الممثل «الشرعي» معرقل وحيد!
مع اقتراب موعد استئناف مفاوضات جنيف، المحدد في 20 شباط الجاري، يحتد الجدل حول قضية الوفد الواحد للمعارضة السورية الذي سيحاور النظام، التي أصبحت مهمة ملحة باعتبارها الخطوة الإجرائية الوحيدة التي لم تتم حتى الآن من أجل استكمال بنية العملية التفاوضية، لدرجة قد تصبح هذه القضية عاملاً معرقلاً لاستئناف المفاوضات في موعدها، أو يكون الحل بلجوء المبعوث الدولي إلى تعيين الوفد بنفسه، مما يعني إخضاع الحل السوري إلى المزيد من التجاذبات الإقليمية والدولية، والقبول بانتقاص جديد للسيادة الوطنية المنتهكة طولاً وعرضاً خلال السنوات السابقة.
انقسمت المعارضة السورية حول هذه القضية منذ جولة جنيف السابقة، ويمكن بقليل من التدقيق والتحليل معرفة من الذي عرقل استكمال قضية الوفد الواحد، بكل ما تشكله من خطر على العملية السياسية برمتها، ومن حاول أن يلعب دور بيضة القبان، وبين من يتحلى بالجدية، والواقعية، والشعور بالمسؤولية، تجاه مصالح البلاد والعباد؛ وعلى خطوط تماس هذه المواقف، كان الإعلام المحسوب على النظام وكالعادة، يلعب لعبته المعروفة، في إطار بروباغندا عدم أهلية المعارضة، مستغلاً سلوك الطرف المتشدد في
المعارضة، بما يعكس عملية تخادم قلما نشهد لها مثيلاً بين خصمين.
تم تنصيب «الائتلاف الوطني» ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب السوري، وخارج إرادته، في ظل الانقسام الدولي والإقليمي الحاد،
وراح هذا الكيان، يتصرف على أساس هذا التكليف، إلى أن جاءت تطورات الأوضاع، وأقنعته وأقنعت رعاته، بأنه أضعف من أن يكون في هذا الموقع الذي «تسلبط» عليه، والآن، وبعد أن اعترف الائتلاف العتيد مؤخراً بوجود قوى أخرى يجب أن تمثل، وبعد فشل محاولات اللف والدوران على القرارات الدولية، وحقائق الخريطة السياسية السورية، بدأت المرحلة الثانية من «السلبطة» من خلال محاولات الاحتواء، واجراء إلحاق شكلي لقوى المعارضة الأخرى بوفد منصة الرياض، أو من خلال ما يسمى بـ «الوفد الموحد» للتحكم مجدداً بالإطار المعارض كله، والتحكم تالياً باتجاه سير العملية التفاوضية.
وإذا كانت الأوهام المستوطنة في مخيلة البعض، ما زالت تقودهم إلى إمكانية الحفاظ على موقع «الممثل الشرعي»، فإن تجربة منصة الرياض، وأسلافها، منذ ما يسمى المجلس الوطني، إلى الائتلاف، تؤكد، بأن هذا الخيار مسدود، ولم يعد يمتلك مبررات استمراره. فلا الأوزان الإقليمية والدولية كما كانت أثناء تنصيبه، ولا بنيته، ولا سلوكه العملي خلال جولات التفاوض السابقة، ولا مشروعه السياسي، أثبت جدواه، وجدارته بهذا الموقع.
تتجاهل هذه القوى، أن وظيفة جنيف الأساسية تكمن في تنفيذ القرارات الدولية، وخصوصاً القرار 2254، وبالتالي فإن كل محاولة لتسيّد المشهد المعارض، لامعنى لها، إلا البحث اليائس عن دور فئوي حزبي لاحق، على هوامش التوافقات الدولية، واستثمار لا أخلاقي في السعي الروسي للإسراع في انطلاق قطار التفاوض، وتجاهل سافر لجراح الشعب السوري، وآلامه المتراكمة على مدى سنوات الأزمة.
نختصر ونقول: إن تمثيلاً متوازناً للمنصات كلها، المنصوص عليه في القرارات الدولية، ومراعاة الإطار التعددي لقوى المعارضة، وتشكيل وفد متوازن واحد وليس موحد، وإجراء مفاوضات مباشرة بين النظام والمعارضة، هي حزمة متكاملة من الإجراءات الواجب توفرها لنجاح مفاوضات جنيف، وكل ما عدا ذلك لايخدم ارادة الشعب السوري بانتهاء الازمة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 797