«سننجح في الاتفاق حول السلال المتبقية»

«سننجح في الاتفاق حول السلال المتبقية»

أجرى رئيس منصة موسكو للمعارضة السورية، أمين حزب الإرادة الشعبية، د.قدري جميل، يوم الثلاثاء الماضي 18/7/2017، مؤتمراً صحفياً في مبنى وكالة «ريا نوفوستي» الروسية، قيَّم خلاله النتائج التي خرجت بها الجولة السابعة من مؤتمر جنيف3. فيما يلي، نعرض بعضاً من الأفكار التي وردت في المؤتمر، منوهين إلى أنه بالإمكان متابعة المؤتمر كاملاً على موقع قاسيون الإلكتروني.

الإعلام: صمت القبور
استهل جميل المؤتمر بالقول: ما نستغربه في هذه الجولة السابعة أنها الجولة الوحيدة التي يمكن القول إنها حققت تقدماً مقارنة مع الجولات التي سبقتها. لكن الغريب هو أن معظم وسائل الإعلام قد صمتت صمت القبور، بينما في الجولات السابقة كان هنالك ضجة كبيرة دائمة حول ما يجري نقاشه.
لماذا لم تسلط الأضواء على هذه الجولة؟ الاستنتاج بسيط، لأنها أعطت فسحة أمل بأنه يمكن التقدم إلى الأمام. وربما تفاجأ الذين لا يروقوهم الحل في سورية، فكانت ردة فعلهم هي الصمت. وهذا الأمر لا يدهشنا، بل بالعكس، يمكن أن يكون مؤشراً يؤكد صحة استنتاجنا الذي تحدث به السيد دي ميستورا حول أنه يوجد تقدم في هذه الجولة.
لماذا جرى هذا التقدم؟
الظروف المستجدة في هذه الجولة قد ضغطت على الجميع من أجل تحريك الملف السوري، وخاصة في صفوف المعارضة السورية. وهي:
أولاً: التفاهم الأمريكي- الروسي حول منطقة خفض التوتر في الجنوب. فرغم العويل والزعيق من قبل البعض حول أن هذا الموضوع خطير، وسيقسم سورية... لكن الواقع هو أنه جرى اتفاق روسي وأمريكي، وجرى وقف لإطلاق نار في المنطقة الجنوبية، وهذا جيد.
ثانياً: ثمة أمر يجب ألا ننكره هو: أن الأزمة الخليجية بتداعياتها قد انعكست بالتأكيد على مجريات هذه الجولة. والاتهامات المتبادلة حول أن الخليج كان يدعم الإرهاب، وحول تحميل قطر مسؤولية تمويل الإرهاب في سورية. كل هذا اعتقد أنها عوامل أثرت على مجريات الجولة.
لذوبان الجليد بشكلٍ نهائي
قبل هذه الجولة، يوجد تفصيل دقيق لم يجرِ الاهتمام به، لأنه جرى في منأى عن الإعلام، وهو المفاوضات التقنية بين وفود المعارضة في لوزان بين 3 و 7 من الشهر الجاري: خمسة أيام من المفاوضات الشاقة، وكل يوم كانت المفاوضات تستمر 15 ساعة. أي: تسعين ساعة عمل. وبحثت سلة واحدة هي سلة الدستور، وتم الاتفاق. وهنا لا أريد الحديث أن هنالك أحد تنازل أمام أحد. فالذي جرى هو شيء آخر، هو إيجاد صيغ مشتركة ليست صيغة منصة الرياض ولا هي صيغة منصة موسكو، ولا هي صيغة منصة القاهرة. الكل طرح صيغه حول موضوع الدستور، وفي المحصلة توصلنا إلى صيغة مشتركة.
وفي لوزان، بحثنا المبادئ الدستورية العامة التي طرحها دي ميستورا (12 نقطة)، وجرى حولها نقاش طويل وتم الاتفاق حول الصيغ، واقترحنا التعديلات على دي ميستورا بالإجماع، وهذا أمر هام. وفي النهاية، اتفقنا على أن نلتزم بالقرار الدولي 2254 فيما يخص لجنة صياغة الدستور، ووصلنا إلى حلول مناسبة للجميع.
خلال اللقاءات الماضية، لم يجرِ بين موسكو ومنصة الرياض ولا لقاء واحد، حتى في الشارع. بل كان يجري تجنب اللقاء. اليوم منصة موسكو بكامل أعضائها وكذلك منصة القاهرة كانت في فندق منصة الرياض أربع مرات، وجرت جلسات طويلة ليلية لبحث القضايا المختلف عليها، وقد انكسر الجليد والحاجز النفسي المعنوي الموجود بين السوريين. انكسر الجليد واليوم مهمتنا استمرار تكسيره حتى ذوبانه نهائياً.
لدينا تجربة سلة واحدة من السلال الأربع هي سلة الدستور، وقد نجحنا فيها. ألن ننجح في السلال الأخرى؟ نعم سننجح، لكن الأمر يتطلب بعض الوقت. من هنا، اقترحنا على السيد دي ميستورا أن نبدأ جولة مفاوضات تقنية دون تحديد سقف زمني لها، تبدأ ولا تنتهي إلا بإطلاق الدخان الأبيض قبل جولة جنيف القادمة، أي: الجولة الثامنة التي يجب أن تجري في أواخر آب وأوائل أيلول.
الموقف من الشروط المسبقة
نقطة الخلاف التي جرى النقاش حولها في المفاوضات التقنية، وسنذللها، هي المسألة التي نسميها شروطاً مسبقة في موضوع المرحلة الانتقالية: البعض يركز حول أنه يجب أن نطلب رحيل الرئيس الأسد قبل بدء المفاوضات. وقد قيل لي بصراحة: «قل لنا هذه الكلمة فقط، وسنتفق على ما تبقى دون مشكلة»، وقد أجبت: إذا قلت لكم هذه الكلمة إلى أين سنصل؟ هل سنشكل وفداً؟ من أجل ماذا سنشكل هذا الوفد؟ من أجل المفاوضات؟ إذا قلت لكم هذه الكلمة وشكلنا وفداً لن يعد هنالك وجوداً للمفاوضات، وسنجهض المفاوضات قبل أن تبدأ، فالذي يريد وضع شروط مسبقة بهذا الشكل هو لا يريد مفاوضات!
وأخبرتهم بصراحة أن موقفهم هذا يتفق مع مصالح الأطراف المتطرفة في النظام، التي لا تريد حلاً، وتسهل عليها الهروب من الحل. حيث هنالك قوى في الطرفين لا تريد حل الأزمة السورية، لأنها تتضرر من هذا الحل، وأنتم تريدون بهذه الطريقة أن تساعدوا القوى المتطرفة التي لا تريد حلاً، بينما نحن لا نريد ذلك. نحن سنلتزم بحرفية وروح القرار الدولي 2254، وطرحكم هذا هو مخالف للقرار.
لذلك فإني من هنا، أوضح رسمياً موقف منصة موسكو: من غير المفيد الحديث عن «البقاء أو الرحيل» قبل بدء المفاوضات، وهو مضّر أيضاً لأنه كلما تأخرت هذه الأزمة استمرت الخسائر الكبيرة، يجب الكف عن الشروط المسبقة من الطرفين، ولذلك نقترح صمتاً إعلامياً من الجميع حول هذه النقطة تحديداً، إلى حين بدء المفاوضات.
اقتراحنا بوفد منصة موسكو والذي لم يجرِ أخذ به حتى الآن - ولكن سنعمل على أن يؤخذ به لاحقاً- وهو أن يجري عمل كل لجنة صياغة الدستور تحت أعين عدسات التلفزيون أمام أعين الشعب السوري كافة. حتى يعلم الشعب السوري كل واحد من يمثل، وما هو موقفه في القضايا المطروحة، ألا نريد نقاشاً واسعاً للدستور؟ هذه أفضل طريقة للنقاش، يجب أن يجري نقاش الدستور في لجنة دستور أمام أعين الكاميرات وببث مباشر، كي يكون كل شخص مسؤولاً عن كلامه.

حول مناطق خفض التوتر
إن التخوف الجاري حول أن مناطق خفض التوتر من الممكن أن تؤدي إلى تقسيم سورية، يكون صحيحاً فقط في حالة واحدة، هي أن تبقى مناطق خفض التوتر مناطق لخفض التوتر لمدة سنة أو سنتين أو ثلاث. ولكن عمر هذه المناطق، كما ورد في وثيقة الاتفاق ذاته، هو ستة أشهر فقط.
من هذه الزاوية، فإن عدم إطلاق العملية السياسية بالسرعة المطلوبة هو خطر. خطر تحويل هذه المناطق إلى مناطق تدعم تقسيم سورية. لذلك، إن كنا نريد أن نحول دون تقسيم سورية، يجب البدء بالحل السياسي الجامع بأسرع ما يمكن، وهذا ما قلته لدي ميستورا، بأن المفاوضات مطلوبة للحفاظ على وحدة سورية.
اضطررنا للوصول إلى مناطق خفض التوتر، من أجل وقف إطلاق النار، ولكن هذا الحل الإبداعي يمكن أن يكون سلبياً إذا استمرّ طويلاً. من هنا، ممنوع أن يبقى مستمراً لفترة طويلة، وكي لا يستمر إلى فترة طويلة نريد حلاً سياسياً، وهذا الحل يتطلب مفاوضات مباشرة.
من هنا أقول: هذا التخوف له أساس. ولكننا نستفيد من مناطق خفض التوتر لوقف إطلاق النار ومنعه من الامتداد على الأراضي السورية، ولكن في آن واحد نحن نسرع من بدء العملية السياسية كي نجني الثمار الإيجابية لمناطق خفض التوتر، هكذا نرى الأمور.
في المستقبل، فإن الجسم الانتقالي أياً كان شكله اللاحق، هو جسم انتقالي ينفذ القرار الدولي 2254، وسيجري الاعتراف به، وهو الذي سيمثل الدولة السورية، وإن كان هو من يمثل الدولة السورية، فمعنى ذلك أن الأطراف كلها ستسلم المناطق الموجودة بها إلى الدولة السورية. ونحن – كمنصة موسكو وكجبهة التغيير والتحرير- عندما نتحدث عن استرجاع السيادة السورية فإننا نقصد بذلك خروج القوات الأجنبية جميعها من سورية، كلها ودون استثناء، وأولها القوات «الإسرائيلية» من الجولان المحتل.

معلومات إضافية

العدد رقم:
820