو المشارك، نحن بالأساس لم نحضر لأنه لم يجرِ توافق في اللجنة التحضيرية على أهم المخرجات، نحن مصرّون على تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 ونرى بأنه سقف مشترك للجميع، ولا داعي لأن يفرض أحد سقفه العالي أو الواطي على الآخرين، ونعتقد أن 2254 هو سقف كافٍ في الظروف الحالية، ولذلك الشروط المسبقة تعني بالنسبة لنا نسف إمكانية بدء المفاوضات وهذه لعبة لن نلعبها»، وهذه النقطة الأولى في سبب عدم مشاركة المنصة، في حين أضاف رئيس وفد المنصة مهند دليقان: مسألة التمثيل غير العادل، وطريقة دعوة المستقلين، كسبب ثانٍ لعدم المشاركة. وحول موضوع الالتزام بمخرجات المؤتمر، أكّد تصريح صادر عن منصة موسكو يوم 23/11/2017 أن: «البيان الختامي الذي صدر، لم يشر إلى اعتراضات المنصة- المتعلقة بموضوعة الرئيس، والوجود الإيراني وحزب الله_ ولذلك فالمنصة غير ملزمة به»، فيما أضاف رئيس المنصة، د.جميل، في حوارٍ مع قناة «العربية/الحدث» بتاريخ اليوم ذاته، أن «هذا البيان لا يعنينا لا من قريب ولا من بعيد ولن نلتزم به هذا أولاً وثانياً: نحن ومنصة القاهرة اشترطنا شرطاً قطعياً لا عودة عنه، وهو أن المقاعد في الوفد المفاوض في جنيف لثلاث منصات مذكورة في قرار مجلس الأمن تبقى لأن القرار موجود ولم يلغهِ أحد، وهاتان المنصتان حصتهما ستكون الثلث المعطِّل، مؤكداً في موضع آخر: «تم تركيب الأعداد والأرقام بدون استشارة أية منصة، ونحن غير موافقين على هذه التركيبة... نحن في منصة موسكو لم نذهب لأن الحالة لا تسمح بالذهاب. أعطوا منصة موسكو 10 مقاعد ومنصة القاهرة 10 مقاعد من أصل 140 مقعد وهذا أمر غير مقبول نهائياً...»
وفي إجابة عن سؤالٍ حول مدى استقلالية قرار المنصة في المشاركة أو عدمها، أكّد جميل: إن قرار منصة موسكو هو قرار مستقل، كاشفاً تعرّض المنصة لضغط شديد من قبل الأصدقاء الروس للذهاب إلى الرياض، وقال: «نحن (شورنا من راسنا)، نثق بأصدقائنا، ونحترمهم ولكن أيضاً لدينا قراءتنا للوقائع على الأرض، ونحن قرأناها هكذا كما رأيتم في البيان». مؤكداً أن المنصة ستذهب في حالة واحدة وهي: الحصول على ضمانات بأن البيان الختامي سيصدر بالتوافق وبشكل غير مخالف للقرار 2254.
عرفات مراقباً... والمنصة لم تشارك
ترافق قرار عدم مشاركة منصة موسكو في المؤتمر رسمياً، بإعلان حضور ممثلها الأستاذ علاء عرفات، الاجتماعات في الرياض بصفة مراقب، وحول ذلك، أعلنت المنصة: أنه عند أي تغيير من الممكن أن تغير صفتها من مراقب إلى عضو كامل الحقوق كمنصة، مشيرة أن الموضوع لا علاقة له بالعدد. وذكر د.جميل: أن القرار بوجود عضو مراقب جاء كتعبير عن الاحتجاج وعدم الرضى، متابعاً: «خفضنا مستوى التمثيل، وأنا شخصياً عدت من المطار بعدما سمعت آخر الأخبار بأننا لم نصل إلى اتفاق. وفدنا كله كان في بيروت واستلم تأشيرات الخروج والدخول من السفارة السعودية، وعاد أيضاً من بيروت مساءً إلى دمشق، وأبقينا الرفيق علاء عرفات ممثلنا في اللجنة التحضيرية، وكلّفناه أن يتابع كعضو مراقب. نحن لم ننسحب ولم نقاطع ولكن لم نشارك عملياً في أعمال هذا الاجتماع، لأنه برأينا إذا سار على أساس هذا المنطق فطريقه مسدود وأردنا التحذير من ذلك... نحن لا نريد القطيعة مع أحد، ولكن في الوقت نفسه، لا نسمح لأحد أن يفرض رأيه علينا بشكل مخالف للقرار 2254»، مؤكداً في لقاء لاحق أن «بقاء الأستاذ علاء بالرياض جاء على أساس أن تُصلح الأمور، وأن نستطيع العودة إلى هذه العملية، ولكن الأمور مع الأسف الشديد ساءت أكثر».
«القاهرة» تنسحب... ومشاورات مع الطرف السعودي
بعد مشاركة منصة القاهرة في المؤتمر، أعلنت الانسحاب، والتحقت بعدها بالعمل مع منصة موسكو من خلال التشاور مع المسؤولين السعوديين لمحاولة إيجاد حل للمشكلة القائمة، وإجبار الذين لا يريدون الانصياع للقرارات الدولية بأن يذهبوا إلى كلمة سواء، ولا يرفعون السقوف فوق القرار 2254.
وعليه، أجاب رئيس المنصة، د.جميل، عن سؤالٍ حول قدرة المنصة على إحداث تغيير في البيان الختامي بالقول: «أعتقد أنه (إذا ما لزّقت بتعلم)، وهذا مهم للمستقبل وضغطنا مستمر، وأنا لم أفقد الأمل من تغيير البيان الختامي، وقلنا لهم إذا عدتم عدنا، وإذا أصررتم أصررْنا، فالقضية مبدئية». وحول إمكانية توحيد المعارضة وتشكيل وفد «موحد» من خلال هذا المؤتمر، بيّن الدكتور قدري جميل أن: «كلمة موحد هي كلمة (فضفاضة) على المعارضة السورية، وإذا وضعنا هدفاً معقولاً وهو الوصول إلى وفد واحد، برنامجه المشترك هو القرار الدولي 2254، فهذا الأمر يصبح واقعياً وكافياً. والجميع حر ببرنامجه في المستقبل، وليفعل ما يريد وليقنع الناس ببرنامجه، ولكن أن يُفرض برنامج أحد على أحدٍ فهذا ما لا نقبله بأي شكل من الأشكال. لذلك، نحن أول من نادى_ منذ الجولة الأولى من جنيف3_ لوفدٍ واحدٍ للمعارضة السورية كلها، لأن هذا شرط ضروري لبدء المفاوضات المباشرة، ولكن هذا الوفد الواحد إذا كان برنامجه_ كما يريد البيان الختامي_ هو اشتراطات مسبقة، فهذا معناه أنه ليس هنالك مفاوضات مباشرة. هذه المشكلة التي يجب أن يعيها الجميع».
حقائق في صلب النقاشات
أكّدت منصة موسكو على لسان رئيسها الدكتور قدري جميل، ورئيس وفدها إلى مفاوضات جنيف مهند دليقان، من خلال اللقاءات الإعلامية التي جرت مساء الخميس 23/11/2017، جملة من الحقائق:
نُصِّبَ الائتلاف كممثل للشعب السوري من قبل بعض الدول، أي: ليس لأنه يمثل مصالح الشعب السوري بل لأنه يمثل مصالح هذه الدول بالذات. إذا نظرنا إلى تركيبة الائتلاف وهويته نجد داخله كتيبة كاملة من المسؤولين السابقين من مدراء عامين إلى وزراء وإلى أمناء فرق حزبية وفروع حزبية ورئيس وزراء... إلخ، هؤلاء قضوا جُلّ أعمارهم في ظل النظام، وهم يضربون بسيفه، ويترقون برتبه ومراتبه ويستفيدون من مزايا السلطة، وفجأةً وبقدرة قادر تحولوا إلى ثوار لا يشق لهم غبار ولا يلينون ولا يتراجعون عن شعاراتهم الثورية، ويتهمون الآخرين أنهم موالون للنظام في حين أن هؤلاء الأخرين قضوا عمرهم كاملاً في إطار النضال السياسي، ولم يكونوا جزءاً من منظومة الحكم، ولا بأي شكل من الأشكال، عملياً قضوا أعمارهم في السجون، بينما كان بعض الثوريين الطارئين يدجّنون، واليوم يأتون بشعارات ثورجية، وكم من شعار ثوري قتل الثورة تاريخياً، هؤلاء الثورجيون بشعاراتهم الثورية المتشددة هذه يقدمون الحجة الشرعية للنظام كي لا يذهب إلى المفاوضات ويطيلون عمر الأزمة في سورية.
القول بالشرعية على أساس مظاهرات «المجلس وطني يمثلني» يحوي إشكال كبير، بمعنى «نحن كنا جزءاً من المظاهرات ونعلم كيف كانت ترفع الشعارات وكيف تأتي الكاميرات التي كانت تصور الذي يناسبها وتغفل الشعارات التي كانت لا تناسبها»، لذلك بناء شرعية على أساس ما رفع في المظاهرات من شعارات هي مسألة مشكوك فيها على الأقل. من جهة أخرى حتى لو افترضنا أن هذه الشرعية كانت قائمة في يوم من الأيام، فمرت أكثر من دورة انتخاب_ إذا كنا نتحدث عن هذه المظاهرات بوصفها شكلاً من أشكال الانتخاب الديمقراطي_ فمرت دورة طويلة، أكثر من خمس أو ست سنوات على هذه الانتخابات الافتراضية، وأصبح يحق للجميع أن يسأل مرة ثانية: هل فعلاً المجلس الوطني يمثل أو لا يمثل وهذا ينطبق على غيره من التكتلات... تظهير شعارات معينة دون غيرها، مسألة لها غاية محددة كانت تعمل عليها دول بعينها، هي ذاتها الدول التي نصبت المجلس الوطني بوصفه مجلساً جاهزاً لاستلام السلطة، على الطريقة العراقية، وهذه الدول هي التي فتحت المنابر الإعلامية لهذه المجموعة، وبالتالي تضخمت، وأصيبت بفيروس الحزب القائد ذاته الذي يوجد لدى النظام.
مسار جنيف، هو مسار مستمر لأنه الساحة الأساسية لتنفيذ القرار 2254، وفيما يخص «سوتشي» لم تتلقَ منصة موسكو دعوة رسمية حتى الآن، وإلى الآن أصلاً لم يُعلن موعد رسمي، وحينما تتلقى المنصة دعوة رسمية ستتعامل معها بروح إيجابية ،لأنها مع أي حوار سوري سوري، يفتح الطريق أمام حل الأزمة السورية. «سوتشي» هو دعم سياسي لمسيرة جنيف، وممكن أن يكون محطة هامة بالتقارب والتفاهم بين السوريين للوصول إلى التوافقات الضرورية، والسير على طريق حل الأزمة السورية على أساس قرار مجلس الأمن المعروف 2254.
متابعة الضغط لتغيير البيان الختامي
وفي السياق، تحدث رئيس منصة موسكو عن تأثير الاستقالات التي حصلت في الهيئة العليا للمفاوضات، عند سؤاله عن ذلك: «أولاً: حول منشأ الاستقالات، فمن الواضح وجود أزمة عميقة لديهم بسبب الخط السياسي الذي أثبت عدم نجاحه وفشله، والآن يجري تقاذف المسؤوليات عمّا جرى بوضع هذا الطرف المتشدد للمعارضة السورية. كنا قد حذّرنا مراراً وباكراً أن هذا الخط طريقه مسدود، وأنا أعتقد أنه إذا استمرت الأمور عند الطاقم الجديد من قيادة منصة الرياض بالطريقة السابقة التي أُديرت بها فسيصل إلى النتيجة نفسها. نحن لم نلمس حقيقةً تغيراً في العقلية خلال النقاشات التي جرت معهم، الذي جرى عملياً هو تغيير في الوجوه. نحن لا يهمنا تغيير الوجوه، بل تغيير السياسات، على السياسيات أن تكون واقعية، وأن تستجيب للمصالح العليا والعميقة للشعب السوري الذي يريد أن يحلّ الجميع عنه، وأن يعيش وينتهي من الأزمة».
وبهذا، صدر بيان في المؤتمر الذي عُقد دون مشاركة منصة موسكو، وبانسحاب منصة القاهرة. وكشف رئيس منصة موسكو «متابعة المنصة بالضغط من أجل تغيير البيان الختامي، واتصالها مع الأطراف السعودية والروسية وغيرها، مطالبين بإخلاء البيان من كل شيء يخالف قرار مجلس الأمن 2254، لأن في ذلك إفشال للمفاوضات قبل أن تبدأ، وهذا أمر لا ترضى به المنصة، لأن مصلحة الشعب تقتضي الذهاب إلى مفاوضات مباشرة بأسرع ما يمكن لإنهاء الأزمة، والقضاء النهائي على الإرهاب وبدء عملية التغيير الديمقراطي»، مؤكداً أنه بهذا البيان الختامي من المستحيل الوصول إلى مفاوضات، وتابع: «قلنا لهم أن يحافظوا على رأيهم، وأن يجلسوا إلى طاولة المفاوضات، وكل منهم يقول رأيه، لا أحد سيمنع أحداً بأن يقول ما يريده، ولكن أن يصبح هذا شرطاً مسبقاً فهذا شيء صعب».
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 838