«المعارضة الوطنية الجذرية في أفضل أحوالها»
أجرت فضائية «الميادين» بتاريخ 19/7/2017 حواراً مع عددٍ من المعارضين السوريين، في إطار برنامج «لعبة الأمم»، للحديث حول التطورات السياسية الأخيرة، وما يخص الجولة السابعة من مفاوضات جنيف، وللوقوف عند «قضية مستقبل المعارضة السورية». نعرض من خلال المحاور التالية مجمل ردود رئيس وفد منصة موسكو مهند دليقان على الأسئلة التي وجهت له، وتعليقاته حول ما طُرح من أفكار – كانت «ملغومة» في كثير من الأحيان- خلال الحلقة.
مستقبل منصات المعارضة السورية
في بداية الحديث حول مستقبل منصات المعارضة السورية، أكد دليقان اختلاف رأيه مع ما جاء في توصيف حال المعارضة السورية والنظام السوري اليوم. قائلاً: «ما نعتقده هو أن المعارضة الوطنية الجدية التي طرحت منذ البداية التغيير الجذري الشامل الاقتصادي - الاجتماعي والسياسي، والتي دعت منذ اللحظة الأولى إلى الحوار والحل السياسي كمخرج وحيد من الأزمة، هي اليوم في أفضل أحوالها، وهي منصة موسكو، وزملاؤنا في منصة القاهرة، وبعض الشخصيات والقوى ضمن وفد الرياض التي احتكينا معها مؤخراً، ووجدنا أن هنالك أشخاص عقلانيون ويريدون الحل فعلاً».
وتابع دليقان: «من أوضاعهم سيئة اليوم، هم المتشددون الموجودون في المعارضة، وأيضاً الموجودون في النظام، والذين لطالما تخادموا خلال الأزمة السورية. بمعنى أن شعارات الحسم كانت تخدم شعارات الإسقاط، وكذلك شعارات الاسقاط تخدم شعارات الحسم، وكلاهما يخالف القرارات الدولية ويمنع الوصول إلى حل. السبب الأساسي لتخادم هؤلاء هو أنهم بالمعنى الأساسي وبالبنية الأساسية هم متوافقون؛ هم مع ليبرالية اقتصادية متوحشة، وعلاقات جيدة مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وكل ما هنالك من مؤسسات غربية. والحمد لله أننا اليوم في وضع تتراجع فيه الولايات المتحدة والمنظومة الغربية ككل. وبالتالي، نحن أمام تراجع للمتشددين داخل النظام وداخل المعارضة».
وفي رده على سؤال حول طبيعة تراجع القوى المتشددة، قال دليقان: «نلمس هذا التراجع بشكل مباشر بسقوط شعارات الحسم العسكري، وبسقوط شعارات الإسقاط. ما يجري تنفيذه اليوم، وما يجري العمل عليه هو قرار مجلس الأمن 2254، الذي يضمن انتقالاً سياسياً حقيقياً في البنية السياسية السورية، ويضمن استمرار محاربة الإرهاب حتى الإجهاز عليه، وبالتالي، وضع مصير السوريين في يد السوريين أنفسهم، أي: السماح لهم بتقرير مصيرهم، وهذا بالمحصلة انتصار للسوريين، للأغلبية الساحقة منهم الموزعة اليوم – عبثاً- بين موالاة ومعارضة في حين أنهم جميعهم منهوبون من تجار الأزمات في الطرفين».
الانتقال السياسي بالتراضي
وفي رده على سؤال حول إذا ما كانت المعارضة «تحلم» بالانتقال السياسي، شدَّد رئيس وفد منصة موسكو، أن مسألة الانتقال السياسي ليست مسألة حلم، إنما مسألة واقع، مضيفاً أنّ «الأوهام هي التي تقول بأن الوضع سيستمر كما هو. ثمة قرار دولي ينبغي تطبيقه، وهذا القرار يقول بانتقال على أساس التراضي بين الطرفين، ومنطق التراضي بين الطرفين من المعروف أنه يعني المناصفة». وتابع: «هذا يعني أننا ذاهبون باتجاه تغيير جدّي، وكل الأحاديث التي تقول أنه لن يجري تغيير، هي أوهام، اليوم يتغير الوضع الدولي ككل».
لا نفرض على أحد تغيير رأيه
وفي إطار رده على سؤال حول تقاسم السلطة، والشروط المسبقة أجاب دليقان: «المتشددون في النظام وفي المعارضة عملوا على شخصنة الأزمة السورية، لأنهم لا يريدون حلاً» مؤكداً، «نحن جديون في إرادتنا للحل، ونعتقد أن الشعب السوري يستحق تغييرات جدية بعد درب الآلام الطويل الذي قطعه، وبعد عمليات الفساد الكبرى الموجودة داخل النظام وداخل المعارضة. الشعب السوري يستحق أن يقول رأيه في القضايا جميعها، ومنذ فترة طويلة لم يسمح له بذلك».
و قال رئيس وفد منصة موسكو في كلامه حول طرح مسألة رحيل الرئيس الأسد: «هذه القضية ليست على جدول أعمال القرار 2254 وبالتالي فإن طرحها - رحيلاً أو بقاءً- قبل المفاوضات هو شرط مسبق، وهو تعطيل للمفاوضات» موضحاً: «عندما تبدأ المفاوضات فليطرح الجميع رأيهم. نحن لا نفرض على أحد تغيير رأيه، ولكن طرح هذه المسألة كشرط مسبق يخدم المتشددين...»
وحول تصريحات الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قال: : «الوزن الفعلي لفرنسا في الأزمة السورية يسعى إلى الصفر كما يقول الرياضيون» وتابع: «نحن نفهم الموقف الفرنسي الجديد على أنه خضوع لميزان القوى الدولي الجديد، إنه اقتراب من القرار 2254، واقتراب من الموقف الروسي من جهة، ومن جهة ثانية نفهمه بأنه بحث عن موطئ قدم في عملية إعادة إعمار سورية القادمة، بمعنى أنه سال لعابهم لمئات مليارات الدولارات». مؤكداً على موقف حزب الإرادة الشعبية بأنه ومنذ البداية ضد كل أشكال التدخل الخارجي، ولا يمكن أن يُغبَّر عليه في هذا الصدد.
وعند سؤاله حول رأيه بكلام منسق ما تسمى «جبهة الإنقاذ في سورية»، المدعو فهد المصري، حول كيان العدو وإمكانية التعايش معه، شدد دليقان: «نرفض أن يكون هنالك اختبارٌ لدمنا بالمعنى الوطني. الكيان الصهيوني هو عدو دائماً، وأكبر عون يقدَّم للكيان الصهيوني هو استمرار المتشددين بالقول بالحسم والإسقاط. بمعنى أن استمرار الأزمة وعدم الذهاب للحل السياسي هو الخدمة الأفضل للعدو الصهيوني».
المعارضة السورية متعددة
وفي الحديث عن وجود منصات عدة وتشتت المعارضة، وصف دليقان المعارضة السورية أنها بطبيعتها تعددية ومتنوعة، وقال: «هنالك من عقليته عقلية الحزب القائد، ولا يمكنه أن يرى أي فصيل سياسي إلا بهذا الشكل، أي: ينبغي أن يكون هنالك «بلوك» واحد حتى يستطيع أن يتفاهم معه»، مؤكداً أن المطلوب اليوم من المعارضة السورية هو «التوافق على الحد الأدنى، وأنها مضت خطوات جدية إلى الأمام بهذا المعنى، في جولات لوزان ومن ثم جنيف».
النصر حليف للشعب السوري... وفقط
وفي تعليقه على قضية وجود طرف منتصر وطرف خاسر، أكد دليقان أن «الفكرة الأساسية هنا هي: انتصار الشعب السوري في الخروج من درب الآلام الطويل الذي خاضه، وليس أخلاقياً اليوم أساساً الحديث عن انتصار لأي طرف على ملايين الجثث والمعتقلين والمفقودين وما إلى هنالك»، موضحاً أن «المسألة الأخلاقية الحقيقية اليوم هي أن نوصل الشعب السوري إلى حالة نسمح له فيها بتقرير مصيره، عبر صناديق اقتراع وغيرها من الوسائل الديمقراطية الحقيقية، وغير ذلك من الأحاديث هو كلام غير أخلاقي، لأن المتشددين وأمراء الحرب موجودون، والسوريون يعرفون تماماً أن أمراء الحرب الذين تاجروا بدمائهم موجودون في كل الأطراف، وداخل النظام وداخل المعارضة».
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 820